محرر الأقباط متحدون
مع تجدد القتال في مدينة حلب السورية أجرت وكالة ADNKRONOS الإيطالية للأنباء مقابلة هاتفية مع السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري أطلق خلالها نداء من أجل تحييد المدنيين العزل، لافتا إلى أن المواطنين فقدوا الأمل ولم يعد لديهم خيار آخر سوى مغادرة البلاد.
 
أكد الكاردينال زيناري أن الكنيسة الكاثوليكية، التي يشكل أتباعها أقلية ضئيلة في سورية، ليس لديها ما يكفي من قوة لتلعب دور الوسيط في سياق ما يجري اليوم في مدينة حلب، خصوصا وأن الكنيسة فقدت - خلال سنوات الحرب – ثلثي المسيحيين. وفي أعقاب التصريحات الصادرة عن الجهاديين والقوات المتحالفة معهم بعد سيطرتهم على حلب، تمنى الدبلوماسي الفاتيكاني أن يُحيّد السكان المدنيون، وأضاف إن الثوار تعهدوا في الوقت الراهن بعدم التعرض للمدنيين العزل وطلبوا منهم أن يبقوا في منازلهم لكن مما لا شك فيه – قال الكاردينال زيناري – أن المواطنين سوف يعانون نتيجة الصراع بشكل أو بآخر. وهذا ما تُظهره الأعداد الكبيرة للمهجرين منذ بداية الصدامات المسلحة والتي قُدرت بعشرات الآلاف.
 
واعتبر السفير البابوي في سورية أن الجماعة الدولية مدعوة إلى العمل من أجل تفادي الصراعات المسلحة، موضحا أنها تتدخل دائماً بشكل متأخر، ولفت على سبيل المثال إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان متوقعاً، والأمر نفسه ينطبق على الحرب الروسية الأوكرانية. لذا من الأهمية بمكان أن تتصرف الجماعة الدولية قبل وقوع الحروب من أجل تفاديها، وليس بعد وقوعها.
 
تابع الكاردينال زيناري حديثه الصحفي مؤكدا أن سورية كلها تتألم وقد فقد المواطنون الأمل، وبات الهروب من البلاد الخيارَ الوحيد المتاح لديهم، ووجهتهم الأولى هي أوروبا. واعتبر نيافته أنه ستترتب على التطورات الراهنة اليوم في حلب انعكاسات هامة، إذ ستنتج عنها موجة جديدة من النزوح والهجرة باتجاه القارة الأوروبية. وختم السفير البابوي في دمشق بالقول إن بعض هؤلاء السوريين النازحين سيصلون إلى أوروبا من خلال الممرات الإنسانية، فيما سيلجأ آخرون إلى وسائل بديلة معرضين حياتهم للخطر، لكنهم مستعدون لخوض هذه المغامرة لأن ليس لديهم أي حل بديل.
 
على صعيد آخر، تعرض المعهد الفرنسيسكاني في حلب لأضرار جسيمة بعد أن استهدفته غارة جوية روسية، حسبما أكد وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، من خلال تغريدة على موقع إكس، مطلقا نداء إلى جميع الأطراف المعنية كي توفر الحماية للمدنيين. وأضاف أن إيطاليا تسعى إلى توفير كل مساعدة ممكنة لرعاياها في سورية. نبأ الغارة على المعهد المذكور أكده أيضا حارس الأرض المقدسة الأب فرنشسكو باتون في بيان كتب فيه أن الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا أو جرحى، موضحا أن الرهبان الفرنسيسكان والمؤمني بخير وأن حراسة الأرض المقدسة في تواصل مستمر معهم. وحث باتون جميع الرهبان والمؤمنين المسيحيين في الأرض المقدسة والعالم على الصلاة من أجل السلام في سورية التي تعاني من سنوات طويلة من الحرب والعنف. وذكّر حارس الأرض المقدسة بأن كلمة الله، في هذا الأحد الأول من زمن المجيء، تدعونا إلى الحفاظ على الرجاء والأمل في تحقيق السلام، قائلا: دعونا نتجاوب مع هذا النداء ونصلي كي يتحقق لدى أخوتنا السوريين.
 
مدينة حلب التي شكلت في العام ٢٠١٦ مسرحاً لمعركة شرسة مكنت القوات الحكومية من السيطرة عليها،  وقعت مجددا، بعد ثماني سنوات، في يد الثوار الجهاديين المناهضين لنظام الرئيس الأسد. هذا ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان موضحاً أن مقاتلي "هيئة تحرير الشام" والفصائل المتمردة المتحالفة معها سيطرت على المدينة باستثناء الأحياء الخاضعة لنفوذ القوات الكردية.