(د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
علينا –كمؤمنين وشعب الله– أنْ نقول معًا، وبشجاعة واستمراريّة، حتّى تتحوّل أقوالنا هذه إلى أعمال، وتعاليمنا المستقيمة إلى أفعال مستقيمة: نعم لكلِّ قولِ حقٍّ ولكلِّ عملِ محبّةٍ. فكما قال الكاردينال جوزيف راتسينغر، «في المسيح، تتزامن الحقيقة والمحبّة. فبمقدار اقترابنا من المسيح تمتزج الحقيقة والمحبّة في حياتنا أيضًا. إنَّ المحبّة بدون حقيقة ستكون عمياء؛ والحقيقة بدون محبّة ستكون مثل "صَنْج يَرِنّ" (1 كو 13/1)».

نعم لكنيسة المسيح وجسده، الّتي أَحَبَّها «وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها لِيُقدَسَها مُطهِّرًا إِيَّاها بِغُسلِ الماءِ وكَلِمَةٍ تَصحَبُه، فيَزُفَّها إِلى نَفْسِه كَنيسةً سَنِيَّة لا دَنَسَ فيها ولا تَغَضُّنَ ولا ما أَشْبهَ ذلِك، بل مُقدَّسةٌ بِلا عَيب» (أف 5/ 25-27). فهي الكنيسة الواحدة المقدّسة الجامعة الرّسوليّة: الأم الحنون الّتي تلد أبناءها وبناتها في المعموديّة، وترعاهم، وتعلّمهم بواسطة الأسرار، والحياة الكنسيّة، وقداسة قادتها وشعبها.

نعم للكنيسة الّتي قيل عنها: «فهُناكَ جَسَدٌ واحِدٌ ورُوحٌ واحِد، كما أَنَّكم دُعيتُم دَعوَةً رَجاؤُها واحِد. وهُناكَ رَبٌّ واحِدٌ وإِيمانٌ واحِدٌ ومَعْمودِيَّةٌ واحِدة، وإِلهٌ واحِدٌ أَبٌ لِجَميعِ الخَلْقِ وفوقَهم جَميعًا، يَعمَلُ بِهم جَميعًا وهو فيهِم جَميعًا. كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أُعطيَ نَصيبَه مِنَ النِّعمَةِ على مِقْدارِ هِبَةِ المسيح» (أف 4/ 4-7).

نعم للكنيسة الإفخارستيّة السّينودسيّة-المجمعيّة (1 كو 11-12)، كنيسة الشّركة والشّراكة والمشاركة بين جميع أعضائها: «وكما أَنَّ الجَسَدَ واحِدٌ ولَه أَعضاءٌ كَثيرَة وأَنَّ أَعضاءَ الجَسَدِ كُلَّها على كَثرَتِها لَيسَت إِلاَّ جَسَدًا واحِدًا، فكذلكَ المسيح. فإِنَّنا اعتَمَدْنا جَميعًا في رُوحٍ واحِد لِنَكونَ جَسَدًا واحِدًا، أَيَهودًا كُنَّا أَم يونانِيِّين، عَبيدًا أَم أَحرارًا، وشَرِبْنا مِن رُوحٍ واحِد. فلَيسَ الجَسَدُ عُضْوًا واحِدًا، بل أَعضاءٌ كَثيرة [...] فأَنتُم جَسَدُ المَسيح وكُلُّ واحِدٍ مِنكُم عُضوٌ مِنه» (1 كو 12/ 12-14. 27).

نعم لكنيسة شاملة وحاضنة، يجد فيها الإكليروس والعلمانيّين، والأغنياء والفقراء، والكبار والصغار، والرجال والنساء، مكانةً حقيقيّة وأذرعًا مفتوحة مرحبّة. فقد قال القِدّيس بوُلس: «لأَنَّكم جَميعًا أَبناءُ اللهِ بِالإِيمانِ بِالمسيحِ يسوع، فإِنَّكم جَميعًا، وقَدِ اعتَمَدتُم في المسيح، قد لَبِستُمُ المسيح: فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع» (غل 3/ 26-28).

نعم لكنيسة قويّة في رسالتها ومحبّتها، تجمع كلَّ أبنائها وبناتها تحت ظلّ جناحيها؛ ونعم لكلّ شخص في هذه الكنيسة يعمل على كمال بنيانها، ويساهم فيها ولو بعمل بسيط.

نعم لكنيسة خالية من الصّراعات والمنافسات والمجاملات الّتى لا تُجدي نفعًا.

نعم لكنيسة يشهد الجميعُ بأَعْمالها ومَحَبَّتها وإيمانها وخِدمَتها وثَباتها، وتشهد هي بأنَّ أَعْمالها الأَخيرة هي أَكثَرُ عَدَدًا مِن أَعْمالِها السَّالِفَة (رؤ 2/ 19).

نعم لكنيسة سفر أعمال الرّسل، الّتي لسان حالها: «لا فِضَّةَ عِندي ولا ذَهَب، ولكِنِّي أُعْطيك ما عندي: بِاسمِ يسوعَ المَسيحِ النَّاصِريِّ امشِ!» (رسل 3/ 6).

نعم لكنيسة "صامتة" (لا "صَمَّاء" و"بَكْماء" و"خَرْسَاء")، فهي اختارت طوعًا الصّمت وعدم الكلام، حتّى تتكلَّم إلى البشر المعاصرين من خلال صمتها البَليغ والمتكلِّم والحكيم والمتأمّل.

نعم لشعب كنيسة قيل عنه: «ها قد جَعَلتُ أَمامَكَ بابًا مَفتوحًا ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ إِغْلاقَه، لأَنَّكَ على قِلَّةِ قُوَّتِكَ حَفِظتَ كَلِمَتي ولم تُنكِرِ اسْمي» (رؤ 3/ 😎.
نعم للإله الحقيقيّ، الخالق والفادي والمحبّ لأبنائه وبناته، الّذي يصنع منهم أحرارًا ومُحرِّرين.

لقد قال لنا يسوع في بشارة يوحنّا: «تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم [...] فإذا حَرَّرَكُمُ الابنُ كُنتُم أَحراراً حَقّاً» (يو 8/ 32. 36).
https://abouna.org/article/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8E%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9%D9%8F-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A7-%D9%88%D9%86%D8%B9%D9%85?fbclid=IwY2xjawGyqPRleHRuA2FlbQIxMAABHU2m3hNgWHOFBiLhwki5153Fvbqf3o29IF0oLyXsmA58sj1LU1iZFo-iDA_aem_J5hZFKdndBTEwoosr28BVQ