الاب جون جبرائيل
حوار بالصدفة بيني وبين كاهن أرثوذكسي يوناني في أتوبيس عام
(في الأتوبيس، وأنا قاعد شفت كاهن بذقن طويلة لابس بنطلون وقميص كليرجي ، فبادرت بالكلام):
أنا: مساء الخير، حضرتك كاهن كاثوليكي؟
هو (مرتاب شويه): لا، أنا كاهن أرثوذكسي يوناني.
أنا (مندهش): آه، أنا كاهن كاثوليكي.
هو (كشّر شوية أكتر): ممم!
أنا (مبتسمًا): آه، يعني قسيس مهرطق.
(بص لي بجدية، فيها نبرة عتاب، وبعدين قال):
هو: أنتوا بتاخدوا شعبنا وتخلوه يبقى كاثوليك. تخيل لي صديق كاهن قبطي بقى كاهن كاثوليكي... المسكين!
أنا (مبتسمًا): طيب ما الأقباط هراطقة برضه، عادي يروحوا لبعض!
(ثم قلت):
أنا: أكيد هعرفه، لأني قبطي كاثوليكي. اسمه إيه؟
هو: لا، مات المسكين.
أنا (مبتسمًا): ربنا يرحمه ويغفر له غلطته دي.
هو (بتحفظ): أنتوا خليتوا إيه فاضل في الإيمان عندكم؟ والبابا بتاعكو ده بلياتشوا مهرج.
أنا: طيب كويس، طالما البابا بلياتشو، يبقى على الأقل بيضحك، فحلو اتفرج عليه واضحك. أهو يبقى بيعمل حاجة مفيدة برضو!
(هو بدأ يتكلم بشكل أكثر جديّة):
هو: الطقوس اللاتينية فرغت من محتواها، بس بصراحة الليتورجيات اللاتينية التقليدية جميلة جدًا وعميقة وجذابة.
أنا: أكيد طبعًا، بس مفتكرش هتكون في جمال الطقس البيزنطي. أنا كنت من فترة بتعلم الألحان البيزنطية عند الروم الكاثوليك.
هو (مستغرب): أخبار الأقباط إيه؟ والبابا تواضروس الثاني؟
أنا: بصراحة، هو بطريرك رائع جدًا وطيب. الكنيسة فيها صراعات لأنه جاي بعد بابا كان عنده كاريزما كبيرة، وفي معارضة من الحرس القديم. بس الحقيقة المحبة هي اللي هتغلب في الآخر. وأتمنى من الكاثوليك والبروتستانت يقفوا جنب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
هو: ياه، للدرجة دي؟!
أنا: انت عارف في بعض الأديرة القبطية بيصل عدد الرهبان فيها لأكثر من ٤٠٠ راهب؟ يعني جبل أثوس نفسه مفهوش العدد ده.
هو: بانبهار، لا طبعا ولا ١٢٠ حتى!
أنا: أتمنى بس يكون فيه اهتمام بالتعليم اللاهوتي والكتابي والفلسفي عندهم، هيكون الوضع أفضل بكتير.
أنا: عشان كده مهم تساعدوهم انتو كيونانيين. أنا شايف ياريت الكاثوليك والبروتستانت يساعدوهم.
هو (مكشر): لا، البروتستانت لا، الكاثوليك يساعدوهم آه.
(وبعد لحظات صمت):
هو: هو انت فاكر ان كنيستنا اليونانية روعة؟ إحنا خلاص مبقيناش زي زمان، وضاع الاهتمام بالتكوين اللاهوتي وأصبح عندنا شويه أساقفة فرحانين بشكل التيجان والصلبان من غير أي تعليم لاهوتي للناس. الله يعلم، أنا دايمًا في عظاتي وشغلي بعمل كله من أجل التعليم المسيحي عشان الناس تتقرب لله في الإيمان.
أنا: ده شيء جميل يا أبونا، بس برضه كنيستك فيها تراث وتاريخ عريق. لو في وقت ضعف دلوقتي، لسه عندكم أساس إيماني وآبائي قوي، ولاهوتيين يونانيين معاصرين... وبدأت أقول أسماء بعضهم وبعض العرب منهم.
(ابتسمنا معًا، وبعد أن اقتربت محطة نزولي، قلت له):
أنا: أشكرك يا أبونا، إحنا إخوة. شرف لي لقائك.
(في اللحظة دي، أنا اتصدمت من رد فعله، إذ مال عليّ وقبّل يدي باحترام، فشكرته، وانحنيت وقبّلت إيده).