Oliver كتبها
حين نتعرف علي أحوال المجتمع اليهودي قبل تجسد رب المجد يسوع سوف يتبين لنا أن المسيح المخلص هو أيضاً مؤسس نهضة مجتمعية و مصلح للشعوب.
رأى الله الأرض خربة و خالية.ليست هذه مشيئئه أن يوجد الخراب و الفراغ.لأن الله يريد كل ما هو حسن.هكذا كان حال الخليقة قبل التجسد.يشبه حال الأرض فى منشأها. خراب و فراغ كانت القلوب..لم يكن هيكل زربابل مقبولا لدي أجيال اليهود لسبب تواضعه بالمقارنة بهيكل سليمان.فكانوا يتوددون إلى الملوك لكي يضيفوا إليه بعضا من الجمال .صار الهيكل رائع من الخارج.أبنية مدهشة يضيف إليها ملك بعد آخر حتى جاء هيرودس سنة 20 قبل الميلاد و جعل الهيكل تحفة معمارية و بنى أروقة خمسة .
صار الهيكل بأبنيته الفاخرة مجرد مرآة يقف قدامها اليهودي و يتفاخر بينما الله غائب عن الفكر. يجد اليهودي نفسه فى حوائط الهيكل.أدمنوا التباهى بالفراغ كلما إبتعدوا عن العبادة الحقة.و هل بعد أن أفرغوا الهيكل من العيادة يسكنه الله؟ ليسأل كل منا هيكله أى قلبه هل ما زال الله فيه يسكن.هل ما زال هو المعبود وحده.
- كانت الإمبراطورية الرومانية تحكم إسرائيل. .تركت لليهود حرية العبادة لكنهم تركوا العبادة .كان ما يهم روما هو الجزية فظهرت فئة العشارين (جامعى الجزية) التى ولدت لتخدم الشعب الغريب على حساب شعب الله.هذه كانت أقبح مظاهر التسلق و التربح .كانت فئة منبوذة و ولاءها للرومان.كانت سيدهم المال وعبادتهم للمكسب. قبل التجسد كان يسيراً على اليهودى أن يشي بقريبه و تفتت الروابط الأسرية.لأن محبة المال أعمت المجتمع.لذلك كان الكثير من العظة على الجبل يعالج مجتمعاً مريضاً.
- فسد الكهنة و رؤساءهم.كان النفاق لولاة روما وسيلتهم للتشبث بالمناصب.و صار من النادر أن تجد كاهناً تقياً أو رئيس كهنة يخاف الله. مثل السامري الصالح وصف هذا كله بأدق الأوصاف.
- كانت فكرة المسيا الآتي تسيطر على الجميع. البعض ينتظرها للخلاص من الإحتلال و البعض ينتظرها لمزيد من التفاخر على الشعوب المجاورة. البعض تعب لأن إسرائيل صار عقيما من الأنبياء منذ أيام ملاخى النبي آخر من تنبأ قبل المسيح بخمسمائة عام. أجيال و أجيال عاشت و ماتت و لم تر نبياً و لا سمعت نبوة.لذلك تاه التعليم.هذا ما نراه واضحاً فى لقاء المسيح مع السامرية.لهذا إنتشرت الخرافات أيامها.و كثر المسحاء الكذبة.هذا ما يفسر لنا لماذا سبق يوحنا المعمدان المسيح المتجسد.لماذا إنشغل بالتعليم و المعمودية. لماذا إبتعد عن المجتمع و صنع مجتمعاً خاصاً به و بتلاميذه .لهم طقسهم الخاص و نسكهم الخاص و معموديتهم الخاصة.
- أخطر ما أصاب إسرائيل قبل تجسد الكلمة هو الإنقسام.صار الهيكل هيكلان.ثم صار الشعب شعبان.ثم تفتت الفئات إلى شراذم كثيرة لكل منها مفهوم ناقص؟الفريسيون الذين ولاءهم للناموس دون الأنبياء و الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالحياة الأبدية و الكتبة الذين يتربحون من الفتاوى و الكتابة .الهيرودسيون كانوا يؤلهون هيرودس.ثم كان هناك سلطة كهنوتية تصارع مثل الآخرين.توظف تجار الذبائح فى الهيكل. .تنهب العشور كالعشارين.ترفض كل ما هو صالح مع أنها كان ينبغي أن تعلم الصلاح و تتعلمه.كانت أفكار شاذة منتشرة و فئات تتناحر لتجد مصالحها كل على حساب الآخر.ضاع ما تعلموه فى كنعان و ساد ما تعلموه من بابل .هذا هو الخراب الروحى.
- كان التعليم فاسداً.إذ إستبعدوا كثيراً مما في أسفار موسي و إستبدلوها بالتقليد الكتابي (التلمود) الذى إمتلأ بتعاليم للناس البعيدة عن مقاصد الله.أفرغوا وصية السبت من معناها حتى رأينا كيف قاوموا المسيح لهذه العلة التى فيهم..الفريسيون و هم يدعون أنهم أتباع موسي جعلوا أسفار موسي مهمشة.غاب الكتاب عن التعليم و تداولوا القصص و تعاليم الرابيين عوضاً عنها.كان ضرورياً أن يتجسد الله ليصير المعلم الصالح الوحيد الجنس.
- كان المجتمع يحوي طبقتين من الناس.الأغنياء من الطبقة الأرستقراطية (النخبة) و هم من لهم علاقة بالسلطة (الكهنة و الصدوقيون و العشارون) ثم بقية المجتمع أو غالبيته الفقيرة .يطحنها العشارون فى الشوارع و الفريسيون في الأروقة و الكهنة في المجامع و رؤساء الكهنة و الشيوخ في الهيكل. كان المجتمع الفقير هو الذبيحة التي يتسمن عليها الرعاة . ثم أخيراً كانت هناك فئة مستقلة تريد الصلاح الإلهي و لكن ليس لها تأثير في المجتمع (فئة النساك الرابيين و منهم يوحنا المعمدان و أحياناً يسمونهم طائفة قمران) و هى فئة تعيش زاهدة تريد الله و هي لا تعرفه عن قرب.وضعت على عاتقها الحفاظ على الرجاء بأن الله سيدخل إلى تاريخ الأمة اليهودية مجدداً و سيصنع المستحيل كما فعل في سالف الزمان لكي يخلصهم.نحن دوماً نحتاج إلى هذا الرجاء الذي به نخلص.
- كل هذه الأحوال جعلت الحياة اليومية عبئاً ثقيلاً,الأبرار متضايقون و الباقون يتصارعون.كان الظلام ينتظر النور و كانت السحابة تترجى الروح .كان مجتمعاً يحتاج ‘لى مُصالح يصالح الجميع مع الجميع.حل الروح المحيي علي السحابة كي تلد النور الحقيقي.
- وسط كل هذه الدوامات تجسد إبن الله.كانت رسالته واضحة عنده جداً.تكليف الآب الذذى مسحه كان نصب عينيه.لم ينشغل عن مهمته التى من أجلها تجسد و خلصنا.كم كانت مهمة شاقة أن يصلح ليس فقط هذا المجتمع المتصارع بل أن يخلص الطبيعة البشرية من الهلاك أيضاً.المسيح بتجسده جاء من أجل مهمة مستحيلة بالمقياس البشري لكن غير المستطاع عند الناس صار جلياً أنه مستطاع عند المسيح المتجسد.
يشبه زمن التجسد حال كنائس و أفراد كثيرين.لهم ذات الطبع اليهودي القديم.يشغلهم و يشعلهم الصراع .تقوى عليهم محبة المال أكثر من محبة القريب. تفسد الرؤوس و معها ينتشر التعليم الغريب.تنقسم القلوب و يكون عند كل واحد مبرره لإدانة الآخر.يصبح المسيح غريباً عن عالمه.تتشتت الأفكار و لا نور فى النوايا أو القلوب.هذا يحدث لأكثرنا.و لا يوجد خلاص إلا أن يتجسد المسيح فينا.يصبح واضحاً حياً ملموساً و قائداً حقيقياً و معلماً صالحاً له الطاعة و المهابة.لنتمسك بالرجاء أن الذى أصلح فى ذلك الزمان الآن أيضاً يصلح داخلنا و خارجنا.