ياسر أيوب
اتهمه كثيرون بالجنون ورأوه متشردا يجوب الطرقات حافى القدمين.. وقليلون فى المقابل يرون أنه من حق أى إنسان اختيار الحياة التى يحبها حتى لو ترك ما قد يشتهيه ويحلم به آخرون.. وتسابقت صحف كثيرة من مختلف زوايا العالم الكروى لتكتب منذ أيام قليلة عن النجم البرازيلى السابق أدريانو الذى فقد عقله وكل شىء وأصبح تائها وضائعا فى شوارع الفافيلا أحد أفقر أحياء ريو دى جانيرو وأكثرها عشوائية.
وفى المقابل كانت صحفا قليلة جدا التى أكدت أن ذلك ليس صحيحا وأن أدريانو لا يزال يملك عقله واتزانه ويدير حياته بالشكل الذى يريده ويرضيه أيضا.. والمشكلة الوحيدة أن ما يريده أدريانو أصبح بحسابات وقوانين ومفاهيم العالم حاليا بمثابة حماقة وجنون أو سذاجة وغباء.. فالعالم اليوم لن يقبل ولن يفهم كيف يمكن لنجم كرة نال لقب الإمبراطور لفرط قوته وحجم موهبته أن يقول إنه لم يعد يريد لعب الكرة.
لم يعد يستطيع تمثيل أنه سعيد بنجاحاته الكروية ليربح المزيد من المال.. ولا يصدق هذا العالم أيضا أنه لا يزال هناك من يريد أن يعيش حياته كما يريد هو لا كما يريد الآخرون.. وليس مجنونا على الإطلاق من يمشى مع أصدقائه فى أفقر شوارع مدينته وسط بيوت وأكواخ من صفيح ويسعده ذلك أكثر من هتاف وتصفيق آلاف وملايين من عشاق كرة القدم.
ليس مجنونا من لا يريد أن يكون الأغنى أو الأشهر أو الأهم وبدلا من ذلك يريد فقط أن يبقى محتفظا بإنسانيته وبكامل إرادته يختار ما يمنحه الرضا والراحة والسعادة.. ورغم أنه من الضرورى الانتظار حتى نعرف إجابات أدريانو نفسه عن كل الأسئلة التى أثارتها صحافة العالم مؤخرا حين سيصدر كتابه بعنوان «خوفى الأكبر» بعد أيام قليلة.. لكن من الممكن التأكيد الآن على أن أدريانو لم يبدأ حياته بهذه الرغبة والقدرة على التمرد والاستغناء.
إنما بدأها طفلا فقيرا لا يملك شيئا إلا موهبة كروية لفتت انتباه الجميع له مبكرا.. وبعد أقل من ثلاث سنوات انتقل أدريانو فى 2001 من فلامنجو البرازيلى إلى الميلان الإيطالى حيث نال هناك لقبه الأشهر.. الإمبراطور.. وتألق أدريانو أيضا مع المنتخب البرازيلى وقمة تألقه كانت كوبا أمريكا 2004 التى فازت بها البرازيل.. واعتبره المدير الفنى بريرا أحد أهم نجوم البرازيل ورهاناتها على المستقبل.
وبعد تسعة أيام فقط مات والد أدريانو وكان الحدث الذى تغير بعده كل شىء.. وبدا أدريانو كأنه قرر أن يراجع نفسه وأن يعيش كما أراد بدون أى ضغوط أو قيود يفرضها عليه عالم مادى مجنون يفتقد الحب ولا يخلو من القسوة والقبح.
نقلا عن المصرى اليوم