(إعداد: د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
1) البابا بِنِديكْتُس السّادس عشر: العذراء مريم هي مَن "تبيّن لنا ما هو الحبّ، ومن أين ينبع"
«يا قدّيسةُ مريم، يا والدةَ الله،
لقد منحتِ العالمَ النورَ الحقيقيّ،
يسوعَ، ابنكِ– ابنِ الله.
لقد استسلمتِ كليًّا
إلى صوت الله
فأصبحتِ هكذا ينبوعَ
الحنانِ الفائضِ منه.
أرِينا يسوع. قودينا إليه.
علّمينا أن نعرفَه ونحبَّه.
كي نستطيع، نحن أيضًا،
أن نصيرَ قادرين على حبٍّ حقيقي،
ونكون ينابيعَ ماءٍ حيّ
وسط عالَمٍ ظمآن» (الرّسالة العامّة "الله محبّة"، بند 42).

2) البابا بِنِديكْتُس السّادس عشر: العذراء مريم "نجمةُ الرجاء"
«لها إذًا نتوجّه قائلين: يا قدّيسة مريم، أنتِ كنتِ واحدةً من تلكَ النفوسِ المتواضعةِ والعظيمةِ في إسرائيلَ، تلكَ التي كسمعانَ كانت تنتظرُ "عزاءَ إسرائيل" (لو 2، 25) وتتطلَّعُ كحنة إلى "فداءِ أورشليم" (لو 2، 38). كنتِ تحيينَ بعلاقةٍ حميمةٍ مع كتبَ إسرائيلَ المقدّسة، تلك التي كانت تتكلّمُ عن الرجاء– عن وعدِ الله لإبراهيم ونسلِهِ (را. لو 1، 55). لهذا نفهمُ الرهبةَ المقدّسةَ التي شعرتِ بها عندما دخلَ ملاكُ الربِّ مخدعَكِ وقال لكِ بأنكِ ستلدين رجاءَ إسرائيلَ ومُنتَظَرَ العالم. بواسطتكِ وبفضلِ الـ"نَعَم" التي قلتيها، كان على الرجاء المنتَظَرِ منذُ آلافِ السنين أن يَغدوَ واقعًا، أن يدخُلَ في هذا العالم وفي تاريخه. لقد انحنيتِ أمامَ عظَمَةِ هذه المُهمّة وقلتِ "نَعَم": "أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ" (لو 1، 38). وعندما كنتِ مملوءةً بالفرحِ وعَبَرتِ بسرعةٍ جبالَ اليهوديةِ لتصلي عندَ نسيبتِكِ اليصابات، قد صرتِ الكنيسةِ المستقبليّة التي تحملُ في داخلها رجاءَ العالمِ عَبرَ جبالِ التاريخ. مع الفرحِ الذي نشرتيهِ عَبرَ السنين من خلالِ ترديدنا وترتيلنا نشيدَكِ "تعظِّمُ نفسيّ الربَّ"، كنتِ على علمٍ أيضًا بأقوالِ الأنبياء الغامضة، التي تحدّثوا فيها عن ألَمِ عبدِ الله في هذا العالم. عند الميلادِ في مذود بيتِ لحم أشرَقَ ضياءُ الملائكةِ الذين حَمَلوا الخبرَ السارَّ للرعاة، لكن في نفس الوقت صار فقرُ الله في هذا العالم ملموسًا إلى أقصى الحدود. لقد كلّمكِ الشيخُ سمعان عن السيفِ الذي كان سينفذُ في قلبك (را. لو 2، 35)، عن كون ابنكِ آيةً معرَّضةً للرفضِ في العالم. وعندما بدأ يسوعُ نشاطه العلنيّ كان عليكِ أن تتنحّي جانبًا، في سبيل نموّ العائلة الجديدة التي أتى لأجلِ تأسيسها وهي تتطوّرُ بفضلِ مساهمةِ أولئكَ الذين سمعوا كلمته وحفظوها (را. لو 11، 27 وما يليه). وبالرغم من كل الفرح الذي رافقَ انطلاقةَ نشاطِ يسوع، كانَ عليكِ أن تختبري في مَجمَع الناصرة حقيقةَ "الآية المعرّضةِ للرفض" (را. لو 4، 28 وما يليه). هكذا قد رأيتِ سلطانَ الحقدِ المتزايدِ والرفضِ المتصاعِدِ تجاه يسوع حتى ساعةِ الصليب، حيث كان عليكِ أن تري مُخلِّصَ العالم، وريثَ داود، ابن الله يموت بين الأشرار، كفاشلٍ يسخرون منه. فقبلت عندئذٍ الكلمة: "يا امرأة، هذا ابنك!" (يو 19، 26). ومن على الصليب أعطيتِ مُهمَّةً جديدة. فمن الصليب أصبحتِ أمًا بطريقةٍ جديدة: أمًا لكل الذين يريدون الإيمانَ بإبنكِ يسوع واتباعه. لقد نَفَذَ سيفُ الآلامِ قلبَكِ. فهل مات الرجاءُ؟ هل بقيَ العالمُ دونَ نورٍ نهائيًا، وهل بقيتِ الحياةُ دون هدفٍ؟ في تلكَ الساعةِ قد سمعتِ، على الأغلب، في قلبكِ كلمةُ الملاكِ تتردَّدُ من جديد، تلك التي بها أجاب عن خوفكِ في لحظةِ البشارة: "لا تخافي، مريم!" (لو 1، 30). كم مرةً كان قد ردّدها الربُّ ابنُك لتلاميذه: لا تخافوا! في ليلِ الجلجلة قد سمعتِ من جديدٍ هذه الكلمة. قبل ساعةِ تسلميه قد قال لتلاميذه: "ثقوا! فقد غلبتُ العالم" (يو 16، 33) "لا تضطرب قلوبكم ولا تفزع" (يو 14، 27). "لا تخافي، مريم!" يومَ البشارة قال لكِ الملاكُ أيضًا: "لن يكونَ لمُلكِهِ نهاية" (لو 1، 33). فهل كان مُلْكُهُ قد انتهى قبل أن يبدأ؟ لا، عند الصليبِ، وحسبَ كلمة يسوعَ نفسها، أنتِ قد صرتِ أمَّ المؤمنين. بهذا الإيمان، الذي كانَ لكِ رجاءً أكيدًا حتى في ظلامِ السبتِ المقدّس، قد سِرتِ نحوَ صباحِ الفصح. لقد لمسَ فرحُ القيامةِ قلبَكِ ووحَّدَكِ مع التلاميذِ بشكلٍ جديد، التلاميذ المزمعينَ أن يصيروا عائلةَ يسوع بفضلِ الإيمان. هكذا كنتِ موجودةً في وسط جماعةِ المؤمنين، الذين اجتمعوا ليُصلّوا بنفسٍ واحدةٍ بعد صعودِ الربِّ ليطلبوا عطيةَ الروح القدس (را. رسل 1، 14) فنالوه في يوم العنصرة. لقد كان "ملكوت" يسوعَ مختلفًا عما تصّوره الناس. ذاك "الملكوت" الذي بدأ في تلك الساعة دون أن يكون له انقضاء. هكذا تظلّين أنتِ بين التلاميذِ كأمٍ لهم، كأمِّ الرجاء. يا قديسة مريم، يا والدةَ الله، علّمينا أن نؤمن، أن نرجو وأن نحبّ معكِ. أرشدينا الطريقَ نحوَ ملكوتِهِ! يا نجمةَ البحرِ، أشرقي علينا وسيري أمامَنا في الدرب!» (الرّسالة العامّة "بالرجاء مخلَّصون"، بند 50).

3) البابا فرنسيس: العذراء مريم "أُمّ إيماننا"
«لنتوجه بالصلاة إلى مريم، أم الكنيسة وأم إيماننا:
أيتها الأم، ساعدي إيماننا!
افتحي إصغاءنا للكلمة، كي نتعرف على صوت الله وعلى دعوته.
ايقظي فينا الرغبة في اتباع خطواته، خارجين من أرضنا ومحتضنين وعدَه.
ساعدينا في أن نسلم أنفسنا لتلمسنا محبته، وكي نتمكن من أن نلمسه بالإيمان.
ساعدينا في أن نثق فيه كليًّا، وفي الإيمان بمحبته، لا سيما في أوقات الشقاء والصليب،
عندما يكون إيماننا مدعو للنضج.
أبذري في إيماننا فرحة القائم من بين الأموات.
ذكِّرينا بأن مَن يؤمن ليس وحيدا البتة.
علمينا أن ننظر بأعين يسوع، حتى يكون هو نور طريقنا. حتى ينمو نور الإيمان هذا فينا دائما،
إلى أن يأتي ذاك اليوم الذي لا يعرف غروبا،
والذي هو المسيح ذاته، ابنك، وربنا!» (الرّسالة العامّة "نورُ الإيمان"، بند 60).