الأب رفيق جريش
بعد أن اتصل الرئيس بوتين رئيس روسيا بالرئيس الأمريكى المنتخب ترامب، وبعد أن وعد الأخير العالم أن الحرب الروسية – الأوكرانية يستطيع أن ينهيها فى وقت قصير، وبعد أن وصلت إشارات من موسكو بإمكانية الحل السياسى ووقف الحرب، وبعد أن اتصل مدة ساعة مستشار ألمانيا شولتز بالرئيس الروسى للتمهيد لمباحثات سلام حول أوكرانيا وقال إنه سيكرر الاتصال.

وبعد أن أدان رئيس أوكرانيا زیلينسكى هذا الاتصال عاد فى اليوم التالى مباشرة بإرساله هو الآخر إشارات بإمكانية المفاوضات مع روسيا، بعد كل تلك الإشارات الإيجابية، جاء الرئيس الأمريكى الحالى والتى تنتهى ولايته فى ١٩ يناير القادم بنسف كل تلك الإشارات وأعطى التصريح لأوكرانيا باستعمال الصواريخ بعيدة المدى للهجوم فى العمق الروسى، رغم تحذيرات موسكو المتكررة بأن ذلك سيكون عملًا خطيرًا يهدد السلم العالمى، ولكن بايدن لم يبالِ، فهو ينسف من الآن كل المبادرات السلمية للرئيس القادم، وذلك قبل أن يدخل إلى المكتب البيضاوى.

من ناحية أخرى، هناك إرهاصات إيجابية بأن عالمًا جدیدًا متعدد الأقطاب يتشكل، ومن تلك الإرهصات تجمع «بريكس» التى تضم مصر وضمت حديثًا دولًا أخرى ليصل هذا التجمع إلى ٢٠ دولة تمثل أكثر من نصف سكان العالم، وأيضًا بعد أن كان هناك صراع على ترسيم الحدود بين الصين والهند تم حل هذه المشكلة بكل هدوء. وفى نفس الوقت الذى اجتمعت دول البريكس كان هناك مؤتمر بقيادة المملكة المتحدة ودول الكومنولث.

ولم تحضره الهند وإفريقيا الجنوبية رغم أنهما من دول الكومنولث والكومنولث يمثل العالم القديم البريكسى يمثل العالم الجديد كذلك فى مفاجأة قامت إيران والسعودية اللتان كانتا دولتين منقسمتين بالقيام بمناورات عسكرية مشتركة، كذلك زيارة وزير خارجية إيران لمصر وعودة العلاقات شبه مكتملة، كل ذلك ينذر بأن أوضاعًا سياسية جديدة تُرسم فى هذا السياق.

ولا نستطيع أن نغفل أن شعار الرئيس المنتخب ترامب وهو«لنجعل أمريكا مجددًا عظيمة» هو دعوة منه للاهتمام بالشأن الأمريكى أولًا، ولا التدخل فى أمور الدول الأخرى أو حمايتها وفى المقدمة دول الناتو والدول الأوربية بشكل عام. ونذكر أن فى مدته الأولى لم يُدخل أمريكا فى أى حرب؛ فهو يعمل من أجل السلام كما يعد، ورغم أن ترامب إسرائيلى الهوى إلا أنه اتصل بنتنياهو طالبًا منه إنهاء الحرب فى غزة قبل ٢٠ يناير ٢٠٢٥ يوم توليه الرئاسة. وحماس بدورها طالبت بل أظهرت النية فى إنهاء الحرب فى غزة.

إذن عكس ما نراه على السطح، العالم يتجه نحو تعدد الأقطاب بشكل سلمى، ومصر بحضارتها وتاريخها وثقلها السياسى تستطيع أن تجد لها مكانًا ومكانة فى هذا العالم الجديد.
نقلا عن المصري اليوم