د. أمير فهمى زخارى

رجال الثورة.. «صلاح سالم» أول الراحلين من الأحرار وصاحب أشهر طريق في مصر
 
بملامح وجهه الحادة التي يُخفيها خلف نظارته السوداء، يُعد صلاح سالم أكثر أعضاء مجلس قيادة الثورة غموضًا، كما أنه أول الضباط الأحرار رحيلاً عن الحياة، فما قصة الرجل الذي أُطلق اسمه على أشهر شوارع القاهرة؟.
 
وُلد صلاح مصطفى سالم في سبتمبر عام 1920م في مدينة سنكات شرق السودان؛ نظرًا لعمل والده هناك، وكان الأخ الأصغر لجمال سالم الذى سبقه فى الالتحاق بالكلية الحربية.
 
المشاركة في حرب فلسطين ومعاونة البطل أحمد عبد العزيز 
سرعان ما عاد الأخوان سالم برفقة والدهم إلى القاهرة، حيث تلقى تعليمه الابتدائي، ثم حصل على البكالوريا (الثانوية)، والتحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1940م، ثم  تخرج في كلية أركان الحرب سنة 1948م.
 
في ذات العام شارك صلاح سالم مع قوات الفدائيين فى حرب فلسطين، والتي كان يقودها الشهيد أحمد عبد العزيز، وكان صلاح ملازمًا للشهيد أحمد عبد العزيز لحظة استشهاده، ونجا من القصف الإسرائيلي بمعجزة.
 
حصار الفالوجة 
خلال تلك الأحداث، تعرف على جمال عبد الناصر خلال حصار الفالوجة، وانضم إلى اللجنة التنفيذية العليا لحركة الضباط الأحرار.
 
أثناء اندلاع ثورة 23 يوليو سيطر صلاح سالم على القوات الموجودة فى العريش، وتولي تأمين الحدود الشرقية للبلاد، وكان من أشد المدافعين عن الثورة حتى أنه طالب بإعدام الملك فاروق تمامًا مثل شقيقه جمال سالم. 
 
بعد الثورة، أوكل إلى صلاح سالم عدة ملفات هامة، فقد أوفد إلى السودان التي وُلد بها ، ليوقع على اتفاقية انفصال السودان عن مصر عام 1954م، كما تولى ملف المصالحة بين شمال وجنوب السودان إبان تلك الفترة. 
 
أول نقيب للصحفيين بعد الثورة 
عُهد إلى صلاح سالم بملف الرأي العام، باعتباره أحد المؤمنين والمدافعين عن ثورة يوليو، فتولى وزارة الإرشاد القومي التي توازي وزارة الإعلام فى الفترة من (1953ـ1958م)، وأصبح نقيبًا للصحفيين، وتولي الإشراف على تأسيس الهيئة العامة للاستعلامات، وتأسيس مؤسستي دار التحرير، ودار الشعب، الذي صدر عنهما "جريدة التحرير" و"جريدة الشعب".
 
الخلاف مع عبد الناصر وقت العدوان الثلاثي
شهدت العلاقة بينه وبين جمال عبد الناصر توترًا خلال العدوان الثلاثي على مصر، حيث كان يرفض تأميم قناة السويس بالطريقة التي قام بها عبد الناصر في تلك الفترة؛ حتى تتجنب البلاد حربًا من القوى الكبرى.
 
ورغم مشاركته الفاعلة في ملفات كالسودان والإشراف على الصحافة، إلا أن صلاح سالم كان مُقلا فى ظهوره خلال الأحداث العامة، ومن بين تلك المرات التي شاهدناه فيها بوضوح، حفل أم كلثوم عام 1961م، حين شدت بأغنية "هو صحيح الهوى غلاب" من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد، حيث ظهر صلاح سالم في الصف الأول بنظارته السوداء يصفق لكوكب الشرق بعد كل كوبليه تشدو به.
 
كان صلاح سالم أول أعضاء مجلس قيادة الثورة رحيلا، حيث توفي عن عمر 41 عاما في 18 فبراير عام 1962م، بعد إصابته بمرض السرطان، وقد شُيّع جثمانه في جنازة مهيبة تقدمها جمال عبد الناصر وجميع زملائه من الضباط الأحرار.
 
شارع صلاح سالم 
كان يوم رحيله مواكبًا لافتتاح أحد الطرق الجديدة الذي يمتد بين المقطم ومدينة تصر، فسارع زميله عبد اللطيف البغدادي، نائب رئيس الجمهورية آنذاك بإطلاق اسمه على الطريق الجديد، ليصبح طريق صلاح سالم، أشهر شوارع مصر.
والى اللقاء فى المقال الجديدمن سلسله "اللى حكمونا – الجزء السابع"...تحياتى.