مارجريت عازر
فى تصريح حديث، أثارت دكتورة فى الاقتصاد المنزلى الجدل بتأكيدها أن أسرة مكونة من أربعة أفراد تستطيع العيش بتكلفة غذائية قدرها ٣٠٠٠ جنيه شهريًا. هذا التصريح الذى قد يبدو للوهلة الأولى كحل اقتصادى مبتكر، إلا أنه فتح بابًا واسعًا للانتقادات والمناقشات حول واقع الأسر المصرية فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
فى الوقت الذى تواجه فيه الكثير من الأسر ضغوطًا مالية كبيرة بسبب التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية، أصبح هذا التصريح مادة خصبة للمناقشة فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، مما أثار العديد من التساؤلات حول واقعية هذا التقدير ومدى تأثيره على حياة الأسر.
يأتى تصريح دكتورة الاقتصاد المنزلى فى إطار محاولة تقديم حلول للأسر التى تعانى من صعوبة التكيف مع ارتفاع الأسعار. لكن من خلال الأرقام والواقع الذى يعيشه المواطن العادى، يبدو أن هذا التصريح يفتقر إلى المصداقية والواقعية بالنسبة للكثيرين. حيث إن أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والزيت واللحوم والدواجن قد شهدت ارتفاعًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، ما يجعل من الصعب جدًا أن تتمكن أسرة مكونة من أربعة أفراد من تغطية احتياجاتها الغذائية بهذا المبلغ. فحتى مع توافر التخفيضات والعروض، لاتزال الأسعار تفوق القدرة الشرائية للعديد من الأسر.
والحقيقة أن الحكومة رفعت الحد الأدنى للأجور ضعف هذا المبلغ، ما يعنى أن هذا التصريح يأتى فى إطار الترند والجدل دون النظر إلى تأثيره اليومى. إذا كانت الأسر فى مصر تعانى من ضغوط اقتصادية كبيرة، فإن هذا التصريح قد يزيد من معاناتها. فقد يشكل تصريح مثل هذا ضغطًا نفسيًا على الأفراد الذين يعيشون فى واقع يختلف تمامًا عن الأرقام التى يتم الترويج لها. فبدلًا من تقديم حلول عملية لتحسين الوضع الاقتصادى للأسرة، قد يؤدى التصريح إلى مزيد من الإحباط والقلق بين الأسر التى تجد صعوبة فى تلبية احتياجاتها اليومية.
قد يشعر البعض بوجود فجوة كبيرة بين الواقع الذى يعيشونه وبين ما يُطرح فى الإعلام، مما قد يساهم فى زيادة الشعور بالعجز والضيق.
يبدو أن التصريح لا يعدو كونه محاولة للفت الأنظار إلى موضوع يثير الجدل ويجذب الانتباه. فالتصريحات المثيرة للجدل التى تتعلق بالقضايا الاقتصادية أو الاجتماعية أصبحت أحد العوامل الأساسية فى تشكيل الترند على منصات التواصل الاجتماعى. على الرغم من أهمية الموضوع، إلا أن مثل هذه التصريحات قد تساهم فى تحريف الحقائق وتضليل الجمهور. فبدلًا من التركيز على مشاكل حقيقية مثل البطالة، وتدهور الخدمات العامة، وارتفاع أسعار المعيشة، يتم التركيز على تصريحات قد تثير الجدل، لكنها بعيدة عن الواقع المعيش.
التركيز على مثل هذه التصريحات يمكن أن يجعل من الموضوعات التى تهم الناس بشكل مباشر، مثل الفقر والبطالة ومشاكل التعليم والصحة، فى طى النسيان. فى حين أن وسائل التواصل الاجتماعى تتسابق فى نشر هذا النوع من التصريحات التى قد تبدو غير واقعية، قد تتجاهل القضايا التى تحتاج إلى مناقشة جادة وتقديم حلول واقعية. وهذا قد يؤدى إلى إبعاد الناس عن قضاياهم الحقيقية وتركيزهم على أمور قد لا تغير من واقعهم شيئا.
إن تصريح دكتورة الاقتصاد المنزلى حول قدرة الأسرة على العيش بثلاثة آلاف جنيه للغذاء يعكس رؤية قد تكون بعيدة عن الواقع الذى يعيشه المواطن المصرى فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. صحيح أن هذا التصريح قد يثير نقاشات وتفاعلات واسعة على منصات التواصل الاجتماعى، لكنه قد يؤدى إلى زيادة التوتر الاجتماعى بدلا من تقديم حلول عملية. على الحكومة والمؤسسات المعنية أن تركز على وضع سياسات اقتصادية تعزز من قدرة الأسر على التكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة، بعيدًا عن التصريحات التى تخلق ضجة، لكنها لا تحمل حلولًا حقيقية.
نقلا عن المصرى اليوم