الاب جون جبرائيل
حدّقتُ في عينيَّ المتجمدتين في انعكاس المرآة، وكأنهما نافذتان على عالم لا أفهمه. كنت أرى نفسي، ولكن لم أكن أعرفني. فكرتُ: "هل يكفي أن أرى صورتي لأفهم مَن أكون؟ أم أنني أكثر من هذا الجلد والعظم، أكثر من هذا الوجه الذي يعكس الضوء؟"

المرآة أعادتني إلى ذاتي المادية، لكنها أثارت سؤالاً أعمق: ماذا لو أنني أكثر من هذه الصورة؟ ماذا لو أنني فكرة، أو مجموعة من المشاعر والأفكار التي لا يمكن للمرآة أن تلتقطها؟ كيف أعرف نفسي إذا كانت عيني تخدعني بعرض الظاهر فقط؟

خرجتُ من غرفتي وأخذت أمشي في الحي المعزول، أحاول استشعار نفسي في انعكاسات أخرى: انعكاسي في مياه نافورة صغيرة، في عيون كلب مرَّ بجانبي، وحتى في عيون الناس الذين لم أكن أعرفهم. لكن في كل مرة، كنت أرى فقط جزءًا مني، شكلاً خارجيًّا لا يُخبرني عن الروح التي تسكن داخلي.

بدأتُ أفكر: "هل أنا أعيش حياتي أم أنني مجرد ظل لنفسي؟ هل يمكن أن يكون وجودي كاملاً إذا لم أستطع أن أعرّف نفسي لنفسي؟"

وبينما كنتُ غارقًا في هذه الأفكار، مرت سحابة أمام القمر، واختفى انعكاسي على نافذة قريبة. شعرت للحظة كأنني قد اختفيت فعلاً. لكنني ما زلت أتنفس، ما زلت أمشي. فهل وجودي يعتمد على رؤيتي لنفسي، أم أنني موجود لمجرد أنني أشعر وأفكر وأكون؟

عدتُ إلى غرفتي، جلستُ أمام المرآة مجددًا وقلت بصوت مرتجف: "أنا لست ما أراه فيكِ. أنا ما أشعر به حين لا أراكِ."