Oliver كتبها
الله روح.أحبنا و منحنا روحاُ لكي نشبهه.أخذ من تراب الأرض و منحنا جسداً ثم نفخ فينا من روحه فصارت فينا روح إنسانية و صرنا كائنات حية.لم يوجد قبلنا كائنات إلا الملائكة و هى أيضاً أرواح تمجد الله و تخدمنا.
 
عجيب هذا الإنسان البسيط فهو يحيا كل العمر لا يعرف روحه.يتحرك بها و يتنفس و يحيا دون أن يراها و لو مرة.لكنه لا يستطيع أن ينكرها بل هو على يقين أنها موجودة.جعلها الله داخلنا لكي نؤمن بوجود الله الذى لا نراه.لأننا نؤمن بوجود أرواحنا و نحن لا نراها.كل الإنسان في روحه و الروح فى كل الإنسان.
 
الروح أعظم لأنها من فوق.كل ما هو من فوق أعظم.لذلك حين تجسد إبن الله على الأرض متخلياً قال أبي (الذى فى السماوات) هو أعظم منى.لكن لما صعد إبن الله مجدداً إلى السماء عاد إلى ذات المجد و العظمة كما للآب مع أنه لم يفقد المساواة مع الآب لحظة واحدة و لا طرفة عين  .قال إبن الله عن المعمدان.أنه أعظم مواليد النساء لكن (الأصغر) في ملكوت الله أعظم منه.لأن كل من هو فوق أعظم ممن هو تحت على الأرض.أيضاً روح الإنسان أعظم من جسده لأنها من فوق
 
.متى عادت إلى مصدرها تسترد مجدها فما هو مجد الروح.
 
الروح أعظم قوة من الجسد.الجسد يموت و الروح لا تموت.بالروح نرى ما لا يراه  الجسد.نفهم و نؤمن بما يفوق العقل.نتلامس مع الأرواح البارة التى لا يلمسها الجسد.نعيش أفراحاً روحية سمائية.و أشواق الروح تجذبها إلى الله القدوس واهبها و مصدرها. الروح تسمع كلمة الله فى الإنجيل و ما يقوله روح الله  للكنائس.الروح تشتاق للسماء و لأنها من فوق تحن إلى  فوق.ليست كالجسد الذى يأخذنا إلى أسفل.لكن الذى ينقاد بالروح  القدس يتقدس نفسا و جسدا و روحاً.إنما الروح أعظم.
 
قوة الروح ليست كقوة الجسد أبداً.الجسد بالنسبة لقوة الروح كورقة الشجر قدام الريح.لذلك تتحرر الروح حين تفارق الجسد. بقوة تنطلق إلى فوق. إلى منبعها تنجذب.تدخل العلو الذى منه جاءت. وسط الأرواح تجد راحتها.تعيش قوتها خارج حدود الجسد.ليست منحصرة بعد و لا مقيدة بإرادة ضعيفة أو معرفة ضحلة عن صفاتها و قدراتها. 
 
بعد القيامة الأخيرة لن يصلح أن روح الإنسان التى تحررت تسكن من جديد جسداً ضعيفاً ضيقاً قليل القدرات ضحل المعرفة.لذلك سيهب السيد الرب عبيده الأتقياء الجسد اللائق لسكني الروح فيه بغير قيود.سيمنح  أجسادنا ما يتلائم مع قوة أرواحنا.سيصير فى الجسد الجديد إرادة لا تحد من حرية الروح.معرفة لا تحصر قدرات الروح.إستنارة لا تعيق معرفة الروح.فيتبادل الجسد الممجد ما للروح التى فيه من طاقات.أهم ما للجسد السماوى من صفات أنه جسد يشارك الروح كل إهتماماتها بدون أن ينقص عنها فى شيء كما يفعل الجسد الأرضى. الروح الإنسانية ستعيش متعتها التى لم تعيشها كما أرادت على الأرض و بالجسد السماوى سنصير واحداً.الروح لا تشتهي ضد الجسد بل تتحد شهوة الروح و الجسد في الإنسان الكامل .وحدة كاملة بنفس الحب بنفس الفرح بنفس المجد. الجسد لا يعيق روحه بل يتسع لكل إهتمام الروح بغير صراع.
 
روح المؤمن حين تفارقه تذهب إلى الفردوس موطن الأرواح المؤقت.هناك تتغذى الأرواح بكل ما هو سماوى.تعوض عن كل ما حجبه عنها كثافة الجسد ثم لما تعود إلى الجسد ستعود بهذه الذخيرة الروحية التي ظلت تنهل منها وقت الإنتظار,هذه النفس العائدة من النعيم تأتى و تسترد الجسد مسكنها و هى مملوءة بهذا الغمر الإلهى..حاملة معها و فيها انوار و أفراح و أمجاد ترجع الى الجسد و تشبع معه بغير الموصوف.الروح القدس الذى نلناه في المعمودية لا يفارقنا.لأنه يبقي متحداً بروح الإنسان البار فى الفردوس و متى حان أوان المجد يعود إلى الجسد روحان.الروح القدس و الروح الإنسانية و هى في قمة النشوة بعودة الجسد و بدء المجد الأبدي.ستعود للجسد منتعشة مبتهجة ممتلئة بعمل النعمة.و ستكون عودة مبهجة للجسد .لتبدأ أفراح زمن المكافأة .
 
 
أما عودة الأرواح غير البارة إلى أجسادها فهي عودة مؤلمة للغاية لأن تلك الأرواح عائدة من عالم مظلم مزعج.موت الأرواح يحدث حين يفارقها الروح القدس.فتعود بعد قضاء إنتظارها فى الجحيم إلى الجسد خائبة يائسة منزوعة الرجاء .عودة الروح إلى الجسد بالنسبة لأولئك ستكون صعبة و شاقة و مخيفة كأنها سكني روح شرير.و أما تلك الأجساد الشريرة فإنها لن تفني بسبب العذاب الأبدي بل كما النار التى لا تطفئ هكذا تبقي الأجساد الشريرة وكما الدود الذى لا يموت هكذا لا تفني  تلك الأجساد .الروح فيها تتعذب و تعذب الجسد  معها.الرب ينجي شعبه و كل نفس من ذاك المصير.
 
نحن لا نعرف ملامح الروح.كانت على الأرض آخذة شكل الجسد.أما فى السماء فستأخذ سمات الروح القدس.ستقول كل روح بارة مثلما قال يوحنا الحبيب (صرت في الروح) أى صارت روح الإنسان فيما لروح الله بالكمال ,كل ما لروح الله سيصير لروح الإنسان ما عدا الألوهية و ما يخصها.ستكون اروح الإنسان مرصعة بثمار الروح القدس و مزينة بالفضائل,بقدر جهاد الإنسان على الأرض ستنطلق الروح فى الأبدية.تتنقل بين دوائر المجد حسب ثبات الإنسان فى المسيح يسوع.لن تكون مقيدة في شيء لكن كما طلب إليشع أن تتصادق روحه مع روح إيليا 2مل2:  9 هكذا ستتصادق أرواحنا  مع من يشابهونها في المجد و المعرفة و القدرات و لن تتوقف عن النمو فى الأبدية بعمل النعمة الإلهية حتي تستطيع أن تترقي من مجد إلى مجد.لكن الحلو فى الأبدية أن النمو الروحى بلا عوائق بلا حروب بلا تعب حتى أنه بلا جهاد .فقط بقدر ما نستقبل من عمل الروح الإلهى ننمو فى السمائيات هكذا بلا حدود بلا قيود بلا شروط.نحيا كالملائكة.إن الإنسان السماوى سيتربي سماوياً كطفل ينمو شيئا فشيئاً عند الله.