ياسر أيوب
أجمل وأخطر نجاح فى الدنيا هو النجاح الذى يأتى دون توقع أو تخطيط.. أجمل لأنه يأتى مفاجئا وحقيقيا تصحبه فرحة هائلة لم يكن ينتظرها صاحبها.. وأخطر لأنه يمنح صاحبه إحساسا زائفا بأنه بعد هذا النجاح أبدا لن يفشل حتى لو كانت خاطئة بعض قراراته واختياراته.. وفى ٢٠٠١.. اضطر اللاعب جوارديولا للرحيل عن برشلونة.. فالعمر الذى تجاوز ثلاثين عاما لم يعد يسمح له بالبقاء رغم كل نجاحاته القديمة كأحد لاعبى فريق الأحلام الذى أسسه يوهان كرويف.
وبدأ جوارديولا ينتقل من بريشيا وروما فى إيطاليا إلى الأهلى فى قطر ثم دورادوس فى المكسيك.. رحلة عادية متكررة لنجوم كثيرين قبل وداع ملاعب الكرة ونجاحاتها وأضوائها.. وحين اختار جوارديولا التدريب لتكملة مشوار حياته مع كرة القدم.. لم يتوقع أن يقوده ذلك لأن يصبح أحد أهم وأكبر وأشهر وأفضل مدربى كرة القدم فى العالم.. وأن يقود ثلاثة من أكبر أندية أوروبا لكثير من الانتصارات والبطولات.. برشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر سيتى.. وأن يصبح ناظر مدرسة تدريبية يتعلم فيها ومنها كثيرون فى العالم كله.. وكان هذا هو الجزء الجميل فى النجاح الذى يمنح صاحبه فرحة حقيقية وهائلة.. ويمنح أيضا ثقة مطلقة إلى حد اليقين بأن من يحقق كل ذلك صعب أن يفشل أو حتى يخسر.
وأنه سيبقى ناجحا بهذا الشكل حتى لو أخطأ وسيدوم تصفيق الناس وإعجابهم واحترامهم مهما جرى.. وكان هذا بالضبط الذى لم يتوقعه جوارديولا.. أن يخسر لأول مرة فى حياته خمس مباريات متتالية مع مانشستر سيتى اختتمها بالخسارة بأربعة أهداف على ملعبه.. وأن يضطر لتغيير سلوكه وأحاديثه.. وبدلا من أن يقف كما اعتاد طيلة السنين الماضية يصغى لحديث الآخرين عن موهبته وقدرته ونجاحاته.. أصبح هو الذى يضطر حاليا لتذكير الناس بما حققه من نجاحات حتى لا ينسوا ما الذى استطاع تحقيقه جوارديولا.. وأن يؤكد أن التراجع كان أمرا حتميا بعد كل هذه الانتصارات.. وأن يبدأ لأول مرة يشير إلى أسباب خارجية هى التى أدت لهذه الهزائم ويطيل الحديث عن إصابات لاعبيه، وأن فريقه يلعب عدد مباريات أكثر من معظم أندية الدورى الإنجليزى.. وأسباب أخرى لم يكن جوارديولا مضطرا أبدا للحديث عنها طيلة رحلته التدريبية خرافية النجاح والتميز مع عمالقة أوروبا.. ولا يعنى ذلك كله نهاية جوارديولا كمدرب رائع وقدير.. لكنها لحظة كان لابد أن تأتى لمراجعة الحسابات.. وأصدق ما قاله جوارديولا طيلة الأيام القليلة الماضية هو أن الأزمات الكبيرة دائما تبدأ بتفاصيل صغيرة.. فالأشياء الصغيرة دائما هى السبب الأول للنجاح أو الفشل.
تقلا عن المصرى اليوم