محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الكاهن اللبناني هادي زغيب الذي أكد أن الحرب والعنف اللذين تشهدهما اليوم بلاد الأرز لم يتمكنا من القضاء على روح التعاضد والضيافة الذي يميز الجماعات اللبنانية، على الرغم من الاختلافات في الانتماءات الدينية، وتحدث عن محاولات للشهادة للمحبة من خلال الالتزام في الاعتناء بالآخر.
قال الأب زغيب إن معظم المواطنين اللبنانيين الذين نزحوا عن مناطقهم بسبب القصف الإسرائيلي هم من المسلمين وغالباً ما يجدون مأوى لهم في البلدات المسيحية، وبهذه الطريقة يسعى المسيحيون إلى الشهادة للمحبة، مقدمين علامة جميلة وسط الزمن الصعب الذي يعيشه لبنان.
في كلمات مفعمة بالأمل، مع أنها لا تخلو من القلق، قال الكاهن الماروني إنه توجد في لبنان ثماني عشرة طائفة مختلفة، وهذا يجعل لبنان كفسيفساء، وكرسالة من التعايش والسلام، كما قال عنه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. مع ذلك لم يُخف الأب زغيب وجود توترات في بعض المناطق اللبنانية وذلك نظراً للاختلافات، لاسيما على الصعيد السياسي، لكنه لفت إلى أن المواطنين المسيحيين عرفوا كيف يتخطون هذه الاختلافات، وهم يسعون إلى عيش الأخوة تجاه الأشخاص المتألمين نتيجة الصراع المسلح والفقر والأزمات الاجتماعية.
بعدها تطرق إلى روح الحوار بين الأديان الذي يُبنى يوماً بعد يوم في لبنان، مذكراً بأن مجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي التأم مع بداية الحرب، ناقش القضايا الإنسانية الملحة وتباحث في سبل دعم العائلات. وتوقف أيضا عند القمة المسيحية الإسلامية التي عُقدت منذ بضعة أسابيع في مقر البطريركية المارونية في بكركي بحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وبطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، والروم الملكيين يوسف عبسي، بالإضافة طبعاً إلى عدد من القادة الروحيين المسلمين. وطالب الحاضرون منظمة الأمم المتحدة بالعمل على وقف المجزرة، مشددين على ضرورة تحمل المسؤوليات الخلقية والروحية الوطنية. وسلط الأب زغيب الضوء أيضا على النشاط والعمل الدؤوب الذي تقوم به منظمات وجمعيات خيرية مسيحية، شأن رابطة كاريتاس لبنان، الملتزمة في المرافقة النفسية والاجتماعية وفي الإصغاء إلى الأشخاص المتضررين جسدياً ونفسياً بسبب الحرب الدائرة.
لم تخل كلمات الكاهن الماروني من الحديث عن أزمة المهجرين في لبنان، وقال إن العدد يصل إلى مليون شخص تقريباً أجبروا على ترك ديارهم لاسيما في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب البلاد وسهل البقاع حيث تتركز الغارات الإسرائيلية. وقال إن المدارس الكاثوليكية، والأديرة والرعايا فتحت أبوابها لهؤلاء الأشخاص، وعلى الرغم من ذلك ما يزال يوجد العديد من المهجرين الذين يقيمون في العراء، في الساحات والشوارع، ومما لا شك فيه أنهم سيعانون من الصعوبات مع حلول فصل الشتاء. وهناك أيضا ضحايا الحرب الذين يُقدر عددهم بألفين وسبعمائة، بالإضافة إلى حوالي اثني عشر ألف وستمائة جريح، بينهم العديد من الصحفيين.
في الختام قال الأب هادي زغيب إن لبنان يشبه اليوم الأعمى برتيماوس الذي حدثنا عنه إنجيل الأحد الماضي، إنه لا يستطيع أن يرى ماذا يجري من حوله، وهو يبيت في الشارع، لكنه بقي متمسكاً بالأمل وأطلق صرخة تنبع من القلب، وتساعد على تخطي الصعوبات والنمو بصلابة على غرار أرز لبنان.