بقلم / شفيق بطرس
كان لى شرف التعامل مع الدكتور إيزاك فانوس رائد الفن القبطي المعاصر والذي له الفضل الأعظم فى تجديد وتحديث هذا الفن الأصيل الذي يحتوى من الرموز والكنوز ما لا يحتويه أى نوع آخر من أنواع الفنون، فن الأيقونة عرفته وعشقته على يد أستاذي ومعلمي والحبيب إلى قلبي جداً المرحوم الدكتور إيزاك فانوس عند تواجده بكاليفورنيا منذ أعوام، قد تعلمت منه الكثير وكيف أن يكتب الفنان الأيقونة أو الصورة ولا يرسمها فالأيقونة أو الصورة التعبيرية عبارة عن مقال أو قصة كاملة مرسومة يتمتع بمعانيها ورموزها من يعشق هذا الفن ويقدره.
وعن الأمومة قد أفاض في شرحها لى عندما علّق لى عن أيقونة السيدة العذراء مريم، تعلمت منه الكثير وقد استعملت أساليبه الرمزية في رسم الصور التعبيرية وليس الأيقونة لتكون للجميع كعمل إنسانى عام وليس كعمل ديني طقسي.
لم أجد صعوبة فى رسم الأمومة والتعبير عن كل أحاسيس الأم العالية المعاني والراقية الأحاسيس فهي واضحة جلية، العطاء بلا حدود، العطف، الحنان، الدفء، الإحتواء، البذل، والحب المتناهي الذي بلا مقابل، التفاني والتضحية بكل غالي ونفيس حتى بالحياة نفسها.
ما أروع الأمومة وما أرقى هذه المشاعر التي تصل بنا لدرجة القُدسية حتى تجد في الأرياف والصعيد من الطقوس التي تؤكد أن وجود الطفل في حضن أمه محاطاً بالملائكة والقدسية ويشعرون برهبة وقدسية مكان وجود الطفل يوم الميلاد والثالث ويوم السبوع ويوم الختان، وكأن الطفل والأمومة عمل من أعمال السماء متواجد معنا على الأرض.
أحاول شرح لوحتي التعبيرية وهي بألوان الجواش لعلها تعجبكم:
* الأم في وسط الصورة تحمل رضيعها، من أعلى الصورة نجد الشمس كرمز للعطاء والحياه والدفء ومصدر الطاقة وكل نمو وهي تعطى بسخاء وبلا تميز وبلا انتظار لأي مقابل، الشمس تعطي شعاعها ودفئها وحرارتها للأبرار وللأشرار، وتدب الحياة في المسكونة بكل سخاء كما تعطي الأم بكل سخاء وبلا إنتظار لأى مقابل، تعطي الحياة والحب والدفء والحنان.
* الأم وكأنها شيء مُقدس فما أنبل وأقدس الأمومة فهي تنفذ وصية الرب بالألم تحبل وتلد وتعطي الإستمرارية للحياة والنسل للبشرية، ولذا جعلت على رأسها هالة تحيطها وهي في أقدس لحظاتها وهي تحضن رضيعها.
* الأم تحيطها السماء بالرعاية وكأنها تحوطها بالطرحة الزرقاء بلون السماء وكما أن السماء تعلو وتسمو فوق البشر بوجود عرش الله فيها فهي القوة العُليا وكل من يصلي ينظر للسماء، ولذا جعلت الأم محوطة من رأسها إلى قدميها بطرحة زرقاء بلون السماء.
* قدميّ الأم تدب على الأرض باستمرار للبحث عن راحة أولادها وخدمتهم، فهي بلون التراب وهو اللون الرمادي والقدم الأخرى بلون الطين البُنّي الغامق وكأنها هى سر بقاء الأرض عامرة بالمسكونة لأن الأقدام هي سر الثبات.
* تعلو المنطقة البنيه منطقة زرقاء غامقة كهيئة درع ترمز للقوة وهي تجاور اليد اليمنى للأم وكأن الأم تريد أن تتخذ من درع القوة عوناً لها لتنشئة الأبناء، ودائماً ما نربط القوة بيمين الإنسان فنقول (يمين القوة)، ولذا كان ذراعها الأيمن وكأنه يتدرع بالقوة وهى نفس القوة التي تعطيها لرضيعها فنجد الرضيع وكأنه مُقمطاً وملفوفاً بنفس اللون الأزرق الغامق لون القوة وكأنه تمنطقه بقوتها في منطقة وسط الرضيع لينمو ويكبر.
* من خلال قوة الأم والرضيع تخرج مع الذراع الأيمن بالتوازى زرعة خضراء في شكل سعف النخيل، وهي رمز النمو والنُصرة وكأن الرضيع سينمو ويترعرع بتعب ومراعاة الأم، ونجد الأم تحيط الرضيع بذراعيها في حنان ودفء وخوف تضمه إلى صدرها بشغف حتى أصبح جزءاً منها.
* الرضيع يأخذ شكل القلب وكأنه هو قلب الأم وفي نفس الوقت هو في منطقة البطن وكأنها مازالت تربطه بالحبل السري معها برغم خروجه للحياة.
* الرضيع يركن رأسه ناحية كتف الأم الشمال ناحية قلبها وكأن قلب الأم والذي في مواجهة فم الرضيع قد تحول إلى ثديها وكأن الأم ترضعه من قلبها بحنانها قبل أن ترضعه من ثديها.
* تحمل اللوحة أشكال القلوب من كل جوانبها نظراً للرومانسية والرقة في الأمومة كذلك تحمل القاعدة والخلفية ألوان قوس قزح المُبهجة وكأن الحياة تفرح بهذه اللحظات التي تترعرع فيها نبتة جديدة تشارك البشرية في الحياة....
أشكركم وكل سنة وكل أم بسعادة وفرح وهناء......