ياسر أيوب
لأن كرة القدم لم تفقد بعد قلبها ورومانسيتها وتعاطفها مع عشاقها.. ولأنها لا تحب أن يعيش أهلها طول الوقت وسط انفعالات وتوتر وضغوط.. كانت مباراة النساء، أمس الأول، فى استاد ويمبلى فى لندن، بين منتخبى إنجلترا والولايات المتحدة.. وعلى الرغم من أنها كانت مباراة بين المنتخب الأمريكى، المصنف الأول على العالم، والمنتخب الإنجليزى، المصنف ثانيًا.. وكانت أيضًا مباراة بين الأمريكيات، صاحبات الذهب الأوليمبى فى دورة باريس الماضية، والإنجليزيات، بطلات أمم أوروبا.. لكن لم يهتم كثيرون بذلك، حيث كان هناك حديث عن الأوطان ومنتخباتها وجنسيات مدربيها.. منتخب إنجليزى تقوده هولندية، اسمها سارينا ويجمان، ومنتخب أمريكى،

تقوده إنجليزية، اسمها إيما هايز.. وقبل قرابة أربعين يومًا، كان المؤتمر الصحفى الأول للألمانى توماس توخيل، بعد اختياره لقيادة منتخب الإنجليز للرجال.. وفوجئ توماس بصحفى إنجليزى يسأله هل سيغنى النشيد الوطنى الإنجليزى قبل كل مباراة لمنتخب إنجلترا، الذى سيقوده بداية من يناير المقبل؟.. ومثلما كان السؤال مفاجئًا..

كانت إجابة توخيل أيضًا مفاجئة لصاحب السؤال وكل الحاضرين حين قال بهدوء إنه لا يملك إلا جواز سفر واحدًا فقط، هو جواز سفره الألمانى.. وقال توخيل أيضًا إنه سأل إن كان مطلوبًا منه غناء النشيد الوطنى الإنجليزى، وقيل له إنه أمر ليس مفروضًا عليه، وهو فقط قرار متروك له بكامل حريته.. ولم يكن الصحفى صاحب السؤال هو الوحيد الذى كان يتمنى مدربًا إنجليزيًّا يقود منتخب الإنجليز.. فقبل توخيل قاد المنتخب الإنجليزى العريق اثنان فقط من الغرباء.. السويدى جوران إريكسون فى ٢٠٠١ والإيطالى فابيو كابيلو فى ٢٠٠٧.. ولم تكن تجارب ناجحة، واعتقد كثيرون أنه لا غرباء بعد كابيلو، لكن فى النهاية جاء الألمانى توخيل.. والمؤكد أن أحدًا لم يطلب من الهولندية سارينا أن تغنى النشيد الإنجليزى قبل كل مباراة للإنجليزيات حين تولت مهمتها فى ٢٠٢١.. وبعد عام واحد فقط نجحت سارينا فى قيادة الإنجليزيات إلى الفوز بأمم أوروبا كبطولة عجز الرجال الإنجليز حتى الآن عن الفوز بها..

ومؤكد أيضًا أن الإنجليز لم يمانعوا مطلقًا أن تقود إنجليزية منتخب الأمريكيات.. ولم يمانع الأمريكيون أيضًا حين تولّت إيما هايز قيادة منتخبهم النسائى فى مايو الماضى، وفازت معهن بالذهب الأوليمبى فى باريس.. بل إنهم أحالوا الأمر إلى دراما كروية نسائية، بعدما اكتشفوا أن إيما مولودة فى كامدن، القريبة من استاد ويمبلى، الذى شهد أجمل انتصاراتها التى حققتها كمدربة لنادى تشيلسى النسائى حين قادته من ٢٠١٢ حتى ٢٠٢٤.. وانتظر الإنجليز والأمريكيون هذه المواجهة بين سارينا وإيما، والتى انتهت بالتعادل حتى لا ينتهى الفيلم بحزن أو غضب.
نقلا عن المصرى اليوم