مجدي جورج
كتبت بوست علي الفيس بوك يطالب بمعايير عصرية حديثة وصارمة لاختيار الاساقفة في عصرنا هذا من علم ولاهوت وحكمة واتساع افق ، وقد لاقي البوست استحسان البعض ولكن الغالبية اعترضت قائلة ان السيد المسيح اختار جهلاء العالم ليغزو بهم الحكماء .
وهنا احب ان اقول واوضح الاتي :-
اولا اظن ان الاية القائلة (اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ) وانا هنا لست عالم لاهوت ولا ادعي معرفتي القوية بالكتاب المقدس ولكني اظن ان هذه الاية اما مقتطعة من سياقها او فهمت خطا لان المسيح والكتاب المقدس كله يمدح الحكمة والحكماء ويذم الجهل وافعال الجهلاء فلا اظنه سيتراجع هنا وياتي بالعكس .
ثانيا ان تلاميذ السيد المسيح لم يكونوا جهلاء فهم ابناء عصرهم وابناء بيئتهم تحت الحكم الروماني حيث لم يكن التعليم منتشر بل كان مقتصر علي بعض التعليم الديني تقريبا ومع ذلك منهم الطبيب مثل لوقا ومنهم الدارس الغيور علي ايمانه اليهودي سابقا مثل بولس ومنهم جابي الضرائب ( مثل مامور الضرائب الان ) مثل متي العشار .
ثالثا وظيفة الاسقف زمان كانت سهلة بسيطة حيث المجتمع بسيط ومهام الاسقف بسيطة وعدد الشعب وعدد الكنائس والكهنة واوجه الرعاية بسيطة بينما الان مهام الاسقف تعددت جدا جدا فقد تصبح الاسقف بمثابة ( وضع تحت بمثابة الف خط ):
1- وزير للادارة وللحكم المحلي فتحت امرته مساحة ضخمه تصل لمساحة محافظة بها ملايين السكان احيانا وبها مئات الكنائس والالاف الكهنة يجب ان ينسق بين هذا وذاك ويتابع ذاك وتلك ويضع الكاهن المناسب والخادم المناسب في المكان المناسب وان يفصل بين اماكن هذا الكاهن وذاك حتي لا تحدث مشاحنات في الخدمة وما اكثرها .
2- وزيرا للمالية والاقتصاد والرعاية الاجتماعية والاحوال الشخصية لان تحت يده اموال اوقاف واموال تبرعات ونذور ولابد ان يكون واعي وداري ودارس لكل كبيرة وصغيرة ويعرف ان يوازن بين مداخيله ونفقات ايبارشيته ويبعد عن الإنفاق علي ما لا يجوز ، ويزيد من الانفاق علي الفقراء والمحتاجين واخوة الرب ومشاريع تنمية الخدمة والرعاية لفقراء المسيحيين ، بالاضافة طبعا لملف الاحوال الشخصية وقضايا الاسرة والانفصال والطلاق والزواج وغيرها .
3- وزيرا للاثار حيث توجد كنائس واديرة اثرية كثيرة تحت اشراف الاساقفة بعضهم لا يعرف كيفية التعامل معها وبعضهم يقوم بعمليات ترميم داخلها تفقدها تاريخها وبعضهم يضع كافتريات ومعارض داخلها وبعضهم يقوم احيانا باقامة تماثيل للقديسين لا تتناسب مع شكل الدير ثم يتراجعون عنها ويهدمونها .
4- وزيرا للداخلية والامن لانه يتعامل مع الدولة في امور ومواضيع شائكة مثل خطف القاصرات والسيدات ومثل التعنت مع الاقباط من بعض المتطرفين ومن بعض الجهات وايضا في مواضيع بناء الكنائس وايضا في تعرض الكنائس وبيوت للاقباط للاعتداءات من المتطرفين .
5- وزيرا للشئون الخارجية وخصوصا اساقفة الخارج فالعلاقات مع الدول والمجتمعات التي يعيشون فيها تستلزم ان يكون الاسقف ملم تماما بلغة هذه البلد وان يكون دبلوماسي وحكيم في تصرفاته ، واساقفة الداخل ايضا يجب ان يكونوا كذلك وذلك لانهم يتواصلون مع المشايخ ومن قسس وخدام الطوائف الاخري .
هذا جزء من مهام الاسقف ولو اردنا تعداد مهام الاسقف الان لربما احتجنا الي مقالات عدة ولذا يجب ان يكون الاسقف متصف بصفات عدة اهمها حازم وحازق وماهر وادارجي وملم بالشئون المالية والاقتصادية والاجتماعية وله صبر وطول اناة وغيرها الكثير والكثير وبما ان التعليم والدراسات العلمية واللاهوتية توسع الافق الي حد كبير لذا يستحسن بل ويجي ان يكون الاسقف حاصل علي مؤهل عالي علي الاقل .
رابعا من يقول ان الاساقفة والبطاركة زمان وخاصة البابا كيرلس قادوا الكنيسة علي احسن ما يكون نقول لهم ان زمانهم غير زماننا وان البابا كيرلس كانت له موهبة ساعدته علي السيطرة علي الاوضاع وهذا زمن ولي .
خامسا راينا جميعا الاوضاع التي واجهتها الكنيسة في سبعينات القرن الماضي وكيف اراد السادات فرض قوانين الشريعة الاسلامية في مصر وكيف وقف قداسة البابا شنودة له وانقذ مصر عموما ومسيحييها خصوصا فلو لم يكن البابا من الاساقفة الحازمين المتعلمين المتحدثين والذي يتحدث اكثر من لغة وله تواصل وعلاقات مع قادة العالم لما استطاع ان يكون بطرك قوي يواجه رئيس الدولة .
سادسا الاسقف سابقا كان متزوج كما قال الكتاب (فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِيًا، عَاقِلًا، مُحْتَشِمًا، مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ) وكانت المغريات بسيطة جدا ولكن الان المغريات زادت جدا جدا والاساقفة اصبحوا غير متزوجين وهذا مشكل اخر يتطلب اناس لهم قدرة علي التحكم في انفسهم ورغباتهم ومواجهة اغراءات الشيطان ، طبعا بالاضافة الي اغراء المال الذي تحت ايديهم والسلطة التي يملكونها والتي يساعدهم
عامة الشعب للاسف علي تعزيزها اكثر واكثر ، كل هذه المغريات تتطلب اناس لهم قدرات وصفات خاصة .
سابعا لاشك ان هناك اساقفة يزرعون الشقاق والفرقة بينهم وبين بعض احيانا فهناك غيرة احيانا غير مقدسة بين بعض الاساقفة وشاهدنا كلنا كيف ان اسقف اسيوط الانبا مكاريوس اسقف المنيا بانه سبب المشاكل هناك ( القي اللوم علي المجني عليه وليس علي الجناة الذين يعتدون علي الاقباط )
وهناك غيرة ايضا من بعض الاساقفة علي بعض الكهنة الناجحين في خدمتهم . ليست الغيرة فقط بل التعالي علي الشعب واحيانا التعامل بعنف وتعالي مع الشعب .
كون بعضهم فرق واشياع وشكلوا مجموعات تناكف في قداسة البابا وتعترض علي توجهاته وقرارته فهل هذا يليق ؟
اخيرا اظن لو جاء المسيح الان فسيختار اساقفة وفق متطلبات العصر تستطيع ان تخدم رعيته بكل ابوة وامانة وحب واخلاص ، اساقفة متعلمين طويلي الاناة ولديهم حكمة وصبر .
مجدي جورج