أمينة خيري
نقول كمان!.. اعتبار تحكُّم جماعة مسلحة فى دولة مصيبة عليها وعلى دول الجوار وغير الجوار لا يعنى تأييد الديكتاتورية ومحبة الظلم والطغيان. وإطلاق نعوت مثل إرهابية أو فاشية أو عنصرية أو عنيفة أو غارقة فى التطرف على جماعة مسلحة ترفض كل من لا يشبهها من حيث العقيدة (إذا صحت التسمية) والمظهر ورفض الآخر والاستعلاء على كل من لا ينتمى لها، وفى الأغلب اعتبار نبذه أو كراهيته أو قتله من صميم شريعتها، لا يعنى تأييد حكم الفرد الأوحد والتضييق على الحريات ومباركة سلب الحقوق.
كما أنه فى الحالات التى لا يتواجد فيها سوى خيارين لا ثالث لهما، لا ثالث لهما، لا ثالث لهما، بحسب ما يؤكده الواقع لا فانتازيا الخيال، فإن العاقل هو من لا يهرب من المقلاة إلى النار. والعاقل هو من لا يبيع مستقبله ومستقبل أبنائه وبلاده اليوم، و«ربنا يحلها باكر». والحكيم هو القادر على تقييم المعطيات الموجودة بالفعل من تركيبة طائفية، ونوايا مبيتة مثل الانفصال عن الدولة الأم مثلًا، وظروف معيشية، وجوار مشتعل، وأيادى دول الكوكب العابثة فى بلاده، وذلك قبل أن يقرر أو يحتفى أو يبتهج بمن وصل بوسيلة مواصلات أجنبية، ومهارات وقدرات دول ذات أطماع استعمارية، ومباركة القوى نفسها التى كانت مصنفة حتى الأمس القريب جدًا شريرة وكارهة للعرب ومعادية للإسلام ومحابية لإسرائيل إلى آخر المعزوفة المخروقة.
أحيانًا يفوق الواقع الخيال هزلًا وسفهًا لدرجة تُوقع المتابع فى حيرة من أمره. هل يُعقل أن يجاهر عاقل بأنه أو أنها يعى جيدًا أن تنظيم القاعدة ليس الحاكم الأمثل لسوريا، ولكن أهل سوريا يستحقون الفرح لسقوط الديكتاتورية ولو لبضع ساعات؟! هل يمكن فك طلاسم الارتباط الواضح والصريح والمبين والجلى لجماعة كانت حتى الأمس القريب مصنفة على رأس قوائم الإرهاب فى أعتى الدول الديمقراطية والداعية إلى المدنية والراعية لحقوق الإنسان، ثم إذا بها بين ليلة وضحاها تصبح قاب قوسين أو أدنى من الخروج من قوائم الإرهاب الأممية، وربما نجدها تصوت تحت قبة الأمم المتحدة قريبًا؟!
هل يُعقل أن تتحول أنظار الكرة الأرضية من غزة المهمشة المهدمة المنكوبة المقموعة المنهوبة، غزة التى فقدت نحو ٥٠ ألفًا من أبنائها، وتشرد كل سكانها بين نزوح وتشرد إلى سوريا، وذلك فى خلال سُويعات قليلة؟ هل يُعقل ألا نستشعر الصلة والعلاقة بين حبات العقد من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى عملية القضاء على غزة، ومنها إلى جنوب لبنان وحزب الله ومن ثم لبنان، ومنه إلى سوريا والبقية تأتى؟
أسمع الحناجر وهى تنتفض: وماذا عن ديكتاتورية بشار، والمقاومة الشريفة لإسرائيل تلك القوة الطاغية... إلخ إلخ؟! وبدورى أطرح اقتراحًا قد يلقى القبول: لماذا لا تتضامن كل هذه القوى الشريفة وتوحد جهودها وتوجهها صوب المحتل، العدو الأصلى، ثم تتفرغ لدواخلها؟! بالمناسبة، إسرائيل شنت نحو ٢٥٠ غارة على سوريا فى الساعات الماضية وتتوغل فيها بريًا.
نقلا عن المصرى اليوم