أشرف حلمي
من المعروف كنسياً أن المعترف هو الشخص الذي يسقط تحت اضطهاد ويتحمل السجن من أجل إيمانه المسيحي أو عذابات لكنه لم يستشهد " الشهيد الحي " ، وأن الشاب جرجس بارومي ذات ال ٢١ عام أحتمل السجن ١٥ عاماً ظلماً في قضية يعلمها الجميع ، ومما لا شك فيه أنه لم يستشهد أو يمت جسدياً في سجنه ، إلا أنه مات معنوياً عدة مرات أمام جميع مؤسسات الدولة ونال أكليل الظلم حياً .

*مات معنوياً ظلماً نتيجة تلفيق له تهمة جريمة شرف لم يرتكبها عام ٢٠٠٩ ، رغم التقارير الطبية التي أثبتت إصابته بالعجز الجنسي .

*مات معنوياً لانه لم يلقى محاكمة عادلة أطلاقاً بالتزامن مع المذبحة الكبرى التي ارتكبها حمام الكمونى ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد عام ٢٠١٠ لدى إطلاقه النار بكثافة على إحدى كنائس نجع حمادي ، ما أدى إلى مقتل 7 مواطنين ، وعدم أخذ المحكمة في الاعتبار الأدلة الدامغة علي براءته من التهمة المنسوبة إليه ، منها شهادة المفعول بها المتناقضة ، وتضارب واختلاف أقوال والديها عما أدلوا بها في المحضر ، وأن جرجس بارومي عاجز جنسياً ويعاني من انخفاض في هرمونات الذكورة وضعف في القدرة الجنسية .

*مات معنوياً لدي وفاة والدة قبل ٤ سنوات دون وداعة رغم استغاثة والدته المريضة للسلطات بالسماح له بوادع والده العاجز بالشلل عقب الحكم علي ابنه ظلماً .

*مات معنوياً ٤ مرات لدى فقده الأمل بالإفراج عنه ضمن الإعفاءات الرئاسية في المناسبات المختلفة ، رغم من العديد من الإعفاءات التي شملت عدد من المنتميين لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية عقب ثورة يونية ، ومناشدات والدته المكلومة والعديد من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان التي تعاطفت مع القضية منذ الوهلة الأولي .

*مات معنوياً لدي فقدان شبابه في السجن يعاني الأمرين من الظلم المبيت الواقع عليه وسط المجرمين والإرهابيين مدة ١٥ عاماً رغم ظروفه الصحية الصعبة .

*مات معنوياً حتي تمت الإجراءات الرسمية التي استغرقت ٦ أسابيع في الإفراج عنه بعد قضاء فترة عقوبته كاملة .

وأخيراً خرج أيقونة الظلم والعار والمعترف معنوياً جرجس بارومي من سجنه الإجباري التعسفي ، بعد ١٥ عاماً مروا عليه نحو ١٥٠ عاماً ذاق فيها أشد أنواع التعب الجسدي والعذاب المعنوي ، ليبدأ حياة جديد التي دمرها القدر الذي صنعه منه بطلاً تحمل الظلم ، وسط أهله وأحبائه وأحضان أمه الدافئة ليمسح دموعها التي سالت سنين دون رؤيته ، ليواجهه مستقبل غامض في نظره ، ينتظر الأمل من خلال أهل المحبة والخير دون عطف ، بالعثور له علي عمل يؤمن له حياة إنسانية ومعيشة كريمة وحياة مستقرة في منزل بعيداً عن المحافظة التي يتذكر فيها سبب ظلمه كي ما يعوض بها ما فاته من سنين عمره داخل السجن .