حمدى رزق
فى معادلات كرة القدم، هناك ما يسمى تعادل بطعم الفوز، هكذا يمكن توصيف (معادلة) اتفاق وقف إطلاق النار فى جنوب لبنان الذى دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء. التبسيط ليس مُخلًا بانتصار المقاومة اللبنانية، ولا ينقص من غلتها، الترجمة الأمينة كالعنوان أعلاه، وقف إطلاق نار بطعم الانتصار على جيش الاحتلال.. الشباب المُقنعون أجبروا الجبروت الصهيونى المتجبر على الانصياع غصبًا لإرادة المقاومة التى أثخنته جراحًا..
مجرم الحرب المطلوب للجنائية الدولية، «بنيامين نتنياهو» انزوى فى ركن قصى يلعق جراحه الدامية كذئب جريح، بالمناسبة «نتنياهو» لم يكن يومًا نمرًا، النمور شماء عزيزة النفس تأنف الجيفة.
المقاومة (مقاومة حزب الله) الشرسة جرحت كبرياء جنرالات الكابينيت الإسرائيلى، (مجلس الحرب)، كسرت أنف نتنياهو، كلفته كثيرًا من منعته السياسية، قاب قوسين أو أدنى من السجن إسرائيليًا أو الاعتقال دوليًا. نتنياهو خرج مهزومًا من حرب الشمال يعوى، يدارى سوءته بكلام مخاتل عن نصر زائف يتخيله ويسوقه بضاعه فاسدة للاستهلاك المحلى، وهو ومجلس حربه يعاينون الخسائر الفادحة فى المعدات والأفراد، خسرت إسرائيل فى حربها المسعورة على لبنان «الجلد والسقط» كما يقولون.
لماذا هو انتصار؟، لأن المقاومة، التى دفعت ثمنًا باهظًا من أرواح قادتها وشعب لبنان، لم تستسلم، ولم تُلقِ السلاح، ولم ترفع الراية البيضاء، ولم تغادر موقعًا متقدمًا، لم تتزحزح موضع قدم، شهداء المقاومة مضرجون فى دمائهم يحمون بأجسادهم بطاريات الصواريخ التى تُلهب ظهور جيش الاحتلال. وظلت المقاومة صامدة على ثغور الليطانى، تذود عن حياضها، ولم ترهبها آلة عسكرية مجنونة منفلتة العقال، مدعومة من أساطيل بحرية تضرب الحصار، ولم يفت فى عضدها الخرق العميق فى بنيتها المعلوماتية، والخسارة الفادحة فى قياداتها السياسية والميدانية..
سريعًا، وبجاهزية احترافية جرى تعويض الفاقد سريعًا وبكفاءات سياسية، وكفايات عسكرية، وتضحيات من بيئة مدنية حاضنة وفرت الدعم، والقوت الضرورى للمقاومين فى الخطوط الأمامية.
فلسفة الانتصار، (إيلام العدو)، معادلة سكها الشهيد أبوالشهيد السيد «حسن نصر الله»، وعليها ذاق نتنياهو الأهوال، وعاش أيامًا سوداء وتوابيت الموتى قادمة من نهاريا فى الشمال، تقابل مثلها تأتى من جباليا فى الجنوب. وحدة الساحات تجسدت فى تصدير التوابيت إلى تل أبيب، تتقابل وتتراصّ أمام ناظريه، والحاخامات فى شغل يتلون شعائر الجناز، اشتغلوا كثيرًا فى عام أخير، 14 شهرًا ونيف من شعائر تلمودية تحرض على الثأر.. غمغمة الحاخامات تُسعر الحرب.
المقاومة بالبلدى وباللهجة المصرية البليغة «علمت على نتنياهو»، فى ظهوراته العنترية يتحسس مؤخرة رأسه خشية أن تسقط الكِبة (اليارمولكه) فيما خلفه من وحل، والحساب السياسى على خطاياه العسكرية عاجلًا، سيفقد موقعه السياسى، والحساب الجنائى على جرائم الإبادة الجماعية، سيُعتقل.. ولو بعد حين. وثبت باليقين، لا يفل الحديد إلا الحديد، النار بالنار، والدم بالدم، وحيفا مقابل حارة حريك، وتل أبيب مقابل بيروت، والردع الصاروخى يردع القصف الجوى، والمسيرات تتصادم فى السماء. وقف إطلاق النار (ستين يومًا) كافية لتعمير البنادق، وشحن البطاريات، ورص الصف، ليست أبدًا «استراحة محارب»، كما يقولون فى الأدبيات العسكرية، بل «استنفار مقاوم»، كما يقولون فى أدبيات المقاومة.. العدو غدار.
نقلا عن المصرى اليوم