هاني لبيب
أجدنى دائمًا.. أنظر لحال المرأة المصرية من منطلق أسئلة متشابكة ومعقدة جدًّا جدًّا.

هذه النظرة.. تطرح العديد من الأسئلة، على غرار: لماذا يرفضون وجودها منذ أن وصلت إلى الحياة رغم أنه لا ذنب لها، ولم يكن وجودها بقرار منها؟، لماذا يعاقبونها على قرار أبيها وأمها؟، ومن الأصل لماذا يعاقبها أبوها وأمها رغم أنها جزء منهما؟. لماذا لم يحباها رغم أنهما كل شىء لها؟.

أتت إلى الحياة بقرار ليس لها دخل فيه، بسبب أبيها وأمها.. هما مفتاح الحياة لها وأمنها وأمانها.. ورغم ذلك رفضا تعليمها، ومع مرور الوقت والخبرة اكتشفت أنهما اللذان رفضا وجودها من الأصل. فرحا بأخيها الولد. بينما لم يفرحا بها، سامحاه على أخطائه.. ولم يلتمسا لها العذر، وكان عقابها دائمًا هو الأشد قسوة. وأصبح الطبيعى أن تتعرض للإهانة والضرب، وكأنها هى وحدها سبب كوارث العالم، أو بالأحرى.. هى التى ثقبت الأوزون.

عندما تغير شكلها وتطورت ملامحها، تغيرت نظرة أبيها وأمها لها، وبدأت طريق التسليع، وباعاها فى صفقة تجارية واستثمارية قبل غيرهما تحت غلاف شرعى اسمه الزواج لرجل كانت تقول له قبل سنوات قليلة جدًّا (يا جدى). وهكذا تكون حياتها بقراراتهما التى تعتمد على مدى استفادتهما المادية من كل صفقة زواج.

يبهرانها بالهدايا وهى صغيرة لإتمام أول صفقة بيع تحت اسم الزواج. وتخرج من القفص الخشبى لبيت أبيها. ثم تنتقل إلى القفص الفضى الذى ظاهره الرحمة ومضمونه كل أشكال الاستغلال والتمييز والعنف منذ تزويجها دون أن تعرف وهى تحت السن القانونية، وكأنها صفقة بيع وشراء تدفع هى وحدها ثمنها دون شريك، وحتى زواجها من مجرد بدلة بمظهر دون تأثير أو نخوة. ثم قفص ذهبى كأن الحياة تتلخص فى توفير كل ما هو مادى فى مقابل سلب حريتها وإنسانيتها.

سرقوا فرحتها وأفكارها ومشاعرها ووقتها، ولم يرحموها، وسرقوا أموالها وإرثها وحقوقها الشرعية، بما فيها سلب حقوق أطفالها الشرعية.

جاهدت الجهاد الحسن، واجتهدت ونجحت وحققت حلمها فى شهادة جامعية لتحاول إثبات نفسها والدخول لسوق العمل رغم كل العراقيل والتحديات التى أبسطها أن نجاحها يعنى التهديد لأقرب مَن حولها لتبدأ مسيرة جديدة من مواجهة التعرض لكل أشكال التحرش فى العمل، واختزال بقائها وعملها فى رضا العقلية الذكورية المتخلفة عليها. لم يرحمها أحد فيما حاولت المشاركة فيه من أعمال إنسانية وخيرية. يغيرون الأقنعة، ولكنها تظل أقنعة أشباه الرجال.. قناع السلطة، وقناع الثروة، والقناع الدينى، وقناع الحكمة والتقوى والورع، وقناع الرحمة، وقناع الإنسانية. وجميعها أقنعة للمراوغة واقتناص الفريسة دون أدنى شعور بتلك التصرفات التى تعبر عن الكذب والرياء والخداع واستحلال السرقة.

مازلت.. أصمم على أن الأخطر هو عندما تقوم المرأة بذاتها بالتمييز والتنمر ضد نفسها وغيرها من التاء المربوطة.. وطبيبة كفر الدوار.. نموذج دالّ وفَجّ على ذلك.

نقطة ومن أول السطر..
لا يزال أشباه الرجال ولا تزال العقلية الذكورية.. تستغل الثغرات للتحايل على القوانين وسلب حقوق المرأة. وبناء عليه، أطالب بإعادة النظر فى كل تلك القوانين الخاصة بحقوق المرأة من قاعدة ما يحدث فعليًّا على أرض الواقع. والبداية تجريم أى ضغط على المرأة من أشباه الرجال بالتنازل عن حقوقها فى مقابل الاحتفاظ بأطفالها وحريتها.

فى النهاية: أثق.. أنتِ ستنتصرين.

الحقيقة: أنتِ أصل الحياة.
نقلا عن المصري اليوم