بقلم: محمد منير مجاهد
كان صديقي الراحل الدكتور رائع رفعت - وهو طبيب نفسي نابه - أول من لفت نظري إلى السلوك المرضي لقيادات التنظيمات الجهادية، وأخبرني أنه من خلال لقاءات مهنية عديدة مع هؤلاء القيادات في السجون تأكد من أن معظمهم يندرج تحت وصف "الشخصية السيكوباتية" (Psychopathic Personality)، وبالبحث في الإنترنت عن هذه الشخصية وجدت أنها أكثر الشخصيات تعقيداً وصعوبة في التعرف على صاحبها، حيث أن السيكوباتي يجيد تمثيل دور الإنسان العاقل وله قدرة على التاثير على الاخرين والتلاعب بأفكارهم، فهو عذب الكلام، يعطى وعوداً كثيرة ولا يفى بأى شيء منها، وكثيرا ما يتعهد ويعد ويخلف، هي شخصية لا يهمها إلا نفسها وملذاتها فقط، بعضهم ينتهي إلى السجون وبعضهم يصل أحياناً إلى أدوار قيادية في المجتمع، نظراً لأنانيتهم المفرطة وطموحهم المحطم لكل القيم والعقبات والتقاليد والصداقات في سبيل الوصول إلى ما يريدون، ولو نظرنا حولنا فيمن يتصدرون المشهد السياسي الآن في مصر لأمكننا أن نتعرف على هذه الشخصية في كثير منهم.
بالإضافة لهذا الاضطراب النفسي نستطيع أيضا أن نميز اضطرابات نفسية أخرى مثل الغلمانية أو اشتهاء والوَلَعُ بالأطفال (Pedophilia) ونلاحظه في دفاع مستميت من بعضهم عن الهبوط بسن زواج الفتيات إلى سن البلوغ (10 – 12 سنة)، وترويجهم لجواز مفاخذة الرجل زوجته الصغيرة (أي الطفلة قبل سن البلوغ) التي لا تطيق الجماع (أنظر مركز الفتوى – إسلام ويب)، وفي هذا الإطار ينبغي النظر للإصرار على حذف أي إشارة في الدستور لحقوق النساء، أو لالتزام الدولة بحماية المرأة من العنف بكافة صوره، ولحظر الاتجار بالبشر، وهو جريمة لها تعريف محدد فى المادة (2) من القانون رقم 64 لسنة 2010 تهدف لمنع التعامل بأى صورة على أى شخص طبيعى رجلا كان أو امرأة أو طفلا أو الاستغلال بما فى ذلك الاستغلال الجنسى أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة أو التسول أو استئصال أعضاء بشرية أو أنسجة أو جزء منها، وهو ما نتوقع إلغاءه إذا مر هذا الدستور، حتى يمكنهم استغلال ظاهرة "الأب القواد" في بعض القرى الفقيرة المحيطة بالقاهرة حيث يقبل بعض الآباء الفقراء بـ"زواج" بناتهم من أثرياء خليجيين لفترة الصيف مقابل مبالغ مالية، وما هو بزواج ولكنه دعارة تتخفى في مسوح الزواج على سنة الله ورسوله.
هناك نوع آخر من الاضطرابات النفسية عند بعض الإسلامويين وهو الميل إلى أو اشتهاء مضاجعة الموتي (Necrophilia)، وقد أفتي الداعية المغربي عبد الباري الزمزمي في مايو 2011 أن المرأة حلال جنسيا لزوجها حتى بعد وفاتها، فعقد الزواج لا ينتهي بالوفاة ، وقال ايضا ان للزوجة الحق بممارسة الجنس مع زوجها المتوفي، ويبدو أن الإسلامويين المصريين اقتنعوا بالفكرة وحاولوا تطبيقها، وتناقلت وسائل الإعلام أخبارا بمناقشة مجلس الشعب قانونا يجيز مضاجعة الرجل لزوجته الميتة خلال الساعات الست الاولى من وفاتها، او ما سمى بقانون "مضاجعة الوداع"، وهو ما أثار موجه من الرفض والاستنكار الشعبي، وهو ما حدا بأمين عام مجلس الشعب إلى نفي الخبر، وبغض النظر عما إذا كان المجلس كان سيناقش هذا القانون وتراجع، أو أنه لم يكن ينوي مناقشته من الأساس فإن إثارة مثل هذه المواضيع الغريبة من قبل بعض الإسلامويين تؤكد إصابتهم بهذا الاضطراب النفسي.
إلا أن أكثر أنواع الاضطرابات النفسية شيوعا بين قادة الإسلامويين فهما الفصام (Schizophrenia)، وجنون العظمة أو البارانويا (Paranoia)، والفصام هو مرض عقلي لا يميز فيه المريض بين الواقع والخيال ويتميز بالأساس باضطراب لا في مضمون التفكير وحسب وإنما أيضا في شكل التفكير وآلياته، ويتميز المصابون بالفصام بالاعتقاد بأنهم مضطهدون وأن المؤامرات تحاك ضدهم مما يدفعهم للثورة نتيجة لتوهمهم سماع أصوات داخلية تخاطبهم وتدفعهم لارتكاب سلوكيات غير منطقية.
أما جنون العظمة فهو مرض نفسي مزمن يتسم بالضلالات التي يعتنقها المريض ويؤمن إيمانا وثيقا بتعرضه للاضطهاد والملاحقة ويفسر سلوك الآخرين تفسيرا يتسق وهذا الاعتقاد، ويتميز هؤلاء المرضى بالخوف الدائم من حدوث شيء سيء، والظن أن مسئولية أي إخفاقات تقع على الآخرين، وأخير الاعتقاد والإيمان المبالغ فيه - وغير المبني على أسس واقعية - بالذات مما يجعل هؤلاء الأفراد متعجرفين مغرورين محتقرين للناس ولا يتقبلون نقد الآخرين وغير قادرين على النقد الذاتي فهم مفرطي الإعجاب بذاتهم .
إذا أردنا توصيف سلوك قواعدهم فهي أقرب الى الهستيريا الجماعية وأحد سماتها البارزة هو الاستعداد العالي للإيحاءات والتأجيج العاطفي دون إعمال للعقل، مدعومة بالطبع بمبدأ السمع والطاعة، جمهور واسع، معدم غالبا، أو يعيش على فتات الجماعة، يقول له قادته أنه الأقرب الى الله وأن الجنة مآله وأن الآخرين كفار وأن القضاء على الآخرين هو السبيل الى الاسلام والجنة.
وفي فتنة الدستور والإعلانات الدستورية تتضح بجلاء أعراض "الفصام" و"جنون العظمة"، فالإخوان والسلفيون يتحدثون عن مؤامرة لإقصائهم عن الحكم، فالرئيس يبرر إصدار إعلانه "الدستوري" في 22 نوفمبر 2012 بوجود مؤامرة أطرافها الفلول والمعارضة (العلمانية) وقضاة المحكمة الدستورية العليا وأنه لديه تسجيلات ... الخ. والمؤامرة تتلخص في حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، بينما تحدث آخرون بأن هذه المؤامرة تبدأ بدخول قصر الاتحادية وإعلان مجلس رئاسى، والقول بأن الرئيس مرسى هرب، وأن المجلس الرئاسى وصل للحكم وأن وكل أجهزة الإعلام تباركه، وأن الإسلاميين الذين توجهوا إلى قصر الاتحادية ذهبوا من أجل إحباط محاولة اقتحام القصر والإعلان عن «مجلس رئاسى» من داخله، وحينما يُسألون "لماذا لا تعلنون عن تفاصيل المؤامرة ومحرضيها ومموليها؟" يكون الرد "لا نستطيع الإفصاح عنها لدواع أمنية أو لأسباب أخرى".
في تصريحات نقلتها سي.إن.إن في 1 ديسمبر 2012 قال خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن هناك مؤامرة تستهدف إسقاط الرئيس محمد مرسي من خلال ضرب المؤسسات، وخاصة مجلس الشعب، بهدف تعطيل قيام الدولة وتحسين الاقتصاد، وأن هناك شخصيات كنت تروج لإمكانية سقوط مرسي بعد أشهر من وصوله للسلطة، مضيفاً أن حل مجلس الشعب "كان جزءا من المؤامرة كي يبقى الرئيس بمفرده دون مؤسسات كي لا يتمكن من بدء التنمية وإطلاق مشروع النهضة وتزداد الأزمة الاقتصادية مما يمهد لإسقاط الرئيس.
فبدلا من أن يعترف نائب المرشد بأخطاء الجماعة وأنهم خدعوا الشعب بادعائهم أنهم يمتلكون مشروعا للنهضة ورجالا قادرين على تحقيقه، وأن الموضوع لا يخرج عن دعاية انتخابية فإنه يلوم الشعب على ثورته ضدهم ويتهمه بإفشال "مشروع النهضة" وقلل الشاطر من قدرة المعارضة على الحشد، قائلا إن مظاهراتها ضمت ما بين 30 و50 ألف شخص فقط، وأن 80% منهم من النصارى، رغم ما شاهده العالم كله من مظاهرات حاشدة شارك فيها ملايين البشر ليس في ميدان التحرير فقط بل حول قصر الاتحادية وكل ميادين مصر.
أخطر ما يبثه قيادات الاخوان المسلمين السيكوباتيين هو أفكار تسيطر على جماعة كبيرة توحي لهم بالتسليم التام لهذه القيادة وتعدهم بثواب كبير في مقابل ذلك، فتقودهم بسياسة القطيع، فهؤلاء السيكوباتيون يضللون بسطاء الناس ويدفعونهم كما حدث بالفعل أمام القصر الجمهوري لقتل المخالفين وتعذيبهم والتحرش ببنات مصر اللاتي وقعن في أيديهن باعتبارهن سبايا في ضلالات وهلاوس جهادية وكأنهم يعيشون في فيلم "ظهور الإسلام"، ويسعون لتمرير دستور رديء يعمق هلاوسهم بفتح مصر، والرد الوحيد لعلاج هؤلاء هو أن نحقق أسوأ مخاوفهم ونضعهم حيث يجب أن يكونوا أي في السجون والمصحات العقلية.