ياسر أيوب
فى ديوان جوابات حراجى القط ..قال الشاعر الراحل الكبير عبد الرحمن الأبنودى .. عدم العلم مليح .. عدم العلم عيون تنعس فى الليل .. ضحكة من القلب .. من القلب صحيح .. عدم المعرفة بيخلى الرجالة عيال .. يضحكوا يبكوا ودايما للدنيا طعم جديد
وسيرى كثيرون أنه لا علاقة بين ما قاله الأبنودى على لسان حراجى القط العامل فى السد العالى .. ومباراة الأساطير أو النجوم القدامى لبرشلونة وريال مدريد التى استضافتها الدوحة الخميس الماضى .. لكننى شاهدت المباراة بمشاعر الأبنودى وكلمات الأسطى حراجى ..
ورأيت الرجال يلعبون ويضحكون وقد قرروا نسيان العمر الذى جرى والذكريات التى تراكمت والهموم التى استوطنت القلب والجسد الذى فقد لكثير من قوته ولياقته .. فهذا هو ما يحتاجه كل الناس بين حين وآخر سواء كانوا رجالا أونساء .. لحظات التمرد على أى قواعد وقضبان وقيود وعدم الاستسلام لأى حزن ووجع وخوف ..
هكذا رأيت تلك المباراة وهكذا رأيت رونالدينيو وريفالدو وأبيدال وريكاردو وديفيد فيا وسورين بقمصان برشلونة ..
وروبرتو كارلوس وفيجو وكاسياس وسيدورف وبابتيستا وكونجو بقمصان ريال مدريد وآخرين غيرهم فى الناديين الكبيرين ..
ومع كل الاحترام لمن وصفوا هؤلاء النجوم بالذهب الذى لا يصدأ دلالة على أن الزمن لم يسرق منهم مواهبهم الكروية وسحرهم الكروى .. لكننى لم أرهم مجرد نجوم قدامى يلعبون مباراة استعراضية هى الثالثة بين عملاقى إسبانيا لكن رأيتهم بشرا عاديين تجمعوا ليشطبوا سنينا طويلة كثيرة أبعدتهم عن غرامهم الحقيقى .. لاعبو كرة قدم لم يأت بهم للملعب رغبة فى فوز وتألق وسماع تصفيق وصرخات اعجاب وانبهار لكنهم عشاق عادوا للحب القديم .. تماما مثل أى رجل أو إمرأة قرروا فجأة وسط زحام الحياة وقيودها وضغوطها وحمولها الهرب لممارسة ما يسعدهم ويشبع حنينهم لأجمل ما كان فى مشاويرهم .. رأيتهم تماما كما قال الأبنودى ..
يضحكون من قلوبهم .. يتظاهرون بعدم معرفة أى شىء إلا أنهم يستحقون الفرحة ويحتاجون إليها ولو دقائق قليلة
وبالتالى لم يغضب نجوم ريال مدريد لأنهم خسروا المباراة بضربات الجزاء بعد انتهاء الوقت الأصلى بالتعادل وظلوا يضحكون من قلوبهم .. ولم يفرح كبار برشلونة بانتصارهم كما اعتادوا ذلك منذ سنين حين كانوا يفوزون على الريال ..
بل أظن أن نجوم الفريقين لم يهتموا أصلا بما سيقوله عنهم الجمهور فى الملعب والمشاهدون عبر شاشات التلفزيون أو حاولوا إثارة إعجاب أى أحد .. فالإنسان الذى يضطر أن يعيش دائما تحت ضغط عيون الناس وألسنتهم وأحكامهم .. يحتاج هذا الإنسان أحيانا لأن يكون نفسه كما هو لا كما يريده الناس أن يكون حتى لو لم يحب ما يريده ويطلبه الناس