إعداد/ ماجد كامل
تأثر الدكتور طه حسين بالأدب والفكر الفرنسي تأثرا كبيرا ظهر في معظم كتاباته ، ومن المعروف أن طه حسين حصل علي الدكتوراة من جامعة مونبلييه في فرنسا ، وهناك تتلمذ علي يد عالم الاجتماع الفرنسي الشهير إميل دوركايم Emile Durkeim ( 1858- 1917 ) . كما تزوج من فتاة فرنسية تدعي "سوزان بريسو " والتي وصفها طه حسين بقوله " من دونك أشعر فعلا بأني ضرير ، لأني معك قادر علي استشعار كل شيء وعلي الاختلاط بالأشياء التي تحيط بي " " ولقد وصفت في كتب الأدب العربي " عيون طه حسين " . ولقد ظل مداوما علي زيارة فرنسا كل عام . ولقد تأثر في فكره بالمفكر الفرنسي الشهير رينيه ديكارت Rene Descartes ( 1569- 1650 ) . وفلسفته في الشك المنهجي والذي حاول تطبيقه علي الأدب العربي . وسوف نحاول في هذه المقالة عرض إطلالة سريعة علي بعض كتاباته عن الأدب الفرنسي والأدباء الفرنسيين من خلال بعض القراءات العشوائية لبعض كتبه . ففي كتاب " ألوان " نجد مقالا عن الأديب الفرنسي بول فاليري Paul Valery ( 1871- 1945 ) الذي يلقبه الفرنسيون " شاعر العقل " . ومقال آخر بعنوان " صور من المرأة في قصص فولتير Voltaire ( 1694- 1778 ) " الذي فتن به كثيرا كما أعلن ذلك في العديد من كتبه وأحاديثه الصحفية .كما كتب مقالا بعنوان " قصة فيلسوف عاشق ، تناول فيه السيرة الذاتية للمفكر الفرنسي المعروف " اوجست كونت " Auguste Comte ( 1798- 1857 ) مؤسس المذهب الوضعي في الفلسفة الفرنسية ومؤسس علم الإجتماع الحديث . وفي نفس الكتاب ، كتب سلسلة مقالات بعنوان " في الأدب الفرنسي ، المقال الأول بعنوان "جان بول سارتر والسينما " Jean Paul Sater ( 1905- 1980 ) . والمقال الثاني عرض رواية الوباء للكاتب الفرنسي البير كامو Albert Cames ( 1913- 1960 )
وفي كتاب " فصول في الأدب والنقد ، كتب فصلا عن " يوميات أندريه جيد Andre Gide ( 1869- 1951 ) . ومقال آخر بعنوان " قصة المجمع اللغوي " وهو عن المجمع الفرنسي الذي أنِشأه الكادرينال ريشييلو Richeleu ( 1585- 1642 ) . عام 1635 ، ومقال آخر بعنوان " أسبوع جول رومان " Jules Romains ( 1885- 1972 ) . وكتب أيضا مقالا بعنوان " حول قصيدة " تناول فيه قصيدة للشاعر بول فاليري بعنوان " المقبرة البحرية " .
وفي كتاب "لحظات " عرض لبعض الأعمال الأدبية لبعض الأدباء الفرنسيين ، كذلك في كتابي "من أدب التمثيل الغربي " .و" من هناك " . كما كتب عن الممثلة الفرنسية سارة برنار Sarah Bernhardt ( 1844- 1923 ) ، والتي تصادف أن توفت في نفس توقيت زيارة طه حسين لباريس ، ودهش عندما شاهد جنازتها ومدي تقدير الفرنسسين لفنها الراقي ، فتعجب وقال " كنت أسال نفسي ، متي يتاح لمصر نابغة كسارة برنار ، أو علي أقل تقدير متي يبلغ أهل مصر من الرقي العلمي والخلقي ما يمكنهم من أن يقدروا نابغة كسارة برنار ؟ . ( من بعيد :- صفحة 18 ) .
ولقد سجل الأب كمال قلته ( المطران يوحنا قلته فيما بعد ) ( 1937- 2022 ) رسالة دكتوراة بعنوان " الأدب الفرنسي في طه حسين'>كتابات طه حسين " حيث يعتقد أن طه حسين قد تأثر بجان جاك روسو Jean Jaques Rousseau ( 1712- 1778 ) في كتاب " الأيام " بكتاب " الاعترافات " كما تأثر في كتاب " علي هامش السيرة بالكاتب الفرنسي شاتوبريان Francois Rene de Chateaubriand ( 1768- 1848 ) في كتابه "عبقرية المسيحية " . كما تأثر بالناقد الفرنسي " سانت بيفCharles Saint Beuve ( 1804- 1869 ) ، عندما كتب "حديث الأربعاء " .
ولقد كتب طه حسين العديد من المقالات باللغة الفرنسية ، اهتم الدكتور عبد الرشيد الصادق امحمودى بترجمتها إلي اللغة العربية ، وتم نشرها ضمن مطبوعات المركز القومي للترجمة بعنوان " من الشاطيء الآخر – طه حسين'>كتابات طه حسين الفرنسية ، الكتاب رقم ( 1189 ) ، ونشر عام 2008 .
كما كتب مقالة بعنوان " التعاون بين مصر وفرنسا ، نشرت في أحدى الدوريات الفرنسية في 19 يوليو 1946 ، وأعيد نشرها في الكتاب السابق ذكره ، حيث أكد فيه أهمية التعاون بين فرنسا ومصر ،وما يجلبه من خير مادى ومعنوي وفكرى ، فالخير المادى يشهد عليه قناة السويس والدلتا والرى في مصر ، والخير المعنوى يتمثل في تعرف الشرق العربى علي الحضارة الغربية بعد أربعة أو خمس قرون من السبات . والخير الفكرى بدأ مع نشأة علم المصريات ، وكان شامبوليون ومارييت وماسبيرو واكتشاف مصر الفرعونية والعصر الهلينى ( صفحة 202 من الكتاب السابق ذكره )
ولقد كانت للدكتور طه حسين جهود كبيرة في مجال الترجمة عن الفرنسية بدأت عام 1914 ، ،إذ قام بترجمة كتاب " الواجب " للفيلسوف الفرنسي جول سيمونJules Simon ( 1814- 1896 ) ، بالتعاون مع مترجم آخر يدعي " محمد رمضان " ( للأسف الشديد لا توجد أي معلومات عنه ) .ولقد كتب الشيخ مصطفي عبد الرازق ( 1885- 1947 ) تعقيببا علي الكتاب ، وصدرت له أخيرا طبعة حديثة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، وقام الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق بكتابة مقدمة الكتاب .
كما قام بترجمة كتاب " روح التربية " للفيلسوف الفرنسي جوستاف لوبون ،Gustav Le Bon ( 1841- 1931 ) كما ترجم قصص فرنسية لمجموعة من اشهر الكتاب الفرنسيين ، وذلك خلال عام 1924 .
وفي عام 1935 ، قام بترجمة مسرحية " أندروماك " للشاعر راسين Jean Rcin ( 1639- 1699 ) وفي عام 1956 ، ترجم كتاب " من الأساطير اليونانية " للأديب الفرنسي أندريه جيد ، . وفي عام 1955 ترجم مسرحية "زاديج أو القدر " للفيلسوف الفرنسي فولتير .
ولقد دعا طه حسين في كتابه " مستقبل الثقافة في مصر " إلي ضرورة الاهتمام بتعلم اللغات الاجنبية ، كما دعا إلي ضرورة الاهتمام بالترجمة حيث قال " لا أقل من أن ننشيء مكتبا للترجمة علي ان يكون عمله منوعا بعض الشيء ، فينهض بنقل الآثار الأدبية والعلمية والفلسفية الخالدة التي أصبحت تراثا للإنسانية كلها والتي لا يجوز للغة حية أن تخلو منها ..... ولا ينبغي ان نشفق من قلة القارئين ، فإن القارئين سيكثرون وهم يكثرون من يوم إلي يوم ..... ثم يترجم هذا المكتب الآثار الثقافية الوسطي التي تتجه إلي عامة المثقفين علي اختلافهم وتنوعهم وتباين حظوظهم من الثقافة . وواضح جدا أن هذا المكتب لن يستطيع أن ينهض بهذه الاعباء الثقال .... فلابد من تشجيع المترجمين وإغرائهم بالمال . ومهما تبذل وزارة المعارف في ذلك فلن تندم عليه لأنه سيغني اللغة ويحيها وسيغذي العقل المصري وينميه ،وسينشر الثقافة ويذيعها ( طه حسين : مستقبل الثقافة في مصر ، دراسة وتقديم أحمد زكريا الشلق ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، صفحتي 371 و372 ) .
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-قراءات متنوعة من بعض كتب ومقالات الدكتور طه حسين .