كمال زاخر
كتب الصديق الدكتور ابراهيم نصيف Ibrahim Nassif على صفحته بموقع Facebook ، منشورا اراه غاية فى الأهمية، يطرق فيه بعناية لا تخلو من حذر، يفرضه واقعنا المتربص، باب اعادة فحص واستيعاب واقعنا الإيمانى الذى نعيشه، فى كلمات محرضة ومشجعة على التعاطى معه، والتعقيب عليه، وعلى عرض كلاهما ـ الرأى والتعقيب ـ عسى أن نبلورهما فى فعل كنسى موضوعى على الأرض، تنتجه دراسة كنسية مؤسسية واعية ومنضبطة.
وقد أكون مطالباً بتأكيد ما هو مؤكد، اننا هنا نمارس عصفاً ذهنياً لا يشكك فى ايماننا أو عقائدنا بل ينتقل بحسب منهج القديس بولس
من مرحلة "اللبن" التى قال فيها:
"وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟" (1 كو 3 : 1 ـ 4).
الى مرحلة "الطعام الذى للكاملين" بحسب وصفه:
•"واما الطعام القوي فللبالغين، الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر. (عب 5: 14).
•"لما كنت طفلا كطفل كنت اتكلم، وكطفل كنت افطن، وكطفل كنت افتكر. ولكن لما صرت رجلا ابطلت ما للطفل" ( 1 كو 13: 11)
•"لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين، ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر، ولا من عظماء هذا الدهر، الذين يبطلون." (1 كو 2: 6)
كتب الدكتور ابراهيم نصيف:
# مجرد رأي !
يقوم إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية على سبعة أسرار، والسر هو نوال بركات روحيه غير منظورة من خلال ممارسات مادية.
وتقف هذه الأسرار السبعة عائقا أمام وحدة الطوائف المسيحية، التي تمارس منهم فريضتين فقط في الطوائف الإصلاحية ، هم الزيجة والعماد، وإن لم يعترف البعض من الأرثوذكس بقانونيتهم الكتابية !!.
وأنا أعتقد ، بحسب رأيي وعلمي المتواضع، أنه لو رجعنا لتاريخية أسرارنا السبع وماهيتها : متى نشأت ؟، وكيف كانت تمارس؟، وما هو مفهومها وغايتها، وغير ذلك، ربما وجدنا نوعاً من التقارب بيننا وبين بقية الطوائف ، لأنه ربما ، وخلال الفي سنة هي تاريخ كنيستنا، قد تغير مفهومها عن المفهوم الذي أسست من أجله ، والطريقة التي كانت تمارس بها، اقول ربما. "مجرد رأى".
وكان تعقيبى:
ما تطرحه هو جوهر ازمة الوعى المصرى ولا اقول القبطى، ولعله من قبيل المصادفة ان اعيد النبش فى الذاكرة لأبحث مجدداً عن كتاب د. يوسف ادريس "أهمية أن نتثقف ياناس!!" وقد وجدته على شبكة المعلومات "جوجل"، وشرعت فى اعادة قراءته، بعد سنوات هذا عددها.
بين الطرحين نكتشف أننا فى الحيز القبطى ـ عند كثيرين ـ قد وقفنا عند عناوين العقائد، وبعض من سطور "لا تسمن ولا تغنى من جوع"، وقد استغرقتنا موجات من التعليم الانطباعى، الذى فى كثيره منبت الصلة بجذوره الآبائية، ولهذا يتصادم المعلمون المعاصرون.
يستوى فى هذا كل الكنائس التى تدور ـ واقعياً ـ فى فلك نفس المنهج بتعدد التوجهات، ونحن بحكم الوضع التاريخى والآنى، نعيش ثقافة القهر، وهى تقيدنا بتخوفات عديدة من داخل ومن خارج،.
وهنا يأتى السؤال، الذى اوجهه لنفسى، هل نملك، ولا أقول نجرؤ على الاقتراب مما استقر فى عقلنا الشخصى والجمعى ـ فى مجتمع القطيع تكويناً وفكراً ـ وأن نعيد فحصه أو على الأقل فهمه، ليس بهدف تغييره أو نقده أو نقضه. فقط مجرد أن نعى، ونسترد منهج مدرسة الاسكندرية ـ فى مرحلتيها المصرية القديمة والمسيحية اللاهوتية ـ فى بناء الوعى الفكرى الايمان.
شئ من هذا فعلته كنيسة روما فى زمننا المعاصر ما بين عامى 1962 و 1964، فيما عُرف بالمجمع الفاتيكانى الثانى، وفيه طرحت كل معتقداتها، وخلافاتها، ومستجدات العصر وحاجتها الى عصرنة صياغاتها، بغير أن يحسب انقلابا على ايمانها، فى لحظة فارقة كانت تحاصرها بعنف تيارات المادية والالحاد والتشكيك والنقض، لتخرج متصالحة مع ايمانها ومع احتياجات اجيالها الجديدة. وكانت الكنيسة القبطية الارثوذكسية حاضرة كمراقب (يتابع ويناقش ويشتبك مع المطروح لكن ليس له حق التصويت على ما تنتهى اليه من توصيات أو قرارات) وكان يمثلها الراهب باخوم المحرقى (الانبا غريغوريوس فيما بعد).
ولا أدعو هنا لنقل ما انتهت اليه إعمال المجمع أو وثائقه التى صدرت عنه، إنما نقتدى بمنهجه، فى عمل جماعى كنسى قبطى ارثوذكسى يليق بمكانتها وتاريخها وثقلها ودورها كقاطرة تنويرية فى دائرتيها النسية والمصرية. بعد أن نضع نقطة حاسمة فى نهاية سطر السجس القائم والمزمن.
لعل أحداً من مدبرى الكنيسة يلتفت الى طرحك ويتعامل معه بما يستحقه من جدية، خارج حالة التربص التى تغشانا، ويفتح الباب لمناقشة موضوعية، فقد تكون قطرة الماء التى تفتح سدود الغمر التى تروى أرضنا القاحلة وترد لها الحياة.