ياسر أيوب

مباراة رومانيا وكوسوفو التى استضافها الأسبوع الماضى استاد ناثيونالو أرينا فى العاصمة الرومانية بوخارست.. لم تبق مجرد مباراة أخرى فى دورى أمم أوروبا، لكنها تحولت، منذ يومين، إلى درس مهم بعد إعلان عقوبات الاتحاد الأوروبى لكرة القدم.. ففى الوقت بدل الضائع للشوط الثانى للمباراة والنتيجة لا تزال التعادل بدون أهداف.. قرر لاعبو كوسوفو عدم إكمال المباراة والخروج من الملعب احتجاجا على جماهير رومانيا التى كانت تهتف باسم صربيا.

وظل لاعبو رومانيا وطاقم التحكيم ينتظرون عودة لاعبى كوسوفو للملعب أكثر من ١٥ دقيقة قبل الاضطرار لقرار بإنهاء المباراة.. وبعيدا عن قرارات اتخذها وعقوبات أعلنها الاتحاد الأوروبى وأغضبت الجميع.. كان هناك معنى جميل قد نكون نحن فى مصر أكثر احتياجا له من الآخرين فى رومانيا أو كوسوفو.. فالاتحاد الأوروبى لم يتعامل مع الأمر بسياسة الأبيض أو الأسود التى يعشقها كثيرون فى مصر.

 

سياسة تعنى أن الإنسان أو الفريق أو المؤسسة إما على صواب أو خطأ وليست هناك مساحة رمادية بين اللونين.. لكنهم فى أوروبا لا يخجلون من اللون الرمادى الذى يراه معظمنا ضعفا أو عيبا مع أنه هو اللون الواقعى والحقيقى للبشر وليس الأبيض أو الأسود.. فاللون الرمادى يعنى أن أى أحد ممكن أن يكون على صواب فى بعض الأمور وعلى خطأ فى أمور أخرى.

 

وهذا بالضبط ما التزم به الاتحاد الأوروبى الذى قرر أن رومانيا لها الحق فى كسب ثلاث نقاط نتيجة انسحاب كوسوفو، لكنها فى نفس الوقت تستحق العقاب وغرامة 128 ألف يورو نتيجة هتافات سياسية غير لائقة وغير مقبولة.. وقرر الاتحاد الأوروبى أيضا خوض منتخب رومانيا المباراة المقبلة على أرضه بدون جمهور.. وفيما يخص كوسوفو التى رأى الاتحاد الأوروبى أن من حقهم الغضب والانفعال بسبب هتافات الجمهور الرومانى بدليل الغرامة المالية الضخمة واللعب بدون جمهور.

 

إلا أنه ليس من حقهم الانسحاب قبل انتهاء المباراة وتم تغريم بلدهم بستة آلاف يورو.. وتعنى هذه العقوبات أنه كانت هناك حقوق لكل من منتخبى رومانيا وكوسوفو.. وهناك أيضا أخطاء للمنتخبين لابد من معاقبتهما بسببها.. فليس هناك فريق أو إنسان مخطئ فى كل شىء أو مصيب فى كل شىء.. وأن نصفق لأحد تعبيرا عن تقدير وإعجاب ليس مطلقا شهادة بأن كل ما يقوم به صواب.

 

 

والحديث عن خطأ لأحدهم لا يعنى أبدا أنه ليست هناك مزايا أخرى تستحق الثناء والإعجاب.. وهذا المعنى هو أهم وأجمل ما فى هذه القرارات الأخيرة للاتحاد الأوروبى بشأن تلك المباراة بصرف النظر عن غضب الجميع سواء فى رومانيا أو كوسوفو بسبب هذه القرارات.

نقلا عن المصرى اليوم