Oliverكتبها
- كل العالم تم شراءه بدم المسيح .لأن محبة الآب كانت تكلفتها موت الإبن.بموته اشترانا و دفع الديون عنا.فعلمنا كم هو مكلف هذا الحب الإلهي.نحن أخذنا حبه مجانا أما هو فإقتناه بتكلفة رهيبة إذ من أجل حبه قبل الموت للمصالحة.فكانت أعظم تكلفة و هي الموت حباً.

- نحن مثل الله.لا يمكن أن نحب بغير تكلفة.فليس لمحبة اللسان قيمة بل للأفعال وحدها برهان المحبة المقنع.شركة المحبة الإلهية لا تنفصل عن شركة الآلام.فمن يقدر علي تكلفة الحب يأخذ بقية الفضائل مجاناً.لأنه متي إنسكب روح المحبة فى الإنسان فإنه يأتي بثمر كثير من صفات الله لنا.كل تكلفة للحب ما هي إلا ومضة تختفي قدام محبة الله اللانهائية.

-قد تكون تكلفة الحب موتاً كما صار لشهداءه القديسين منذ هابيل و إلي آخر الدهور.فيصبح تبادل الحب بتبادل الموت.هكذا صار للمعمدان و تلاميذ الرب يسوع و هكذا يصير منذ الكنيسة الأولي و من جيل إلي جيل.فمن يقدر علي هذه المماثلة لحب المسيح يجد نفسه غالباً علي عرشه و يبق متحداً بهيكل السماء و مذبحها و ذبيحها  الذى هو المسيح رب المجد.

-ربما تكون تكلفة المحبة هي إحتمال الظلم.هذا ما لم يمنعه الرب حتي عن أمه البتول فظن فيها الناس ظنونهم الشريرة و ظل السيف يجوز فيها حتي وصل بتمامه عند الجلجثة.مثلما ظلم إبنها فتذلل و لم يفتح فاه.كثيرون من القديسين و القديسات دفعوا تكلفة الحب بإحتمال الظلم.حتي إتهموا القديسة مارينا بأنها رجل زاني.و كذلك فعلوا بقديسين بتوليين كثر فإحتملوا الظلم حتي بانت محبتهم للملك المسيح و للناس أيضاً.حين تكون الإتهامات من غير حساب يكثر الظلم.حين القضاء لا يخش الله يصبح قاتلاً و ضحاياه أبرياء.كم من مدانين كل تهمتهم أنهم أحبوا المسيح. كم من المنفيين حرموا من أوطانهم بسبب الظلم مثلما نفي يوحنا الحبيب إلي بطمس.

- و قد تكون تكلفة الحب تجرداً من كل شيء أقرب للموت منه إلي الحياة.هكذا كان الثمن الذى أنفقه أبونا إبراهيم من قلبه.فأطاع و تغرب تاركاً كل شيء و هذا فعله القديس أنطونيوس و كل النساك و العباد و ساكنو البراري من أجل عظم محبتهم للملك المسيح .هكذا فعلت المرأة التي وضعت الفلسين فقد كانت تضع حياتها في الصندوق عالمة أن الذى أخذهما هو قادر أن يحييها.كما فعلت أرملة صرفة صيدا و خبزت الفطيرة الأخيرة لإيليا النبي مفضلة حياته عن حياتها و حياة إبنها فنالت البركة التي لا تفرغ.هكذا باعت المرأة ساكبة الطيب كل شيء و اشترت طيباً لتكفين المخلص و تحملت قساوة يهوذا و تعنيفه لأنها بددت فرصته للسرقة.

-كما كانت تكلفة محبة المسيح هي جرحه في بيت أحباءه أكثر التكاليف مرارة. خاصته رفضته.البنين الذي رباهم رفعوا عليه عقبهم. هذه هي جراح المسيح في أجساد أحباءه. كان أولاد يعقوب أب الآباء أصل أوجاعه بحقدهم علي يوسف أخيهم و كذبهم علي أبيهم.هذا ما عاناه أيوب البار من زوجته و داود النبي من ميكال زوجته.هذا ما عانته الكنيسة ممن ولدتهم فإنشقوا علي الإيمان بهرطقاتهم جاحدين محبة الأم و الأب.هذا ما يواجهه الذين قبلوا المسيح دون اسرهم فصارت عائلاتهم تبحث عن قتلهم كالمجرمين.هؤلاء مجروحون من أقرب الناس إليهم.هذا أيضاً ما يعانيه الآباء من عقوق بنيهم.المتزوجين من خيانة بعضهم.تكلفة المحبة أصعب حين تأتي من صديق كان ألزق من الأخ كما كان يهوذا الخائن.

- الذى يجعل تكلفة المحبة ممكنة هو الثقة في محبة الله المجانية. أما محبتنا فمهما دفعنا من تكلفة لها فهي لا تساوي شيئاً قدام موت ربنا يسوع.لذلك يحمل المحبون صلبانهم بالشكر و يفرحون في ضيقاتهم و يسبحون في آلامهم حتي في الأتون.المحبة سهلة لمن يبصر حامل خطايا العالم كله قدامه.سهلة لمن يغفر و يتضع.المحبة هي رباط الكمال و سر الفرح .تبدو تكلفتها  صعبة لمن لم يحب بعد.لمن يراها من الخارج لكن ما أن تدخلها إلا و تجد نفسك محمولاً بها إلي جميع الفضائل حتي قلب الله ذاته.

-تكلفة الحب قد تكون إرادية.كما فعلت العذراء القديسة مريم و نذرت بتوليتها لمخلصنا الصالح. كما فعل الذين باعوا كل ما لهم و تبعوا السيد,تركوا الشباك و تبعوه.كما فعل الذين أبغضوا ذواتهم من أجل ذات الرب.الذين وثقوا في أنه يعوض و يجازي و يبارك.و قد يتكلف الحب ثمناً إجبارياً كالشهداء و كما قدم أبراهيم إبنه مجبراً من محبته فقط التي تجلت في طاعته للسيد الرب و تجلت أيضاً في طاعة إسحق الذى قبل الموت بإرادته.كاد أبوه أن يذبحه و هو راض بالتكلفة حتي الموت.لولا أن الرب إكتفي بهذا الإمتحان المؤلم.نال أب الآباء قسماً إلهياً و وعداً لا ينحسر أنه من نسله  من إسحق يأتي المسيح الذى فيه تتبارك كل قبائل الأرض.و تباركنا كلنا بمحبة مكلفة.لندفع بسرور التكلفة من أجسادنا بالصوم و الصلاة و السهر و من نفوسنا بالصبر و الإحتمال و من أرواحنا بالتأمل و تذوق الملكوت فالإنسان كله يدفع تكلفة الحب لذلك سيتبارك الإنسان كله في الأبدية بجسده و نفسه و روحه.و يزيد عليه المجد.

 -المحبة أبدية لكن تكلفة المحبة مؤقتة.لا تدوم إلي الأبد.هي فقط تأخذنا إلي داخل الحجال.هي إتفاق مشيئتنا مع مشيئة الله.هي تبعية للمصلوب من غير تذمر.هي صبر القديسين.هي آلام العالم الوقتية سواء في الصحة أو في الرزق أو في المجتمع.هذه كلها كلا شيء بالقياس إلي محبة المسيح.فلا تستصعب التكلفة فلا محبة من غير تكلفة.فإن وجدت تكلفتها ضئيلة فإصنع لها تكلفة إضافية من أجل المحبة.إبحث عن آلام الآخرين و شاركهم.عن حاجات الآخرين و زد سخاءك.إبحث عن المتروكين و إجعل قلبك و بيتك فندقاً للسامري الصالح.هكذا تعرف أين تنفق الدينارين.تكلفة المحبة هي ثمن الطيب الذي تسكبه علي رأس السيد.فإذهب للمحتاجين و المساكين و المرضى و الضعفاء و اشترِ زيتاً فهؤلاء وحدهم الباعة لمن يريد أن يدفع تكلفة الحب فيحب لا بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق.