الاب جون جبرائيل
بين فيروز والكتاب المقدّس: رحلة في معنى النصوص
حينما استمعنا لأغنية "بكتب اسمك يا حبيبي"، بصوت فيروز الملائكي التي غنّتها في الستينيات، ربطناها بالحب والرومانسية. كنا نظن، ببراءة طفولتنا وحساسيتنا، أن الأغنية ليست سوى رسالة عشق رقيقة تُخاطب الحبيب بأسمى معاني الوفاء. لسنوات، رافقنا هذا المعنى البديهي، ولم نشك لحظة في أنه قد يحمل بُعدًا آخر.
في 2024، ظهرت فتاة شابة بابتكار فريد: دمجت صوت فيروز الأصلي مع أداء تمثيلي يُبرز وجهها وهي تُعيد تقديم الأغنية. لكن الأداء الجديد كان صادمًا، كأنما قلب الطاولة على كل ما اعتقدناه. فجأة، الكلمات التي كانت في أذهاننا رمزًا للحب الرومانسي، بدت وكأنها تحمل معنى آخر، أعمق أو ربما مختلف تمامًا.
هل كانت هذه الفتاة مخادعة؟
هل شككت في صوت فيروز أو نية الكاتب؟ أم أنها ببساطة أعادت تعريف علاقتنا بالنص؟ الواقع أن تجربتها جعلتنا ندرك أننا لم نكن نسمع الأغنية بآذان واعية، بل كنا نتبنى فهمًا جاهزًا فرضه علينا السياق الذي كبرنا فيه.
من فيروز إلى النصوص المقدسة
هذا الفيديو فتح في ذهني بابًا كبيرًا للتساؤل: إذا كانت أغنية عمرها بضعة عقود قد أساء الكثيرون فهمها أو حصروا معناها، فما بالك بالنصوص المقدسة؟ نصوص كتبت قبل أكثر من ألفي عام، بلغات لم تعد متداولة، وفي أماكن وعصور تختلف جوهريًا عن عالمنا اليوم؟
هل نعتمد على المفسرين والعلماء، الذين يسبرون أغوار النصوص من خلال اللغة والتاريخ والثقافة؟ أم نكتفي بمنهج الفكر الأصولي السلفي، الذي يقول: "ما أفهمه من النص هو الحقيقة المطلقة، وكل تفسير آخر باطل"؟
النصوص ليست كيانات جامدة
مثلما حملت أغنية فيروز معاني متعددة قد لا تظهر للوهلة الأولى، فإن النصوص الدينية أيضًا أوسع وأعمق مما تبدو عليه. ليست مجرد كلمات جافة تُقرأ بحرفيتها، بل هي نسيج حيّ يتفاعل مع الزمن والقارئ. النصوص الحية تُمكّننا من أن نعيد اكتشافها مرارًا، ليس كخيانة للماضي، بل كحوار مع الحاضر.
لكن الاعتماد فقط على القراءة السطحية يجعلنا أسرى لرؤى محدودة. المفسرون: مثل الفتاة التي أعادت أداء أغنية فيروز، قد يثيرون دهشتنا أو يُزعجوننا، لكنهم يُعيدون الحياة للنصوص، ويجعلوننا نراها من زوايا لم نكن ندركها.
بين الماضي والحاضر
إعادة اكتشاف النصوص، سواء كانت أغنية أو نصًا مقدسًا، ليست خطرًا بل ضرورة. الاحترام للماضي لا يعني الجمود في فهمه، والانفتاح على التفسير الجديد لا يُفسد الأصل، بل يُثريه.
الرسالة هنا واضحة: النصوص لا تنتمي فقط لماضٍ بعيد، بل هي جزء من حاضرنا ومستقبلنا، بقدر ما نسمح لها أن تكون.
فيديو الفتاة الملهمة:
https://www.facebook.com/reel/845540833989751