مراد وهبة
إنه رفيع المقام الأستاذ الدكتور عبدالوهاب عبدالحافظ الذى كان رئيسًا لجامعة عين شمس من عام ١٩٩٢ إلى عام ١٩٩٧ والذى غادر هذه الدنيا فى ١٠ نوفمبر من هذا العام. والسؤال بعد ذلك: مَنْ هو أولًا ولماذا كان رئيس جامعة متميزًا ثانيًا؟ التحق بكلية الزراعة جامعة عين شمس فى عام ١٩٥٩ ثم معيدًا بها. ونال الماجستير فى عام ١٩٦٢ ثم الدكتوراه فى عام ١٩٦٦ وعُيّن عميدًا للكلية حتى عام ١٩٩٢ ثم رئيسًا لجامعة عين شمس من عام ١٩٩٢ حتى عام ١٩٩٧. وبعد ذلك عُيّن عضوًا بمجمع اللغة العربية فى عام ٢٠١٢. والسؤال بعد ذلك لماذا كان متميزًا فى رئاسته لجامعة عين شمس؟ جوابى بحكم معاصرتى له أستاذًا متفرغًا بذات الجامعة وهو كامن فى حادثة لها دلالتها الاستثنائية.
والحادثة قصتها على النحو الآتى: فى عام ١٩٩٥ انعقدت فى نيويورك (بافلو) ندوة تحت عنوان «ابن رشد وتأثيره» وكانت امتدادًا للمؤتمر الفلسفى الدولى الذى عقدته الجمعية الفلسفية الأفروآسيوية التى كنت رئيسًا لها بالاشتراك مع الاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية فى القاهرة فى عام ١٩٩٤ تحت عنوان «ابن رشد والتنوير». وفى هذا السياق أود التنويه بأن أحد قوانين الجامعة ينص على ضرورة إخبار عضو هيئة التدريس بأى دعوة يتلقاها من الخارج للمشاركة فيما تريده سواء بإلقاء بحث أو الاكتفاء بالحضور والمناقشة. وحيث إن مؤتمر نيويورك كان امتدادًا لمؤتمر القاهرة فتصورت أنه لا داعى للدخول فى الإجراءات الإدارية للحصول على إذن بالسفر ومن ثم ذهبت إلى نيويورك بدون إبلاغ عميد الكلية التى أعمل بها. وإثر عودتى كان قد نمى إلى العميد ما حدث، وبالتالى ارتأى أنه من اللازم إجراء تحقيق من أجل توقيع العقوبة المنصوص عليها فى قانون الجامعة، ومن ثم طلب منى الالتقاء برئيس الجامعة وكان العميد قد أخبر رئيس الجامعة بما اتخذه من إجراء. وبمجرد دخولى مكتب رئيس الجامعة بادرنى بالعبارة الآتية: ما هذا الذى فعله العميد؟ يطلب تحقيقًا فيما قمت به من مشاركة أكاديمية هى من صميم واجباتك. هذا إجراء غير مقبول على الإطلاق ولن أسمح باجرائه، ثم أضاف الآتى: عندما تكون مدعوًا لأى نشاط أكاديمى خارج أرض الوطن لا أطلب منك إلا أمرًا واحدًا وهو مكالمة تليفونية تخبرنى فيها بمكان المؤتمر المشارك فيه لكى أتخذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حياتك وتأمينك من أى عبث بها حتى تعود إلى أرض الوطن سالمًا.
وحيث إن هذا الحديث الذى سمعته من رئيس الجامعة هو الأول من نوعه فأنا أقترح إلغاء القانون الجامعى والبديل يكون بالنص الآتى: الاكتفاء بمهاتفة رئيس الجامعة فى حالة السفر من أجل اتخاذ الإجراءات الأمنية المطلوبة واعتبار المشاركة الأكاديمية امتدادًا لما يقوم به عضو هيئة التدريس من إلقاء محاضراته فى جامعته التى يعمل بها. وفى نهاية المطاف أثير هذا السؤال: هل من الممكن إصدار هذا القانون المقترح إعزازًا وإجلالًا لهذا الرئيس المتميز الراحل الأستاذ الدكتور عبدالوهاب عبدالحافظ بل إعزازًا وتقديرًا لأساتذة الجامعة؟!
نقلا عن المصرى اليوم