كمال زاخر
نعيش تداعيات جملة اعتراضية ممتدة انتجها تداخل الطموحات الذاتية وارتباكات الانقطاع المعرفى الذى حدث بشكل عام بهجرة اليونانية الى القبطية (لغة العوام) بعد صخب وجدل وصراع خلقيدونية - القرن الخامس - على قاعدة سياسية وثقافية وذاتية طالت كل الأطراف.
ثم هجرة القبطية الى العربية جبراً فى القرن العاشر. وقد تأثرنا فى الأخيرة بطرق تفكير وحياة اصحابها. ودخلنا معها نفق طال، ولم نخرج منه بعد.
ثم جاء اعتمادنا على الرهبان فى ادارة وحكم الكنيسة ليؤكد الفردية والذاتية، بعيداً عن تقييم الرهبنة والتى كان لها دورها فى دعم الكنيسة وحماية الايمان وتوثيقه فى آلاف المخطوطات وسير قديسيها.
فالمعاصرون منهم فى غالبيتهم تشكلت رهبنتهم القائمة على سعيهم الشخصى لخلاص انفسهم فرادى، فى احسن الأحوال، فما بالنا بمن قصد الرهبنة هروبا من أزمة أو عدم تحقق أو تخطيطا لمكاسب ما.
وهو اختيار، بعيداً عن البناء الروحى الذى غاب فى عقودنا الاخيرة بغياب وموت نسق التلمذة، يعمق الذاتية، التى تلازم صاحبها خارج اسوار الدير، وتتفاقم مع السلطة المطلقة، وتيقن امتلاك الحقيقة المطلقة باعتبارهم الفرقة الناجية بحسب الثقافة السائدة.
وعندما وضعوا اياديهم على مقاليد ادارة الكنيسة فى النصف الأخير للقرن المنصرم أخلوا الساحة حولهم من الجناح المدنى الأكثر ادراكا لادارة الأمور المادية بحكم تعدد اختصاصاتهم.
وهو الأمر الذى ادركه الاباء الرسل، والكنيسة الأولى، فأسندوا خدمة الموائد لأناس من المؤمنين، ليتفرغوا هم - الرسل - لخدمة الكلمة. وتتوازن الكنيسة.
عند هذا النموذج مفتاح خروجنا من النفق.