صلاح الغزالي حرب
أولًا: لا.. لإخوان الشر
جاء فى الصحف أن النيابة العامة تحت إشراف النائب العام، كلفت الجهات الأمنية بإجراء التحريات للوقوف على مدى استمرار نشاط كل المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيدا لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابى من تلك القوائم، وأسفرت التحريات عن توقف نشاط ٧١٦ شخصا من المدرجين على هذه القوائم، وقام النائب العام بعرض الأمر على محكمة الجنايات التى حكمت برفع أسمائهم. وقالت النيابة إنه جار مراجعة موقف باقى المدرجين على تلك القوائم تمهيدا لرفع من يثبت توقف نشاطه. وقالت الصحيفة إن ذلك يأتى فى إطار توجيه الرئيس السيسى بمراجعة المواقف القانونية للمتهمين سواء المحبوسون أو المدرجون على قوائم الإرهاب، تجاوبا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. وقد رحب بذلك النائب فى مجلس النواب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس وقال إنها خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار، واللواء د رضا فرحات نائب حزب المؤتمر وكذا حزب حماة الوطن وحزب الوفد وحزب الجيل الديمقراطى والسفيرة د مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان وغيرهم. ومن بين المعفو عنهم يوسف ندا ووجدى غنيم وعبد الله محمد مرسى وعدد من رجال الأعمال منهم على فهمى طلبة وعمرو الشنيطى وياسين عجلان ووليد عصفور وغيرهم. ووفق القانون فإن تعريف الإرهابى هو أنه كل شخص طبيعى يرتكب أو يشرع فى ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط فى الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأى وسيلة كانت ولو بشكل منفرد. ويؤدى ذلك إلى تجميد أموالهم والإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول وسحب جواز السفر أو إلغائه وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة والنيابية. وسوف ألقى الضوء على اثنين فقط من ضمن من شملهم قرار المحكمة.
١- يوسف ندا:
رجل أعمال مصرى من مواليد الإسكندرية يحمل الجنسية الإيطالية ومقيم فى سويسرا، وهو مفوض العلاقات السياسية الدولية السابق فى جماعة الإخوان ورئيس مجلس إدارة بنك التقوى فى سويسرا وقد لقب بأخطبوط الإرهاب ويعتبر أخطر مسؤول استراتيجى ومالى لتنظيم الأخوان الدولى. وفى رسالة له منذ سنتين قال (نحن الإخوان المسلمين تعلمنا من كتاب الله قصة ابنى آدم اللذين قتل أحدهما أخاه.. إن دماءنا لم تجف ومازلنا ننزف!، ورغم هذا فقد فشلت شياطين الغدر أن تقنعنا بأن ندخل فى طريق قابيل أو طريق الثأر). وقال فى رسالة أخرى (سأظل أقول إن بابى مفتوح للحوار والصفح بعد رد المظالم !؟). وقال فى رسالة أخرى (صحائفنا بيضاء والوطن أحب إلينا من نفوسنا!!). ونتذكر هنا فى المقابل قول المرشد السابق على الملأ (طظ فى مصر)، كما قال إن جماعته لم تفرض فكرها على أحد فى الوقت الذى تصدر فيه حكمها بالخروج على صحيح الدين على كل من يختلف معها فى الأفكار والتوجهات!.
٢- وجدى غنيم:
من مواليد الإسكندرية وحاصل على بكالوريوس تجارة من جامعة الإسكندرية وكان يشغل منصب وكيل حسابات بوزارة المالية وأمين نقابة التجاريين بالإسكندرية، وقد سجن ٨ مرات فى مصر و٦ مرات فى خارج مصر (كندا وأمريكا وانجلترا مرتين وسويسرا). كما اعتقل فى جنوب إفريقيا واليمن.. وقد اشتهر بفتاواه المتطرفة والتكفيرية ويعد أحد أكثر شيوخ الإخوان تكفيرا وتحريضا ودعوة إلى العنف وحمل السلاح، وكتب عبر حسابه الرسمى على تويتر محرضا على التخريب (انزل يا حبيبى متخافش ده واجبك الدينى لإقامة دولة الخلافة.. انزل وكسر وخرب.. ده مباح شرعا!؟). كما أصدر فتوى بجواز قتل المتظاهرين المعارضين لمحمد مرسى فى ٣٠ يوليو وأفتى بجواز العمليات الانتحارية!. كما أنه دأب على التحريض ضد أقباط مصر وقتل رجال الشرطة والجيش المصرى!.
وحتى لا ننسى فإن المرشد المؤسس حسن البنا كان قد طرح طريقة انتقال الجماعة من واقع الاستضعاف إلى قوة التمكين عبر ٦ مراحل تبدأ بالفرد ثم الأسرة ثم المجتمع ثم الدولة ثم الخلافة الإسلامية وأخيرا أستاذية العالم!!.
إن سعى هذه الجماعة لفرض رؤيتها السياسية أمر راسخ فى صميم فكرها ومنهجها وقد تم تطبيقه عمليا عبر أسلوب الاغتيال والانقلاب العسكرى من أجل السيطرة على الحكم. والوطن عندهم هو مجرد محطة مؤقتة لخدمة أهداف أعلى هى الخلافة الإسلامية وأستاذية العالم. وكما قال أحد قيادات الجماعة فى السودان إن الحركة الإسلامية ربتنا وأخضعتنا لدراسات كثيفة لم يكن للوطن نصيب فيها!. ومنذ نشأة الجماعة فإن تاريخها أسود ملطخ بدماء الأبرياء، والعنف جزء لا يتجزأ من استراتيجية التنظيم فى سبيل الوصول إلى السلطة، والسجل التاريخى لها حافل بالأعمال الإرهابية الممتدة عبر التاريخ ولا تتوقف الجرائم على التهديدات أو إثارة الشغب والفوضى وتهديد مؤسسات الدولة بل نفذت الجماعة عمليات اغتيال موسعة لكبار رجال الدولة ولكل من يخالفهم الرأى والفكر، وكانت البداية باغتيال أحمد ماهر رئيس وزراء مصر فى عام ١٩٤٥ ثم المستشار والقاضى أحمد الخازندار فى عام ١٩٤٨ وبعده بأشهر رئيس الوزراء المصرى محمود فهمى النقراشى ثم محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ثم اغتيال الرئيس السادات والنائب العام هشام بركات وغيرها الكثير. ولم يكتفوا بذلك بل استهدفوا المدنيين فى الشوارع وتعدوا على الكنائس والمساجد وأقسام الشرطة ولولا وحدة المصريين فى ٣٠ يونيو وصمود الشعب خلف قيادته لضاعت مصر وسقطت فى النفق المظلم الذى كان مقدرا لها السقوط فيه، وكانت أجواء الشائعات والأكاذيب والفوضى والعنف والحرب الأهلية والطائفية هى السائدة على أرض التاريخ والحضارة والأمن والسلام.
وتبقى الأسئلة الحائرة تدور فى رؤوس المصريين.. ومع احترامنا واعتزازنا بالقضاء المصرى الشامخ فإننا فى حاجة ماسة إلى المزيد من التوضيح لقرار مراجعة نشاط كل المدرجين على قوائم الكائنات الإرهابية والإرهابيين.. فمصر كلها منذ ثورة ٣٠ يونيو العظيمة والتى انتهت بإسقاط هذه الجماعة فى ٣ يوليو أعلنت بكل وضوح وأمام العالم كله رفضها التام لهذه الجماعة الإرهابية إلى الأبد فدماء الشهداء لن تذهب سدى.. أرجو الانتباه.
ثانيًا: لا.. للكيان الصهيونى المحتل
فى بحث للكاتب والمؤرخ الفلسطينى سامح عودة تحت عنوان (طوفان الأقصى ولعنة العقد الثامن.. هل أصبح الزوال مصيرا حتميا لإسرائيل؟)، ذكر أن هناك مقولة مشهورة للفيلسوف اليهودى شمعون رافيدوفيتش تقول (لدى العالم العديد من الصور لإسرائيل لكن إسرائيل لديها صورة واحدة فقط لنفسها.. صورة شعب فى طريقه إلى الزوال)، وفى ٧ مايو ٢٠٢٢ أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود باراك فى مقال لصحيفة يديعوت أحرونوت عن مخاوفه من الزوال المرتقب لدولة الاحتلال معللا ذلك بمأساة (سنة التاريخ اليهودى) التى تقول إن كل الدولة اليهودية لم تعمر أكثر من ٨٠ سنة إلا فى فترتين استثنائيتين.. فترة الملك داوود وفترة الحشمونائيم وفق الروايات اليهودية وفى كلتيهما بدأ التفكك فى العقد الثامن!. ومنذ بدء الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام ١٩٨٧ تبنى عدد من الساسة والمؤرخين الصهاينة مثل هذا الخطاب. والآن وبعد ٤ حروب خاضها الاحتلال فى غزة وبعد عملية طوفان الأقصى عادت هذه المخاوف مرة أخرى ولا سيما بعد هروب العديد من المستوطنين إلى الخارج. وفى حوار مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية رسم المؤرخ الاسرائيلى (بينى موريس) فى عام ٢٠١٩ ملامح النهاية للمشروع الصهيونى قائلا إنه لا يوجد مخرج واحد لبقاء إسرائيل بوصفها دولة يهودية، معللا ذلك بالتفوق الديموغرافى الواضح للعرب مقابل اليهود خاصة مع ممارسات الاحتلال التى تسلب العرب حقوقهم، مضيفا أن حكم إسرائيل لشعب محتل بلا حقوق ليس وضعا يمكن أن يدوم فى القرن الحادى والعشرين فى العالم الحديث، وما إن تصبح لهم حقوق فلن تبقى الدولة اليهودية.. وأن وجود ستة أو سبعة ملايين يهودى يحيطهم مئات الملايين من العرب يعنى أن الانتصار سيكون حليف هؤلاء العرب فى غضون ٣٠-٥٠ عاما.
وأتذكر الآن ما ذكرته فى مقال سابق لى، أننى أكاد أجزم بأن نهاية دولة الاحتلال المسماة إسرائيل قد اقتربت، وقد لا أدرك هذه النهاية ولكنها حتما سوف تحدث.
نقلا عن المصرى اليوم