حمدي رزق
مثير الدكتور «زاهى حواس» للجدل، ولا يأبه بما يخلفه من جدال يصل أحيانًا إلى تكفيره وزندقته ولا يبالى.

قادر على الرد الفصيح بفهم صحيح لمقاصد الدين الحنيف، وحج إلى بيت الله الحرام، واعتمر، والتشكيك فى دينه لا يستقيم شرعًا، هلا شققت عن قلبه؟!، وليس مطلوبًا منه التشهد قبل المقابلات الفضائية وبعدها ليشهدوا له بالإيمان.

دعوة الدكتور زاهى (وأشرف بمتابعته دومًا) إلى منع الصلاة فى المساجد الأثرية'> الصلاة فى المساجد الأثرية حفاظًا عليها، وخشية على مقتنياتها الأثرية من السرقات والتبديد، تستحق المناقشة الهادئة دون انفعال زائد عن الحد، ما يحرف الكلم عن مواضعه وعن مقصده الصحيح.

ابتداءً، كم مسجدًا أثريًّا فى مصر؟، مهم الرقم للتدليل، ولرد غائلة المتعصبين الذين خرجوا عليه صائحين لائمين لاعنين، فقط وبالإحصاء الدقيق (٣٥١) مسجدًا أثريًّا بطول البلاد وعرضها.

علمًا، كان بعضها آيلًا للسقوط، ولولا نفرة وزارة الثقافة والآثار فى العقد الأخير لترميمها وإعمارها لكان الرقم الآن يثير الحسرة على ماضٍ تولى. لن أسأل عن عدد المساجد الأثرية التى أُضيرت من زلزال أكتوبر ١٩٩٢، ولا عن المساجد التى اجتاحها الطوفان البشرى فى أيام خلت قبل خطة الإعمار والتجديد، وإخلاء ساحات المساجد الأثرية وجوارها من واضعى اليد المغتصبين.

وسؤال مستوجب للتوضيح، كم عدد المساجد فى مصر؟، يبلغ إجمالى عدد المساجد فى مصر ( ١٥١١٩٤) مسجدًا، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. زمان كانت القاهرة مدينة الألف مئذنة، بحسب تقرير لمحافظة القاهرة أعدادها بلغت (٣٤٥٠) مسجدًا فى ٢٠٢٤، ما يزيد على ثلاثة أضعاف الرقم الذائع عالميًّا.

ترجمة الأرقام تقول إن نسبة المساجد الأثرية إلى إجمالى عدد المساجد لا تكاد تُذكر، ومنع الصلاة فيها لن يؤثر مطلقًا على المتاح من ساحات المساجد لأداء الصلاة على وقتها.. المساجد فيها متسع للركع السجود، وكل جمعة هناك مساجد تُفتح بطول وعرض البلاد، بلغ إجمالى ما تم إحلاله وتجديده وصيانته وفرشه منذ يوليو حتى تاريخه (١٢٣٢٦ مسجدًا)، بتكلفة (١٩ مليارًا و٤٤٣ مليون جنيه).

ثروتنا المسجدية الأثرية شحيحة: ٣٥١ مسجدًا أثريًّا فقط لا غير، كل مسجد منها ثروة أثرية لا تُقدر بمال، والأجيال العظيمة ممن يحسنون إلى دينهم تعاقبت عليها وحفظتها ورعت قيمتها، ودرست معمارها، وتركتها ثروة لجيلنا ولأجيال فى الأرحام، وصارت قبلة للسياحة الدينية والعلمية.

منع الصلاة فى المساجد الأثرية'> الصلاة فى المساجد الأثرية لا تترجم إغلاقًا للمساجد، مفتوحة للزيارة، وحتى التبرك، والدعوة إلى منع الصلاة رحمة بالمساجد المسجلة ذات القيمة الأثرية، ولها حيثياتها الأثرية التى لا تفارق المعلوم من الدين بالضرورة.

اسألوا الدكتور «أسامة الأزهرى»، وزير الأوقاف المثقف، عن القيمة الثقافية والأثرية لهذه المساجد التى تشكل كل منها متحفًا لفنون العمارة الإسلامية. الدعوة من جانب الدكتور «زاهى حواس» ليست تغولًا على حقوق المصلين قط، ولن تغلق أبواب المساجد فى وجوه الركع السجود قط، ولكن فحسب الحفاظ عليها من عبث العابثين. كنوز المساجد الأثرية خرجت فى خفية أيام الفوضى، وتُباع فى صالات المزادات فى أوروبا وأمريكا والخليج!!.

منع الصلاة فى المساجد، أقصد المتاحف المسجدية، والتوفر على صيانتها، وزينتها، ورونقها، والخشية عليها من فرط الازدحام، دعوة حميدة تُحمد للدكتور زاهى. جدران المساجد الأثرية تئن من الاستخدام المفرط.. دعوة لا تخالف شرعًا.. والله أعلم.
نقلا عن المصرى اليوم