كتبها :  Oliver
عيد ميلادك يوم سعيد لنا جميعاً لكن أعياد ميلادنا الروحية ليست يوماً وحيداً و لا حدثاً منتهياً و لا تاريخاً قديماً. مسيحنا الحنون مستعد أن يجعلنا نعيش أعياد ميلاد كثيرة كل يوم أو كل لحظة. قد يهتم البعض بمراسم عيد ميلاده و يهييء نفسه و بيته و يدعو أحباءه لأجل عيد ميلاده السنوي.

لكن الميلاد عند المسيح مختلفاً في شكله و مضمونه.

عيد ميلادنا عند المسيح له المجد هو ميلاد مهمة جديدة يتكفل بها و نفساً وليدة يهتم بخلاصها ليس ميلادنا قدام المسيح تاريخاً بل فعلاً.

عيد ميلادنا الأول الذي يفرح الله هو خلقتنا في الوجود على صورته و مثاله. ثم الأكثر فرحاُ هو ولادتنا الثانية من الماء و الروح بالمعمودية يومها تنضم إلي جوقة السمائيين و نحن ما زلنا علي الأرض. ثم تبق لنا أعياد ميلاد مختلفة عند المسيح.

يوم توبتنا عيد للسماء تفرح به قبلنا قيل عنه إبني هذا كان ميتاً فعاش هذا ميلاد جديد للنفس في حضرة الثالوث.

يوم إتحادنا بجسد الرب و دمه يوم ثبات في المسيح. خروج من العالم و دخول في لحم المسيح و عظامه.

يوم تكريس القلب لعمل الله بلا نكوث للعهد يوم يصبح النسب للمسيح و ليس للجسد و الأنسال.

يوم تدخل المحبة و تتمكن من القلب فلا يصير الإنسان لنفسه يوم ميلاد روحي عظيم.

يوم ييبيع كل ماله و يخرج من الدنيا فارغ اليدين كميت و يسير متكلاً حاملاً الصليب هذا ميلاد عملاق.

يوم تتغير إتجاهات الفكر لتصبح منقادة بالروح متجهة للسمائيات غير عابئة بالتكلفة.

يوم يصطلح القلب مع من خاصموه طويلاً و عادوه كثيراً هذا يوم ميلاد.

يوم يسترد عمق صلاته و رقة لسانه و حلاوة مشاعره و يعيش حتي يوم يغادر أتعاب الأرض هو يوم يفرحنا و يفرح السماء بوافد جديد صار من سكان الأبدية .يومها يسمع ما سمعه إبن الله من أبيه أنت إبني أنا اليوم ولدتك .ما أحلي أن يكون ميلادك سمائياً تحتفل به الملائكة كما إحتفلت بميلاد رب المجد يسوع.

ميلادنا الثاني يبدأ بالمعمودية لكنه يمتد بصور كثيرة مع لمسات الروح المتعددة الصور تتولد المحبة الأولي و تتكرر لكي نحن إليها و إليها نعود.

فعيد ميلادنا هو فرحنا بالمحبة الأولي التي ليست تاريخاً قديماً بل هي أحداث متتابعة فاضت فيها نعمة الروح علي النفس فوجدت النفس أنه لا سبيل سوي تبعية المسيح بفرح دون هم بالتكلفة.

هذه المحبة الأولي تحدث كثيراً فلا تبحث في ذاكرتك عن ماض بعيد لكي تجدها لأن مراحم الرب تتجدد و معها تضع بدايات جديدة للمحبة الأولي.

فصلاة عميقة محبة أولي. دموع منسكبة محبة أولي. صوم بتذلل محبة أولي. مغفرة لعدو محبة أولي. عمل إلهي عجيب و تدخل مباشر للرب في مسار الأحداث محبة أولي و هذه كلها أعياد ميلاد لمحبة أولي في قلب الإنسان بها ينبغي أن نفرح .

الميلاد في فكر المسيح أفعال لا تاريخ. لأن الأفعال تبقي و تدوم معها أفراحها. بينما أفراح المناسبات مرهقة. تستهلك ما قبلها من وقت في الإعداد وتستنفذ ما بعدها من وقت في إعادة الأمور إلي ما كانت عليه. ثم نكتشف أننا مرهقين من المشغولية و لم تعد لدينا طاقة لكي نفرح كما ينبغي.

الميلاد بحسب فكر المسيح ليس حنين ليوم ولدنا فيه بل تدبير ليوم نعيش فيه معه.

الميلاد عنده المسيح غير محدود بالوقت ولا ينتهى فرحه بحلول الليل لأنه عمل يعيش معك و تعيش معه. أحلي ميلاد نشتاق إليه. حين نتغير و نتخلص من الترابي و نلبس السماوي نترك الفاسد و نلبس عدم فساد هذا هو الميلاد غير المنقطع.

الرب يسوع مصدر الفرح فتصبح الأفراح ممتدة لأنها غير منتسبة للمناسبة بل منتمية للمسيح و أعماله.

فإحتفل كيفما شئت و شئتي بكل حرية و إستمتاع. فقط ليكن في فكرك أن حضور المسيح ضروري ليكون لصاحب العرس الحقيقي مكان و تأثير.

أكيد أنك تعرف أنه مخدوع من يحتفل بدون المسيح مصدر الفرح الحقيقي. فليكن المسيح المدعو الأول في قائمتك. و يأخذ المتكأ الأول في وليمتك. و إستقبله بحفاوة لابساً ثياب العرس السمائي. هكذا تفرح و هكذا تتعزي و تهنئتي لك في كل ميلاد و بكل حب أقول عيد ميلاد سعيد.