محرر الأقباط متحدون
العمل الحرفي من أجل السلام والمشاركة في مشروع الله، هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس اليوم الجمعة خلال استقباله ممثلي الاتحاد الوطني الإيطالي للحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة ١٥ تشرين الثاني نوفمبر ممثلي الاتحاد الوطني الإيطالي للحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة. وفي بداية كلمته إليهم رحب الأب الأقدس بالجميع معربا عن سعادته لاستقبالهم لمناسبة الجمعية السنوية للاتحاد، ثم توقف عند اهتمامه الكبير بالعمل الحرفي لأنه يعبِّر بشكل جيد عن قيمة عمل الإنسان. فحين نُكوِّن بأيادينا فإننا نُفَعل في الوقت ذاته الرأس والأقدام، وذلك لأن الفعل هو دائما ثمرة الفكرة والتحرك نحو الآخرين، قال قداسته. وتابع البابا حديثه عن العمل الحرفي باعتباره تكريما للإبداع، فالحرفي عليه أن يلمح في مواد كامنة شكلا مميزا لا يتمكن الآخرون من التعرف عليه، ويجعلكم هذا معاونين لعمل الله الخالق، قال البابا لضيوفه مؤكدا حاجتنا إلى مواهبهم من أجل منح معنى للنشاط البشري وجعله في خدمة مشاريع تعزيز للخير العام.
ثم أراد الأب الأقدس العودة مع الحضور إلى ما وصفها بصفحة مشهورة من الإنجيل، أي مَثل الوزنات الذي تكلم به يسوع (راجع متى ٢٥، ١٤ـ٣٠) متحدثا عن الرجل الذي سلَّم أمواله لثلاثة من خدامه كلا منهم على قدر طاقته. ومَن تَسَلم خمس وزنات ربح منها خمس وزنات أخرى، ومَن تسلم وزنيتن فعل الشي ذاته فربح وزنتين. وأشاد الرجل بخادمَيه بالكلمات نفسها، قال البابا فرنسيس، أي أن الأهمية لم تكن للكم بل للعمل، وهو ما لم يفعل الخادم الثالث الذي دفن ما تَسَلم في حفرة حفرها في الأرض وذلك بسبب الخوف أو التكاسل. وتابع الأب الأقدس أن هذا الخادم لم تكن لديه علاقة ثقة إزاء سيده وإزاء العالم، إزاء الآخرين، وأضاف البابا أن هذا المَثل هو نشيد للثقة في الله ودعوة إلى مشاركة صحية وإيجابية مع الله الذي يجعلنا مشاركين في خيوره ويعتمد علينا، على مسؤوليتنا. إن كنا أن نريد أن نكبر في الحياة فعلينا الابتعاد عن الخوف وأن تكون لدينا ثقة، قال البابا وتابع أن في بعض الأحيان، وخاصة مع تزايد المصاعب، نميل إلى التفكير في أن الرب هو حَكَم أكثر منه مَن يشجعنا على أن ندير حياتنا، بينما يدعونا الإنجيل دائما إلى أن تكون لدينا نظرة إيمان وألا نعتقد أن ما نحقق هو ثمرة قدراتنا أو استحقاقنا فقط، فما نحقق هو أيضا ثمرة قصة كل واحد منا، ثمرة كثيرين عَلَّمونا السير قدما في الحياة بدءً من الوالدَين، ما نقوم به من عمل هو ثمرة تاريخ جعلنا قادرين على أن نقوم بهذا. ثم قال الأب الأقدس لضيوفه إنهم هم أيضا، بالشغف إزاء عملهم وحتى مع الشكوى في بعض الأحيان لعدم تقدير هذا العمل، يدركون قيمة ما وضع الله في أياديهم لا لهم وحدهم بل للجميع.
شدد قداسة البابا بعد ذلك في حديثه على ضرورة أن نبعد جميعا الخوف الذي يشل الإبداع ويدمره، ويمكننا أن نفعل هذا بأن نشعر بمشاركتنا في مشروع كبير لله الذي يمكن أن يفاجئنا بعطاياه، فوراء ثرائنا ليست هناك المهارة فقط بل وأيضا العناية الإلهية التي تمسك بأيدينا وتقودنا. وأضاف البابا أن العمل الحرفي يعكس هذا كله، كما وأراد قداسته الإشادة بعمل ضيوفه لأنه يُجَمِّل العالم حسبما ذكر. وأضاف أننا نعيش في زمن حرب وعنف ما يجعلنا نفقد الثقة في قدرات الكائن البشري، ورؤية عملكم، تابع البابا، تعزينا وتمنحنا الرجاء. وأكد قداسته هنا أن جعل العالم جميلا يعني بناء السلام، وذكَّر البابا هنا بتشبيهه في الرسالة العامة Fratelli tutti صناع السلام بحِرفيي سلام قادرين على إطلاق مسيرات مداواة ولقاء بإبداع وجرأة، وتحدث هنا عن إبداع وجرأة ضيوفه في عملهم من أجل إثراء العالم.
وفي ختام كلمته إلى ممثلي الاتحاد الوطني الإيطالي للحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة، الذين استقبلهم صباح اليوم الجمعة، قال البابا فرنسيس إن الله يدعو جميع الرجال والنساء إلى العمل بأسلوب حرفي في مشروع سلامه، ولهذا يوزع الله المواهب كي تكون في خدمة الحياة لا كي تُدفَن في عقم الموت والدمار مثلما تفعل الحروب. شكر الأب الأقدس بعد ذلك الحضور على ما يحققون من خلال عملهم وأيضا على الالتزام الاجتماعي والذي يتطلب بدوره الصبر والتخطيط. ثم تضرع البابا كي يلهم القديس يوسف الحرفي الحضور كي يعيشوا عملهم بإبداع وشغف. وختم قداسته مانحا الجميع وعائلاتهم بركته وسألهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.