( 1823 – 1893 )
إعداد / ماجد كامل 
يمثل العالم الكبير علي باشا مبارك ( 1823 -1893 ) أهمية كبيرة في تاريخ النهضة والثقافة المصرية ؛ فهو صاحب أحدي الموسوعات الهامة عن  مصر ؛ والتي رصدت كل محافظات وأقاليم مصر .
 
كذلك أيضا أهتم بتأسيس العديد من المؤسسات الهامة التي لعبت دورا هاما في تاريخ مصر كما سوف نري في ذلك المقال .
 
أما عن علي مبارك نفسه ؛ فلقد ولد في قرية برنبال مركز دكرنس التابع لمحافظة الدقهلية ؛ وكان ذلك عام 1823 م تقريبا . وكان والده الشيخ مبارك بن سليمان ابن ابراهيم الروجي ؛ تلقي تعليمه الابتدائي في كتاب قريته وحفظ القرآن الكريم كاملا .
 
وتعلم القراءة والتجويد والكتابة ؛ فلقد كان الكتاب أهمية كبيرة في ذلك الوقت . ولما كان علي مبارك من المتفوقين ؛ جاء الي مصر والتحق بمدرسة القصر العيني وهو في سن الثانية عشر وتحديدا عام 1853 . وبعد عام واحد أغلقت المدرسة ؛ فانتقل علي مبارك إلي مدرسة أبو زعبل .
 
وفي أبو زعبل تم اختياره ضمن مجموعة من الطلاب المتفوقين لكي يكمل دراستهم في مدرسة المهندسخانة . وفي المهندسخانة تعلم علي مبارك  الكثير من العلوم الحديثة . وبعد أن قضي فيها خمس سنوات تخرج علي مبارك وكان أول دفعته ؛ فتم اختياره ضمن مجموعة من أربعة من أبناء الأمراء لكي يسافر ويستكمل تعليمه في فرنسا ؛ فتعلم الفرنسية حتي أتقنها .
 
وبعد انتهاء فترة البعثة عاد الي مصر ؛ وعمل في البداية مدرسا في مدرسة المدفعية  ؛ ثم ترقي في المناصب حتي أصبح مراقب علي امتحانات مدرسة المهندسخانة ؛ كما كلف بالاشراف علي صيانة القناطر الخيرية .
 
؛ ثم قام بتقديم مشروع يهدف الي وضع خطة لتنظيم العملية التعليمية .ثم عرضها علي عباس باشا الذي رفضها  نظرا لإرتفاع ميزانية المشروع ؛ وطلب منه إعداد خطة بديلة لمشروع بديل بميزانية أقل منها .
 
وبالفعل وضع علي مبارك خطة أخري بتكلفة أقل ؛ فسر بها عباس جدا وطلب تعيين علي مبارك ناظرا للمدرسة ومتابعا ومشرفا علي تنفيذ المشروع ؛ فقام علي مبارك بمهمته علي خير وجه .
 
ولكن بسبب حقد ووشاية بعض الحاقدين تم عزل علي مبارك من منصبه ؛وارساله مع مع جيوش المصريين في الحرب مع العثمانيين ضد روسيا .
 
وبعد الحرب ذهب إلي الأناضول وعمل هناك علي تنظيم القوات العثمانية ؛ وأسس مستشفي عسكري لعلاج الجنود .
 
وبعدها عاد إلي مصر . وتولي منصب  نظارة الأوقاف وأسس مدرسة دار العلوم ؛ ولقد تولي العديد من لمناصب الحكومية الهامة ؛ نذكر منها نظارة  المعارف ؛ والأشغال العمومية ؛ والمواصلات والسكك الحديدية .
 
كما قام بتأسيس الكتبخانة الخديوية ( دار الكتب المصرية فيما بعد ) وأراد لها أن تكون علي غرار المكتبة الاهلية في باريس بغرض تجميع كل  ما كتب من  كتب ومخطوطات ودوريات ووثائق في مكان واحد . 
 
كما قام أيضا بتأليف العديد من الكتب والمراجع القيمة  . ولقد أستمر في العمل والكتابة حتي توفي في 14 نوفمبر 1893م عن عمر يناهز 70 عاما تقريبا  . 
ولقد قام علي مبارك بكتابة العديد من الكتب والمراجع القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل اليه :- 
1- تأسيس مجلة روضة المدارس ( سوف يكون لنا عودة تفصيلية إليها بعد الانتهاء من عرض قائمة مؤلفاته ) . 
2- موسوعة الخطط التوفيقية ( سوف يكون لنا عودة تفصيلية إليها بعد الأنتهاء من عرض قائمة مؤلفاته ) . 
3- كتاب تتوير الإفهام في تغذي الأجسام . 
4- نخبة الفكر في تدبير نيل مصر . 
5- كتاب علم الدين . 
 
ولنبدأ أولا بموسوعة الخطط التوفيقية ؛ فهي تعتبر أهم أعماله ؛ وتتكون من عشرين جزءا ؛ وهي تروي مدن مصر وقراها بالتفصيل الشديد  منذ أقدم العصور ؛ ولقد أهتم علي مبارك في هذه الموسوعة برصد ووصف كل المنشآت والمرافق العامة مثل المساجد ؛ الزويا ؛ الأضرحة ...... الخ . ويذكر الدكتور علي بركات في عرضه للموسوعة ضمن مجموعة " أهم مئة كتاب في مئة عام " الذي أصدرته دار الهلال " إن إعداد الخطط قد أستغرق الفترة ما بين عامي 1872 و1888 " ولقد انجز علي مبارك هذه الموسوعة في عشرين جزءا ؛ ولقد بدأ الأجزاء بنفس المنهج الذي سار عليه المقريزي قديما ؛ وفي الأجزاء الستة الأولي تحدث عن القاهرة وشوارعها ومساجدها ومدارسها وحدائقها ومستشفياتها ؛ فضلا عن مظاهر النمو العمراني الذي وصلت إليه في عهده .
 
وبداية من الجزء السابع كتب عن الإسكندرية ؛ ومن الثامن حتي السابع عشر ؛ تحدث فيها عن بقية المدن والقري المصرية متوقفا عند تاريخ كل منها وعند أشهر معالمها ؛ وبداية من الجزء الثامن عشر فلقد خصصه للحديث عن نهر النيل ومقاييسه منذ أقدم العصور .
 
وفي الجزء التاسع عشر كتب عن الترع والمصارف في شتي أنحاء مصر . فيما كرس الجزء العشرين للحديث عن النقود والموازين المصرية في كل العصور . ولقد حاول مبارك تقديم تفسير لسر تركيز ستة أجزاء من الموسوعة للقاهرة وحدها بقوله " ولما كانت القاهرة هي الغرض الأصلي المقصود بالذات في هذا الموضوع لأنها أم البلاد المصرية ؛ وتخت الحكومة الحكومة الخديوية ؛ ومنبع العلم والصناعة والتجارة ؛ جعلت مبانيها الشهيرة كما المساجد والمدارس ونحوها مرتبة علي حروف الهجاء في مجلدات علي حدتها ؛ حتي أن من أراد الإطلاع علي مسجد أو مدرسة مثلا ؛ يسهل له الوقوف معرفة أسمه " ( لمزيد من التفاصيل راجع :- ابراهيم العتريس :؛ الخطط التوفيقة لعلي مبارك : التاريخ والجغرافيا معا ؛ جريدة الحياة ؛ 2 سبتمبر 2015 ) . 
 
أما عن مجلة روضة المدارس المصرية ؛ فهي مجلة ثقافية مصرية نصف شهرية صدر عددها الأول في 18 أبريل 1870 م . وكانت تصدر كل أسبوعين ؛ أما العدد الأخير منها فلقد صدر في سنة 1892 . ولقد كان علي مبارك واحدا من كتابها مع آخرين . أما مؤسسها ورئيس تحريرها فهو رفاعة رافع الطهطاوي ( 1801- 1873 ) . 
 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1-آرثر جولد شميث الأبن :-  قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ ترجمة وتحقيق عبد الوهاب بكر ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ 2003 ؛  الكتاب رقم 251 ؛ الصفحات من ( 631 – 634 ) . 
2—ابراهيم العتريس :- الخطط التوفيقية لعلي مبارك : التاريخ والجغرافيا معا ؛ جريدة الحياة 2 سبتمبر 2015 . 
3- بعض المواقع المتفرقة علي شبكة الأنترنت .