ياسر أيوب
فى لقاء استثنائى بين الرياضة والسينما لتأكيد بعض أجمل المعانى الإنسانية وأهم دروس الحياة.. وقف محمد على كلاى وجورج فورمان أمام نجوم هوليوود فى حفل الأوسكار ٦٩ فى ٢٤ مارس ١٩٩٧ لتسلم جائزة أوسكار أفضل فيلم تسجيلى.. الفيلم عنوانه حين كنا ملوكا للمنتج والكاتب والمخرج ليون جاست ويحكى عن لقاء الملاكمة بين كلاى وفورمان الذى أقيم فى ٣٠ أكتوبر ١٩٧٤.
وحين نجح دون كينج فى الاتفاق على هذا اللقاء وإقامته فى زائير برعاية رئيسها موبوتو.. لم يتخيل أن هذا اللقاء سيصبح سابع أعظم حدث رياضى فى التاريخ وبلغت أرباحه ١٠٠ مليون دولار وشاهده أكثر من مليار إنسان.. وذهب ليون جاست بفريقه السينمائى وكاميراته لتسجيل هذا الحدث الذى انتهى بفوز كلاى واستعادته لقب بطل العالم الذى جردته منه الولايات المتحدة بعد رفضه المشاركة فى حرب فيتنام.
واضطر ليون جاست نتيجة أزمات وخلافات قانونية واقتصادية للانتظار ٢٢ عاما حتى يرى الناس فيلمه أخيرا فى ١٩٩٦.. وتم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار وما إن تم الإعلان عن فوز الفيلم بجائزة الفيلم التسجيلى الأفضل.. حتى فوجئ الجميع بجورج فورمان يساند كلاى الذى قد أصيب بمرض الشلل الرعاش ويصعد البطلان السابقان معا للمنصة لتسلم الجائزة.
وكأن السنين الماضية كانت كافية لأن ينسى الاثنان ما كان بينهما من منافسة وعداوة لدرجة أن يحلم كل منهما بالقضاء على الآخر.. أو أنهما اكتشفا أنه لا شىء فى الحياة يستحق استمرار الكراهية والعداوة حتى لو كانت بطولة العالم التى خسرها فورمان واستعادها كلاى.. وأن الحياة بالتسامح والنسيان ممكن أن تصبح أجمل وأقل قسوة ووجعا.. وقال فورمان، حين سئل عن مشهد الأوسكار، إن كل مشاعر اللقاء الشهير بينه وبين كلاى التى كانت كلها كراهية ورغبة فى الانتقام انتهت واختفت منذ ١٩٨١ وجمعت بينهما صداقة حقيقية ودائمة لدرجة أن كلاى أصبح أقرب الناس إلى قلبه وصديقه الوحيد أيضا.
وبعيدا عما قاله فورمان هناك أيضا العنوان الجميل للفيلم.. حين كنا ملوكا.. فالعنوان دلالة على أنه لا شىء دائم فى حياتنا.. لا الملوك سيبقون ملوكا ولن يبقى الصعاليك مستسلمين طول الوقت دون تمرد ورغبة فى أن يصبحوا الملوك الجدد.. لا يدوم النجاح والفشل أو الفرح والحزن أو القوة والضعف.. والجميل أن يعرف الإنسان كيف يتعايش مع كل ذلك أو كيف يدرك منذ البداية أنه لا شىء سيبقى على حاله.. ففى وقت مضى كان كلاى وفورمان هما الملوك ثم جاء وقت آخر ابتعد فيه الاثنان لإفساح المجال لملوك جدد.. فهذه هى الحياة وقانونها الذى لا يمكن التمرد عليه.
نقلا عن المصرى اليوم