( بقلم / أشرف ونيس ) .
إنها ليست كلمة منفعة بل انها كلمة المنفعة أو كما يسمونها المصلحة الشخصية ، تلك الكلمة التى تتداخل و تربط بين كثير من العلاقات و الأحداث و الأماكن و البلدان و القارات ، فعدو اليوم هو رفيق الغد ، و رفيق الغد هو نفسه من كان عدوا بالأمس ، تبطن عكس ما تظهر ، و تخفى عكس ما تعلن ، خبرتها تكمن فى تحينها للفرص و انتهازها للأخذ متى كان الوقت مواتيا لها ، لا تجد من الغضاضة ما يجعلها تتوارى فى فعل ما لا يجب فعله فى سبيل الحصول على ما تصبو إليه أو تريده ، كما انها لا تتعثر فى خجل أو خزى أثناء طريقها للفوز الى ما تسعى له ، مبدأها يختزل فى عدم المبدأ ، و مثالها يبدأ لينتهى عند انعدام القيمة و القيم ، تعطى الزهيد لتأخذ الثمين ، تقدم القليل لتستفد بالاكثر فالاكثر فالاعظم !
كلمة تحوى من الأحرف خمسة خصيمها أربعة حروف تجتمع فتكون كلمة ، فهى لا تعرف ال " محبة " ولا تعترف بقيامها ، لا تقر بميلادها ولا حتى بنشأتها ، مهدها او حتى مٱلها ، غطاؤها هو التملق و صورتها هو التصنع ، كما ان سرابها هو المهادنة و المجاملة و الخداع !
تأخذ من البغضة المتسترة حليفا لها كما أنها تنتهج من العداء المستتر منهاجا و دربا و سبيلا ، تفترش بالمكر و تلتحف بالاحتيال ، الكذب المتجامل و المجاملة الكاذبة هو دمها الذى يسرى فى كل اوردتها و عروقها و كل شرايين جسدها !
تتلون بعديد الألوان ، و تسلك شتى الطرق التى تهدف الى ما ترنو اليه ، تارة تبكى بل تتباكى ، و اخرى تضحك او قل تتضاحك ، تذرف من مٱقيها الأدمع المتحازنة ، فتسيل آخذة بذلك من وجنتيها أرضا جرداء ، فتبدو و كأنها حرباء الصحراء التى تتشكل كما يحلو لها فتخدع و تغوى و تضل !
لها أماكنها الشاغرة فى سرادق العزاء ، كما لها من التحيز فى منصات المراقص و الملاهى و الأعراس ، تقدم النصائح المتبطنة بالزيف و الدهاء ، كما تعرض بعضا مما تخفيه لكنه مغلف بشيء من الموعظة و الهداية و الارشاد ، ما أن تصل الى مأربها حتى تكشف عن كل قبح و خبث و عار !
لها من صلادة القلب بما يلين فقط فى أعين الغير بينما يحتفظ بداخله بما يكنه و يخفيه ، تتجرد من المشاعر فلا تسلم بوجودها ولا تستسلم لشعور الناس لها ، بل أنها تنظر للانسانية لا كقيمة واجبة الحكم و السيطرة والنفاذ ، بل كعدو لها استوجب كل حذر و حظر و عداء !
لا تنفع من الغير الا غيرها و ذا لانها المنفعة !!! كما انها لا تصلح للآخر و لا تُصلِّح من حاله و ذا لانها المصلحة ، ذاتية نفعها تعود لها وحدها و انعكاس صلاحها يرجع لها دون سواها ! كلمتان لهما من التماثل و التطابق اكثر مما بغيرهما من التنافر و التضاد ، تراقبان او قل تراقب أعين الجميع لها فى صمت ، فتصنع و تشكل و تؤسس و تبنى و ترسخ و تشيد كافة أفعالها وسط هالة من الحكمة الممتزجة بالدهاء فكان هو الشر المغلف بالجود و الإحسان !
تتحمل الكثير من اجل اهدافها التى تضعها نصب أعينها ، و تحمل المزيد فوق اعناقها لاجل بغيتها التى تسعى للوصول لها ، و حين تصل و تملك و تحقق و تنجز ما تأمل له و تتمناه .... نراها و قد أمست و أصبحت كالطيور الجارحة و الوحوش الكاسرة ....... تهاجم و تقتحم و تباغت و تنقض !
اعتبرها الفلاسفة مذهبا اخلاقيا ترتبط فيها السعادة بارتباطها بسعادة الآخرين ، وان النفع الناتج عنها لا يحقق مأربه للشخص بالانفصال عن الجماعة و المجتمع ، لكنها تنتقل لدى الكثيرين من كونها مذهب أخلاقى إلى كونها رغبة أنوية لارتباطها ( بالأنا ) ، و بعيدا عن قيم المجتمع التى تحكم الأنا تتحول من الأنا
الى أدنى مراتب الشخصية صفة وهى الانانية ، لا يعرف فيها المرء سوى نفسه ولا يرى غيرها ، و عندما صار محور ذاته اصبح لا يتصرف سوى طبقا لتلك الذات التى غدت اكثر عداءً و عدوانية لوجودها قبل الآخرين !
المنفعة او كما يطلقون عليها " المصلحة " دائبة البحث عن الفائدة التى تعود عليها دون آخر ، و فى طريق البحث عنها تضحى بالكثير ، تتخطى كل صعوبة ، تتصلب ضد الاخفاق ، تتحمس مع كل محاولة ، تثب فوق كل حاجز ، تعبر من فوق كل مانع ، تطفر أعلى كل حائل كما انها تخرق و تخترق كل عائق ..... المنفعة !