حمدي رزق
رد رجل الأعمال المهندس «نجيب ساويرس» على الانتقادات التى وجهها البعض له على موقع التواصل الاجتماعى «إكس»، بعد تبرع عائلته بنحو ١،٥ مليار جنيه (ما يزيد عن ٣٠ مليون دولار أمريكى) إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
رد ساويرس بحذق، بكلمة فصل، «كل واحد حر فى تبرعاته وماله».. وهذا صحيح ولا تثريب عليه، من حكم فى ماله فما ظلم، وساويرس حر تماما فى توجيه تبرعه للوجهة التى يراها..
الوصاية التى يفرضها البعض (تطوعًا) من باب البخس، وهدر الفكرة، والتدخل فى شؤون الآخرين بسخافة، ليس لها محل من الإعراب المجتمعى، ساويرس ضرب مثلا، وتبرع للجامعة الأمريكية، فلينفر رجال أعمال مقدرون آخرون بالتبرع لجامعة القاهرة مثلًا.. وزيادة الخير خيرين.
لو تكرم بعض رجال الأعمال علينا، وتبرع كل منهم بجعل مالى معتبر من ماله، لجامعة فى (مسقط رأسه) مثلًا، اعترافاً بالجميل لأهلها فى أبنائهم، لرفدت الجامعات التى تشكو الحاجة بنهر جار من التبرعات تستهدف رفع مستويات الجودة التعليمية المرتجاة.
تلويم ساويرس على أنه تبرع للجامعة الأمريكية وليس لجامعة مصرية ما يشبه الوصاية المرفوضة، أوفق ومنطقيًا التمنى عليه التبرع لجامعة القاهرة (تاليا)، بجعل مالى مقدر فى قادم الأيام، وساويرس لن يتأخر، ربنا يزيده من نعيمه ويتبرع أكثر.. فقط بالحسنى وزيادة.
ومنه التمنى (وليس الوصاية) على الكرماء من رجال المال والأعمال والصناعة وجملة المستثمرين، لأن يحذو حذو ساويرس، وهذا من حسن تصريف التبرعات الخيرية.
البلد والحمد لله مليان خير والكرماء كثر، والتبرعات بعضها (خفى) يبذل فى الخفاء، مثل «الحسنة المخفية»، ولولا إعلان الجامعة الأمريكية عن التبرع مافاه ساويرس بما تكرم به.
التبرع للمدارس والجامعات والمستشفيات، أخشى مثل (الفريضة الغائبة)، وعلى طريقة ساويرس، هكذا توجه التبرعات وجهتها الصحيحة، فى مقاصدها المجتمعية التى هى من المقاصد الشرعية الواجبة.
البلد ما شاء الله يفيض بالمساجد والكنائس، وتستأثر دور العبادة عادة بعواطف المتبرعين وتبرعاتهم، والمدارس والجامعات والمستشفيات تشكو الحاجة الماسة للتبرعات، بعض من التوازن فى توزيع التبرعات والهبات.
وجهة تبرع ساويرس مستوجب فهمها على نحو صحيح، كنا نتمناه تبرعا سخيا لجامعة مصرية، ولكن الجامعة الأمريكية للعلم، جامعة مصرية مستقلة ومتعددة الثقافات والتخصصات، الجامعة الأمريكية فى التجمع الخامس بالقاهرة وليست فى الساحل الشرقى فى نيويورك، وقوامها طلاب مصريون ومعظم أساتذتها مصريون، تترجم الهدية فى بيتها، كما يقولون، لم تخرج بره.
وتحفيزا للتبرعات، ليس هناك ما يمنع من إطلاق أسماء الكرماء على مبان ومدرجات ومكتبات، تسجل جميل صنعهم، والنموذج مركز «كمال أدهم للصحافة بالجامعة الأمريكية».. (بتبرع كريم).
بعض الناس فى بلادى، لا يعجبها العجب ولا الصيام فى رجب، يفكرك بحكى تبرعات ابن مصر البار (محمد صلاح)، إذا تبرع يلومونه، إذا تحفظ يوبخونه، وهكذا إذا تبرع ساويرس للجامعة الأمريكية، ولماذا لم يتبرع لجامعة القاهرة، ولو تبرع لجامعة عين شمس، ولماذا يحرم جامعة الأزهر من تبرعه، وتدخل الديانة عادة فى المعادلة السخيفة، وهكذا دواليك.
كفانى ساويرس مؤنة الرد على متابعيه، «مصر ليست بحاجة إلى جوامع وكنائس، ولكن ينقصها التعليم والصحة».
نقلا عن المصرى اليوم