ياسر أيوب
بين ولايتى نيويورك ونيوجيرسى تقع جزيرة إيليس، التى كانت لسنوات طويلة هى البوابة الرئيسية لملايين المهاجرين القادمين بحثًا عن الحلم الأمريكى.. ولم تأتِ المراكب بهؤلاء عبر المحيط الأطلنطى لهذه الجزيرة الصغيرة، وهم فقط يحملون ذكريات ودموعًا ومخاوف وأحلامًا.. إنما جاء بعضهم أيضًا بكرة القدم ليس كلعبة يحبونها، ولكن كخيط رفيع يربطهم بوطن قديم وحياة اضطروا لأسباب مختلفة إلى الاستغناء عنها.. ومن جزيرة إيليس وأيضًا من مدينة نيو أورليانز.
انتشرت كرة القدم فى مدن وولايات أمريكية، وأُقيمت أول مباراة كروية على الأرض الأمريكية فى ١١ أكتوبر ١٨٦٦ فى ويسكونسن.. وفى ١٨٨٤ تأسس أول اتحاد كروى أمريكى لإدارة شؤون اللعبة فى ولايتى نيويورك ونيوجيرسى، ثم تأسس فى ١٩١٣ أول اتحاد كروى لكل الولايات الأمريكية.. واختصارًا لحديث طويل، يمكن التأكيد على أن كرة القدم عرفها ومارسها الأمريكيون قبل اختراع كرة القدم الأمريكية، التى هى مزيج من كرة القدم والرجبى.
وتعددت روايات ودراسات لشرح وتفسير كيف ولماذا تراجعت كرة القدم لتصبح كرة القدم الأمريكية هى اللعبة الأولى والأهم.. فقد تحمس الأمريكيون للعبة الجديدة، التى تحمل اسم بلادهم، ويتوحد حولها الأمريكيون، فى مجتمع يتزايد فيه كل يوم عدد الغرباء والمهاجرين بدلًا من كرة القدم التى ستظل تربط القادمين الجدد بأوطانهم القديمة.. ورغم ذلك بقيت كرة القدم على قيد الحياة، وامتلكت الولايات المتحدة منتخبًا لعب مباراته الأولى فى السويد، وفاز عليها فى ١٩١٦، وشارك المنتخب الأمريكى فى المونديال الأول ١٩٣٠، وفاز على بلجيكا وباراجواى، لكنه خسر قبل النهائى أمام الأرجنتين.. وظلت مساحة كرة القدم فوق الأرض الأمريكية تتراجع يومًا وراء يوم حتى باتت لعبة هامشية لا يتابعها ولا يهتم بها معظم الأمريكيين.. وبعد الصعود السياسى لهنرى كيسنجر وتوليه فى ١٩٦٩ منصب مستشار الأمن القومى ثم وزارة الخارجية فى ١٩٧٣.. بدأ كيسنجر، ألمانى الأصل، عاشق كرة القدم، إحياء اللعبة من جديد، فشارك فى تأسيس الدورى الأمريكى، وتعاقد مع بيليه، لكنه خسر معركة استضافة مونديال ١٩٨٦.. ثم نجح أخيرًا فى استضافة مونديال ١٩٩٤ الذى كان بداية عهد جديد لكرة القدم فى الولايات المتحدة.. ومنذ سنوات طويلة لم يكن هناك مَن يتخيل أو يتوقع أن تصبح الولايات المتحدة قوة كروية كبرى ليس فى الملعب ولكن فى إدارة اللعبة.. فقد أدرك إنفانتينو، بعد توليه رئاسة «فيفا»، والصدام المتكرر مع أوروبا، أن النفوذ الأمريكى هو سلاحه الأقوى لتغيير شكل كرة القدم فى العالم.. وبالفعل فازت الولايات المتحدة باستضافة مونديال ٢٠٢٦، وتستضيف فى ٢٠٢٥ أول مونديال للأندية، والذى أُجريت قرعته، أمس الأول، بحضور إنفانتينو ودعم دونالد ترامب.
نقلا عن المصرى اليوم