محرر الأقباط متحدون
في تقديمه لكتاب بعنوان "يوبيل الرجاء" توقف الأب الأقدس عند اليوبيل الذي سيُحتفل به عام ٢٠٢٥ ومعنى الرجاء وأن نكون حجاج رجاء. كما أعرب قداسته عن الرجاء في أن يكون اليوبيل فرصة لبلوغ وقف لإطلاق النار في كل النزاعات الدائرة.

"يوبيل الرجاء" هذا عنوان كتاب صدر أمس ٢ ديسمبر ٢٠٢٤ للصحفي الإيطالي فرنشيسكو أنطونيو غرانا. ولهذا الإصدار كتب المقدمة البابا فرنسيس فتوقف أولا عند كون الرجتاء لا يُخيِّب حسبما جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل روما. وذكَّر قداسته بأن هذا هو العنوان الذي اختاره لمرسوم الدعوة إلى اليوبيل الذي سيُحتفل به سنة ٢٠٢٥. وواصل البابا مشددا على ضرورة أن نسير معا لنكون حجاج رجاء، وهذا هو شعار اليوبيل. وفي حديثه عن الرجاء كتب البابا فرنسيس أنه ليس، وكما يُعتقد غالبا، التفاؤل ولا هو مجرد شعور إيجابي إزاء المستقبل. الرجاء أمر مختلف، تابع الأب الأقدس، فهو ليس وهما أو شعورا بل هو فضيلة ملموسة وتصرف حياتي يتعلق باختيارات محددة. وواصل البابا أن الرجاء يتغذى على الالتزام لصالح الخير من قِبل كل فرد، ويكبر حين نشعر بأنفسنا مشاركين في منح معنى لحياتنا ولحياة الآخرين. ومن هذا المنطلق فإن تغذية الرجاء هي فعل اجتماعي وفكري وروحي، فني وسياسي بالمعنى الاسمى للكلمة، كتب البابا فرنسيس، وواصل أن هذا يعني وضع القدرات والموارد في خدمة الخير العام، يعني زرع المستقبل. الرجاء يولد التغير ويُحَسن المستقبل، إنه الفضيلة الأصغر، حسبما كتب شارل بيغي، إلا أنها تلك التي تحملك إلى الأمام أكثر من غيرها. الرجاء لا يُخيِّب أبدا، أضاف الأب الأقدس.

توقف البابا فرنسيس بعد ذلك عند معنى أن نصبح حجاج رجاء فأشار إلى أن الحج هو تنقل جسدي حيث يترك الشخص بيته وما هو أكيد بالنسبة له ليأحذ في التحرك نحو هدف ما. وتابع أن هناك مَن يقوم بالحج لطلب نعمة لنفسه أو لشخص عزيز ولكن فقط عقب العودة يلمس الشخص أن المعجزة الحقيقية ليست الشفاء الجسدي بل هي هبة الإيمان الذي يتقوى بالحج ويتعزز بهذه الرحلة، إلا أن الحج ليس فقط رحلة بالجسد بل داخل الذات أيضا والتساؤل حول الذات في نور الإنجيل. وأضاف البابا هنا أن الانطلاق في مسيرة هو أمر مميِّز لمن يبحثون عن معنى الحياة.

تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن انتشار السخرية ممن يتميزون بالرجاء وهو ما يتزايد يوما بعد يوم أمام تزايد الحروب وإنتاج السلاح وما تُدر من أرباح، وأيضا تراجع الولادات وانتشار جرائم قتل النساء والكراهية. إلا أنه، ونشكر الله على هذا، هناك الكثير من الخير الصامت وذلك في الكنيسة أيضا، كتب البابا، خير يرد كل يوم على ما تبدو أنها هاوية شر. وأضاف قداسته أن هذا الشر هو ما نراه في عدم استقبال المهاجرين، أخوتنا، الذين يواجهون ما تُعرف باسم رحلات الرجاء إلا أنها بالأحرى رحلات يأس يلقى فيها هؤلاء الأشخاص الموت في البحر المتوسط الذي تحول إلى مقبرة كبيرة. نجد هذا الشر، واصل البابا فرنسيس، فيمن يغذون النزاعات المنسية غالبا والتي تسفر عن مآسٍ إنسانية لم تَعد تثير الاهتمام.

كم أود أن يكون اليوبيل القادم بالفعل، واصل البابا فرنسيس في تقديمه للكتاب، فرصة مناسبة من أجل وقف إطلاق النار في كل الدول التي تدور فيها نزاعات. وشدد الأب الأقدس هنا مرة أخرى على أن الجميع يخرجون من الحرب، من أي حرب، خاسرين، منذ اليوم الأول. وتابع البابا حديثه عن اليوبيل القادم فذكَّر بما كتب في مرسوم الدعوة إلى اليوبيل: "لكي أقدّم للسّجناء علامة قرب عمليّة، أودّ بنفسي أن أفتح بابًا مقدّسًا في سّجن، ليكون رمزًا لهم يدعوهم إلى أن ينظروا إلى المستقبل برجاء والتزام متجدّد بالحياة". وذكَّر البابا أيضا بدعوته في هذا المرسوم إلى أشكال من العفو أو تخفيف الأحكام على السجناء، وإلى إلغاء عقوبة الإعدام غير المقبولة لإنها اعتداء على كرامة الأشخاص التي لا يمكن المساس بها.

وتابع البابا فرنسيس مشيرا إلى أن ملايين الحجاج سيَعبرون خلال يوبيل سنة 2025 الأبواب المقدسة في بازيليك القديس بطرس وبازيليك القديس يوحنا اللاتيراني وبازيليك القديس بولس خارج الأسوار. وأعرب قداسته هنا عن الرجاء في ألا يكون هذا الحج رحلة سياحية أو بلوغ هدف، بل فرصة للارتداد وإعادة النظر في الحياة في نور الإنجيل، والإصغاء إلى الكلمة الوحيدة التي تُخَلِّص، كلمة يسوع المسيح. وواصل البابا معربا من جهة أخرى عن الرجاء في أن يكون هذا الحج مرافَقا بأفعال محبة يتم القيام بها في الخفاء.

هذا وأراد قداسة البابا التأكيد في تقديمه للكتاب على أن الجميع يمكنهم القيام بهذا الحج، فالسنة اليوبيلة بما تتضمن من غفران هي موجهة للجميع، فجميعنا خطأة، والبابا أيضا، في حاجة إلى أن يُغفر لنا. وأضاف قداسته أنه ليس هناك مَن لا يمكنه أن يطلب المغفرة من الرب وليست هناك خطيئة لا يمكن للرب أن يغفرها.

ومن بين ما تَضَمنه تقديم البابا فرنسيس لهذا الكتاب توجيه قداسته الشكر إلى الصحفي فرنشيسكو أنطونيو غرانا على هذا العمل وتحديدا على تلخيصه في الكتاب معنى يوبيل سنة ٢٠٢٥. وأعرب البابا عن سعادته أمام تأكيد الكتاب على أن اليوبيل ليس موعدا تفرضه الروزنامة بل هو أداة رعوية حقيقية يلجأ إليها الباباوات منذ القرن الرابع عشر وحتى اليوم، وذلك حسب متطلبات الأزمنة التي عليهم فيها أن يقودوا الكنيسة. وإلى جانب الغفران أراد البابا فرنسيس تسليط الضوء على أن اليوبيل القادم سيتضَمن مثلَين آخرين على الرجاء، فخلال الاحتفال بالسنة اليوبيلية سيتم إعلان قداسة الطوباويَّين بيير جورجو فراسّاتي وكارلو أكوتيس. قديسان شابان، تابع الأب الأقدس، أدركا في مراحل مبكرة من حياتهما أن المركز الوحيد لكل شيء هو يسوع المسيح الذي يتماهى في الأخيرين، الفقراء، مَن يتعرضون إلى الإقصاء من قِبل المجتمع. وتوقف البابا فرنسيس في الختام عند هاتين الشخصيتين مذكرا برغبة الطوباوي بيير جورجو فراسّاتي في الرد على محبة يسوع التي نالها بالمعمودية من خلال زيارة الفقراء ومساعدتهم. وذكَّر الأب الاقدس من جهة أخرى بحديث الشاب كارلو أكوتيس خلال مرضه عن رغبته في أن يكرس ما سيكون عليه تحمله من معاناة للرب وللبابا وللكنيسة. كما وكان قادرا على استخدام الشبكة وتقنياتها للكرازة ونقل الإنجيل لإيصال القيم والجمال. ثم ختم البابا فرنسيس المقدمة راجيا أن تساعد قراءة هذا الكتاب على عيش يوبيل الرجاء بشكل أفضل.