د. أمير فهمي زخارى
تعريف الإمساك:
1. انخفاض عدد مرات حركات الأمعاء أو التبرز لتُصبح أقل من ثلاث مرات في الأسبوع الواحد، 
2. أو المُعاناة من صلابة البراز بما يُسبب صعوبة مروره والحاجة لبذل جهد كبير أثناء عملية التبرز، 
3. أو قد يتمثل الإمساك بعدم قدرة الفرد على تفريغ الأمعاء بشكلٍ تامّ بما يُشعره بالحاجة لتكرار عملية التبرز.
4. وعادة ما تحدث هذه الحالة نتيجة امتصاص القولون كميةٍ كبيرةٍ من الماء من الطعام عند وجوده فيه، الأمر الذي يجعل البراز جافًّا وصعب الإخراج.
 
أسباب الإمساك العامة:
1-أطعمة تسبب الإمساك:
• الموز: 
يحتوي الموز غير الناضج على نسبة عالية من النشويات التي يصعب على الجهاز الهضمي هضمها، في حين أنّ الموز الناضج قد يساعد على التخفيف من مشكلة الإمساك لاحتوائه على الألياف الغذائية، وبشكل عام يُنصح في الوضع الطبيعيّ بتناول كميات معتدلة من الموز دون إفراط، وتجنبه في حال المعاناة من الجفاف لأنّه يزيد آنذاك الإمساك سوءاً. 
 
• اللبان: 
إنّ بلع أكثر من قطعة من اللبان خلال فترة قصيرة أو بلعها مع بذور يصعب على الجسم هضمها قد يُسبب في حالات نادرة انسدادًا في الجهاز الهضمي، وقد يُسبب هذا الانسداد المعاناة من الإمساك، ويجدر التنويه إلى عدم إعطاء اللبان للأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة أعوام. 
 
• الكافيين: 
يعتمد تأثير الكافيين المُنبّه على الحالة المتناولة فيه، ففي حال تناول المشروبات المحتوية على الكافيين مثل الشاي أو القهوة فإنّ ذلك قد يُسبب الإسهال، في حين أنّ شرب المشروبات المحتوية على الكافيين في حال المعاناة من الجفاف، فإنّ ذلك قد يزيد مشكلة الإمساك سوءاً. 

• الجلوتين:
وهو البروتين الموجود في الشعير والقمح وغيرهما، حقيقةً لا يُسبب هذا البروتين الإمساك إلا لمن لديه حساسية تجاهه أو لمن يُعاني من الدّاء البطنيّ المعروف بداء سيلياك.
 
• الأرز الأبيض: 
قد يُسبب الأرز الأبيض الإمساك بسبب خلوه من الألياف والعناصر الغذائية التي تساعد على تليين الجهاز الهضمي، وهو على عكس الأرز البني الذي يمكن أن يساعد على تخفيف الإمساك وعلاجه. 

• الكاكا: 
تحتوي ثمرة الكاكا اليابسة على نسبة مرتفعة من المركبات المعروفة بالعفص بالإنجليزية: Tannins))، الذي يسبب إبطاء حركة الطعام خلال الأمعاء مما يزيد مشكلة الإمساك سوءاً. 
 
• اللحوم الحمراء:
 من الممكن أن تُسبب اللحوم الحمراء الإمساك بسبب احتوائها على نسبة عالية من الدهون التي يحتاج الجهاز الهضمي وقتاً لهضمها، وبسبب غناها بالحديد المعروف بأنّه قد يتسبب بالإمساك، فضلاً عن أنّ البروتينات الموجودة في اللحوم الحمراء قد تكون صعبة الهضم. 
 
• الخبز الأبيض: 
من الممكن أن يُسبب الخبز الأبيض الإمساك أو يزيده سوءاً، وذلك على عكس الخبز المحتوي على الحبوب الكاملة. 
 
• الكحول: 
قد يؤدي شرب الكحول إلى الإصابة بالإمساك، وذلك لتسببه بالجفاف، فضلاً عن إبطائه عملية الهضم وتهييج الأمعاء ممّا قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الإمساك.
 
• الشوكولاتة: 
من الممكن أن تُسبب الشوكولاتة الإمساك، وخاصة لدى الأشخاص الذين يُعانون من القولون العصبي الذي يُعرف طبياً بمتلازمة الأمعاء الهيوجة بالإنجليزية: (Irritable bowel syndrome)، فهي تحتوي على كمية كبيرة من الدهون التي يُعتَقَد أنها تُبطئ عملية الهضم. 
 
• بعض المكملات الغذائية: 
من الممكن أن تُسبب المكملات الغذائية المحتوية على الحديد أو الكالسيوم المعاناة من الإمساك، ولذلك يجدر بمن يحتاج إلى أخذ هذه المكملات إضافة الأطعمة الغنية بالألياف إلى نظامه الغذائي. 
 
• مشتقات الحليب: 
مثل الجبنة، واللبن، والحليب، فقد تبين أنّه من الممكن أن يُسبب تناول هذه الأطعمة بكميات كبيرة المعاناة من الإمساك لدى البعض. 
 
• الأطعمة الجاهزة: 
تحتوي الأطعمة الجاهزة على نسبة عالية من الدهون ونسبة قليلة من الألياف، ولهذا قد تُسبب هذه الأطعمة الإمساك. 
 
• رقائق الشيبسى: 
قد تُسبب الإمساك لاحتوائها على نسبة عالية من الدهون، ونسب قليلة من الألياف وخلوّها من العناصر الغذائية عامة. 
 
• عدم شرب السوائل: 
تساعد السوائل وخاصة الماء في المساعدة على عمل الجهاز الهضمي بشكل طبيعي، وإنّ النصيحة التي تُقدّم بخصوص هذا الأمر هي المحافظة على شرب الماء باستمرار خلال اليوم. 
 
2- ممارسات الحياة المسببة للإمساك: 
• عدم ممارسة النشاط البدنيّ: 
يمكن أن يُسبب الخمول وعدم ممارسة الأنشطة البدنية أو الرياضة بالمعاناة من الإمساك، وإنّ أكثر الأشخاص الذين قد يُعانون من هذه المشكلة هم الذين يحتاجون للمكوث في السرير فترة طويلة من الزمن أو أولئك المصابون بمشاكل صحية تُعيقهم عن الحركة، وبشكل عام فإنّه يُنصح بالحركة وممارسة الرياضة كالمشي لمدة 15 دقيقة في اليوم للمحافظة على الصحة عامة وتجنب الإمساك خاصة، فقد تبيّن أنّ ممارسة التمارين الرياضية تُقلل من مكوث الطعام في الأمعاء، وبالتالي تحد من كمية الماء التي تُمتص منها، وهذا ما يُسفر في نهاية المطاف عن الإخراج بسهولة، ومن جهة أخرى فإنّ ممارسة التمارين الرياضية الهوائية يُحفّز انقباض عضلات الأمعاء، وبالتالي يُسهل عملية الإخراج.
 
• السفر: 
من الممكن أن يُسبب السفر المعاناة من الإمساك، لاحتمالية تغير نمط الحياة بما في ذلك طبيعة النظام الغذائي والأنشطة اليومية المُمارسة،] ومن الممارسات الأخرى التي تُسبب الإمساك حبس البراز وعدم الذهاب إلى المرحاض فور الحاجة لذلك، وهذا لأنّ بقاء الفضلات في المستقيم فترة طويلة يدفع المستقيم لامتصاص المزيد من الماء من الفضلات، الأمر الذي يترك البراز صلباً وصعب الإخراج، ولذا فإنّ تكرار تجاهل الحاجة للتغوّط يُسبب الإمساك.
 
• الضغط النفسي: 
لفهم علاقة الضغط النفسي بالتوتر لا بُدّ من بيان أنّ أعصاب الجهاز الهضمي تُرسل إشارات تُحفّز فيها الأمعاء للانقباض وهضم الطعام في حال تناول الشخص الطعام، وفي حال كان الشخص تحت الضغط النفسي فإنّ عملية الهضم قد تبطُؤ بشكل ملحوظ، الأمر الذي يزيد فرصة المعاناة من الإمساك، وفي حال كان هذا التوتر مزمن الحدوث، فإنّ الإمساك يكون مزمنًا كذلك.
 
3- أدوية تسبب الإمساك:
 قد تُسبب بعض أنواع الأدوية الإمساك لدى بعض الأشخاص كأحد الآثار الجانبية المترتبة على تناولها، ويجدر العلم أنّ كبار السنّ أكثر عُرضة للتأثّر بها، وذلك بسبب قلّة حركة الجهاز الهضمي لديهم مقارنة بمن هم أصغر سنًّا، وقد تُعزى هذه المشكلة إلى التقدم في العمر أو للمعاناة من مشكلة في الصغر لم يتم علاجها على الوجه المطلوب، ويمكن بيان أهمّ المجموعات الدوائية المُسببة للإمساك فيما يأتي: مسكنات الألم التي تُباع بوصفة: 
 
• الأفيونات:
وخاصة في حال استخدامها لفترات طويلة من الزمن، ويمكن حل مشكلة الإمساك في مثل هذه الحالات بالاستعاضة عن هذه الأدوية بمسكنات أخرى أو استخدام الملينات، وذلك بحسب ما يراه الطبيب المختص مناسبًا. 
 
• المُليّنات: 
فمن الممكن أن تُسبب الملينات الإمساك المُزمن في حال اعتاد الشخص على استخدامها باستمرار. 
 
• مضادات الاكتئاب:
تتسبب أحد أنواع مضادات الاكتئاب القديمة وهي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات بحدوث مشكلة الإمساك بسبب تأثيرها في الأعصاب التي تُحفّز حركة الأمعاء، أما في الأنواع الجديد من مضادات الاكتئاب فتكون مشكلة الإمساك أقل حدوثاً.
 
• مضادات الحموضة:
وخاصة تلك المحتوية على عنصر الألمنيوم.
 
• أدوية ارتفاع ضغط الدم:
 عُرف الإمساك المزمن كأحد الآثار الجانبية المترتبة على استخدام مُدرات البول، والتي تُعدّ إحدى المجموعات الدوائية المُستخدمة في علاج مرض ضغط الدم المرتفع، إذ تتسبب هذه الأدوية بسحب السوائل من الجسم، الأمر الذي يدفعه إلى سحب السوائل من البراز وتركه صلباً صعب الإخراج، ومن أدوية ضغط الدم المرتفع التي تُسبب الإمساك دواء ديلتيازيم (Diltiazem)  التابع للمجموعة الدوائية المعروفة بحاصرات قنوات الكالسيوم Calcium Channel Blockers، لأنّ هذه الأدوية تُسبب -إلى جانب وظيفتها - ارتخاء عضلات الجهاز الهضمي وبالتالي إمكانية الإصابة بالإمساك.

• مضادات الكولين:
 بالإنجليزية: Anticholinergics))، تُثبط هذه الأدوية عمل المادة الكيميائية أستيل كولين بالإنجليزية: (Acetylcholine)  والمساعِدة على حركة العضلات، وهذا التثبيط يُبطّئ الحركة في الجهاز الهضمي، وبالتالي قد يُعاني الشخص من الإمساك.
 
• العلاج الكيميائي:
 قد يتسبب العلاج الكيميائي بالإمساك بسبب إحداثه بعض التغييرات في بطانة الأمعاء، كما يمكن أن تُسبب الأدوية التي تؤخذ لعلاج الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي مشكلة الإمساك.
 
4- أسباب الإمساك المرضية:
 تتعدد الحالات المرضية التي تُسبب بطئًا في حركة الطعام في الجهاز الهضمي، وبالتالي تزيد احتمالية المعاناة من الإمساك، ويمكن بيان أهم هذه الحالات المرضية وأكثرها شيوعاً فيما يأتي: السكتة الدماغية وداء باركنسون والانسداد المعوي وقصور الغدة الدرقية والقلق والاكتئاب والقولون العصبي والسكري وفرط نشاط الغدد جارات الدرقية والشرخ الشرجي واضطرابات الأكل.
 
5- أسباب الإمساك مع التقدم في السنّ يرتبط التقدم في العمر بمشكلة الإمساك بشكل ملحوظ، وتتعدد العوامل التي تُفسر ذلك، ومنها: 
قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، أو عدم تناول السوائل وخاصة الماء بالكميات المطلوبة، أو تناول بعض أنواع الأدوية التي يكون الإمساك أحد آثارها الجانبية مثل أدويه الضغط (حاصرات قنوات الكالسيوم) ومضادات الحموضة المحتوية على الألمنيوم أو الكالسيوم وغيرها من الأدوية سالفة الذكر، ومن العوامل التي تُفسر تسبب التقدم في العمر بمشكلة الإمساك الإكثار من تناول مشتقات الألبان، أو عدم تناول كمية كافية من الأطعمة المحتوية على الألياف مثل الخضروات والفواكه، بالإضافة إلى أنّ حركة الأمعاء مع التقدم بالعمر تبطُؤ كأحد التغيرات الفسيولوجية الطبيعية.
 
6- أسباب الإمساك أثناء الحمل تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإمساك خلال الحمل، وتختلف باختلاف المرحلة من الحمل، وبشكل عام يمكن إجمال أهمّ العوامل التي تلعب دورًا في المعاناة من الإمساك خلال الحمل فيما يأتي:
 
• التغيرات الهرمونية: 
تتسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الفترة المبكّرة من الحمل بإبطاء حركة الأمعاء، الأمر الذي يزيد الوقت المُتاح للفضلات للمكوث في القولون، وهذا ما يزيد فرصة امتصاص الماء من الفضلات، ممّا يجعله صلباً صعب الإخراج، فتُعاني الحامل من الإمساك. 
 
• كبر حجم الرحم: 
يُحدث الرحم في الأشهر الأخيرة من الحمل ضغطًا على القولون، الأمر الذي قد يزيد فرصة المعاناة من الإمساك. 
 
• المكملات الغذائية: 
غالباً ما تحتاج المرأة لأخذ مكملات الحديد خلال الحمل، وهذه المكملات بحدّ ذاتها قد تُسبب الإمساك كما بيّنّا سابقًا. 

علاج الإمساك:
 يجدر العلم أنّ الطريقة المثلى لعلاج الإمساك في أغلب الأحيان تكون بإجراء بعض التعديلات على نمط الحياة، من ناحية الطعام والرياضة وما شابه، وأمّا بالنسبة للمُليّنات فلا يصحّ اللجوء إليها عادة إلا بعد استنفاد الحلول الأخرى،
 
وتتضمن الطرق المساعدة على علاج الإمساك ما يلي:
 شرب كميات كافية من الماء. تعزيز النظام الغذائي بالأطعمة الغنية بالألياف مثل: الشوفان، وبذر الكتان، والحبوب الكاملة. ممارسة التمارين الرياضية. عدم تأجيل الحاجة للتبرز. استخدام أحد الأدوية المليّنة لفترة قصيرة فقط إذا لم تكن التغييرات السابقة في نمط الحياة كافية لعلاج الإمساك، ويمكن استشارة الطبيب حول أنواع الملينات التي يُوصى باستخدامها، كما يجدُر بالمريض زيارة الطبيب في حال استمرار أعراض الإمساك.
أتمنى لكم الصحة والعافية ...