حمدي رزق
تقرير أخير للبنك المركزى، يخبرنا أن مصر سددت (٣٢.٩ مليار دولار) أقساط قروض وفوائد دين خلال العام المالى الماضى ٢٠٢٣/٢٠٢٤.
القروض فروض، تؤدى على وقتها، ومصر لم تسجل نكوصًا عن السداد طوال تاريخها، وتتحمل الغرم صابرة.. تجوع الحرة العزيزة.. وتأكل من كد يديها.
الوضع الخارجى للاقتصاد المصرى، يسجل ارتفاع خدمة مدفوعات الدين (أقساط وفوائد قروض) على مصر بنسبة (٢٩.٥ ٪) خلال العام المالى الماضى، المنتهى فى يونيو ٢٠٢٤، وهذا يكلف كثيرا من لحم الحى.
ولأسباب خارجية ليست خافية ولا سبيل لإنكارها عكست آثارها السلبية على الأوضاع الداخلية، فعمقت أزمة الدين وزادته ثقلا.. الحمل تقيل، مصر جمل الحمول.
تخيل الرقم.. مصر التى تعانى من تداعيات حرب غزة وقبلها الحرب الأوكرانية، وقبل اللى قبلها جائحة كورونا، وجميعها عكست بالسالب على مدخولات الاقتصاد الوطنى، بخسائر فادحة وكلفة باهظة، مصر الممتحنة تسدد (٣٢.٩ مليار دولار) فى عام مالى منصرم، رقم من ثقله يحش الوسط، ولكنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها، وتسدد ديونها على وقتها.
الرقم أعلاه يترجم الرقم أدناه، فى نفس تقرير البنك المركزى (على موقعه الإلكترونى) يفصح عن تراجع الخارجى لمصر بنحو (١٥.١٤٩)
مليار دولار)، تراجع إلى (١٥٢.٨٨٥ مليار دولار)، تراجعا بنسبة (٩.٩ ٪) خلال النصف الأول من العام الحالى، مقارنة بنهاية ديسمبر الماضى، مسجلًا أكبر تراجع فى تاريخ المديونية الخارجية.
البنك المركزى لا يكذب ولا يتحمل، والأرقام منشورة، وتترجم نجاح سياسات ترشيد الإقتراض الخارجى إلا للضرورة الوطنية القصوى، ولجم الشره الاستيرادى سوى فى الحاجات الأساسية، الدواء والغذاء ومستلزمات الإنتاج، بعيد بمسافة عن استيراد السلع الاستفزازية، التى كلفتنا كثيرًا فى أعوام مضت.
تراجع الدين الخارجى يستوجب مزيدًا من سياسات الإحكام على الاقتراض من الخارج، صحيح الغلة المصرية من الدولار تناقصت بشدة فى الأعوام الأخيرة لأسباب خارجية، منها تحويل مسارات تحويلات المصريين فى الخارج لسبب فارق سعر العملة، وانخفاض إيرادات قناة السويس جراء هجمات الحوثيين على السفن المارة بالبحر الأحمر، وغيرها كثير.
كما يقولون ربك مع المصريين جابر، وعادت التحويلات سيرتها الأولى مع الضبط المرن لسعر العملة، وستعود الملاحة سيرها الطبيعى فى قناة السويس ما أن تضع الحرب فى غزة أوزارها، ما يترجم عام جديد لعله أوفر حظًا من عام سبق.
أعلم حجم المطلوب سداده فى أعوام مقبلة، وعلى الله السداد، تفاءلوا بالخير تجدوه، وتقرير البنك المركزى يحمل فى طياته بشريات وبارقة أمل، ويؤشر على نجاح خطة كبح الديون الخارجية.
للأسف الديون الخارجية صارت مثل كعب أخيل العارى تنفذ منه سهام «المؤلفة قلوبهم» تصيب الطيبين باليأس والإحباط، وتنشر روحًا تشاؤمية بغيضة، والاقتصاد فى علومه يتأثر بأجواء البيئة الحاضنة، ما يلزم بعض التفاؤل الحذر، وبعض التفاؤل المشروط يشفى أمراض الاقتصاد السارية والمزمنة، وكما يقولون الوقاية من القروض خير من علاج (سداد) خدمة الدين (فوائد وأقساط).
نقلا عن المصرى اليوم