حمدى رزق

براجماتية الإدارة الأمريكية فى سياق الأزمة السورية حرّكت لسان الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته «جون بايدن»، بواقعية سياسية يقول فى تصريح منشور: «ننتظر الأفعال على الأرض..».

 

تصريح ثعلبى استخباراتى ماكر، وكأن الاستخبارات الأمريكية لا تعرف الجولانى، تخلط مثلا بينه وبين أحمد الشرع، وكأن معلوماتها قاصرة، فصيلة دم الجولانى، ونسبة السكرى فى دمه مسجلة فى معامل التحاليل الأمريكية!.

 

إدارة بايدن تهتبلنا، وكأننا داقين عصافير خضر بتطير، الجولانى ليس بعيدا عن الاستخبارات الأمريكية، وإذا لم يكن مأذونا له بدخول دمشق ما دخل المسجد الأموى وصلى فيه صلاة شكر، والصورة التى ظهر عليها الجولانى جرى رسمها فى المعامل الأمريكية، وتولته الاستخبارات التركية باعتبارها مفرزة أمامية للاستخبارات الأمريكية.

 

ماذا تنتظر الإدارة الأمريكية من الجولانى المصنف إرهابيا؟، «يا مستنى السمنة من بطن النملة». لاحقا وقبيل أن يجف مداد السطور سترفع واشنطن ولندن بالضرورة اسم الجولانى من قوائم الإرهاب الدولى، سيما وقد غيّر اسمه، وقصّر لحيته، وتحدّث بحديث الديمقراطية، وستغفر له ما تقدم من عمليات إرهابية، أما ما تأخر، فهذا «قيد الاختبار».

 

ما قرره الرئيس المنتهية صلاحيته «جون بايدن» يترجم الأفعال تحكم لا الأقوال، بايدن ينتظر أفعالا، سينتظر طويلا، سيغادر البيت الأبيض فى حالة انتظار.

ما هى إلا أقوال مرسلة فى رسائل طمأنة بعلم الوصول، الجولانى لم يرتق منبر المسجد الأموى العتيق، فى إشارة ليست خافية، خطب فى ملئه فى صحن المسجد وقوفا فى صخب ملتحين تركوا أسلحتهم خارج المسجد لزوم الصورة السلمية، وبذل الجولانى عهودا ووعودا ديمقراطية على طريقة من دخل بيته فهو آمن، لسان الحال فى رد المقال، «ما تصبرنيش بوعود وكلام معسول وعهود..».

 

رسالة أحمد الشرع، الجولانى سابقا، دعونا ننسى فلا نأسى على ماض تولى، جد من دخل المسجد الأموى ليس الجولانى، قرينه أحمد الشرع، ترك شبحه الإرهابى متسلحا هناك فى الشمال السورى.

 

الحاضر فى الصورة أحمد الشرع، البسيط، المتواضع، المتسامح، الديمقراطى، يرسم الشرع صورة مغايرة لصورة محفوظة على محركات البحث الإلكترونى، صورة تعجب الغرب المخاتل، يبدو أن عمليات التجميل أنتجت أثرا مؤقتا.. حتى تواضعه الجم محل شك كبير.

 

سكرة الأمريكان برحيل الأسد أخشى ستنتهى سريعا، والمَثل العربى يقول، «ذهبت السكرة وجاءت الفكرة» والفكرة فى التبسيط المخل وتوطين الجماعات الإرهابية فى خاصرة الدول الوطنية، لا تزال الفكرة مهيمنة على الدماغ الغربى، وتجد لها مناصرين، محللين محليين وموالسين!.

 

دمج الجماعات الإرهابية فى المجتمعات العربية على طريقة «جحا أولى بلحم طوره» (ثوره)، على طريقة بضاعتهم وَرُدّت إليهم، منتوجات السلفية الجهادية تبتلعها الأسواق العربية والإسلامية، تهنأ بها، أو تكتوى بنارها.

 

 

ولا ينبئك مثل خبير، على مدد الشوف مزرعة إرهابية منتجة للأفيون الدينى فى أفغانستان، ومزرعة قيد الاستزراع السلفى فى ليبيا، المزارع التجريبية لزراعة نباتات الشوك ستثمر حسكا لا يسمن ولا يغنى من جوع إلى الديمقراطية، سيحصد الغرب لاحقا ما غرسته استخباراته، مثل شجرة الزقوم كالمهل يغلى فى البطون، وكما قال الشاعر العربى، معن بن أوس: «قَلَبْتُ له ظهر المجَنِّ فَلَمْ أَدُمْ/ على ذاك إلا رَيْثَما أَتَحَوَّلُ»!.

نقلا عن  المصرى اليوم