حمدى رزق

لعله أسوأ كوابيس حزب الله على الإطلاق، عانى الحزب متوالية كوابيس مزعجة فى عام أخير، أشدها وطأة سقوط الأسد (الحليف الرئيس) دون أن يحرك الحزب ساكنًا لإنقاذه.

 

فقد الحزب خلاصة قيادته وخيرة مقاتليه فى حرب الليطانى، وما إن استفاق من المعركة يلملم أشلاءه، ويحصى خسائره، ويبحث موضع قدمه فى الحالة اللبنانية، حتى دهمه كابوس سقوط الأسد.

 

خسر الحزب موقعه المتقدم فى سوريا، بامتداد الحدود البقاعية، فقد الحزب الحضور العسكرى والسياسى الذى كان يحوزه فى العاصمة دمشق وضواحى حمص، انسحاب الحزب من مدينة «القصير» الواقعة على الحدود اللبنانية، قبل أن تسيطر عليها الفصائل المسلحة، كان مشهدًا لافتًا، يترجم فى أدبيات الحزب (انسحاب تكتيكى) لتمرير عاصفة الشمال التى اجتاحت سوريا حتى ضربت قصر الشعب، وأطاحت بالأسد، ولجمت حلفاءه، وألزمتهم حيادًا سلبيًا.

 

ما لم يتوقعه الحزب، وفى توقيت حرج، وفى أضعف حالاته، منهك، مثخن بالجراح العميقة، أُخذ على غرة فى سوريا، قبل أن يتدبر حاله بعد معركة طاحنة مع العدو الإسرائيلى عانى فيها الأمرين، سيما فقد قيادته الاستثنائية السيد حسن نصر الله، وخلاصة قادته ومقاوميه الأشداء.

 

خسر حزب الله فى عام أخير مرتين، خسارة مضاعفة، خسر موقعه المتقدم على خطوط التماس شمالًا فى سوريا، لن يقربها مجددًا، وموقعه المتقدم على خطوط التماس جنوبًا فى لبنان لن يقربها مجددًا، سيبتعد بمسافة قررها نتنياهو، وبات على قيادات الحزب أن تتحسس رأسها العارى فى مواجهة القصف الإسرائيلى المفرط.

 

حظوظ الحزب تراجعت لبنانيًا، بعد تلاشى الحاضنة السورية، وتقهقر الكفيل الإيرانى خطوة للوراء، بمسافة مقدرة بعيدًا عن الحياض السورية.

 

حزب الله فى موقف لا يُحسد عليه، بين شِقَّى الرَّحى، بين فريقين متخاصمين ويتعرّض لتلقِّى الضربات من الجهتين، الشمال والجنوب، أحاطت به المشكلات من كلّ جانب، لم يعد هناك مفر من سؤال عن مصير الحزب ومستقبله.

 

من باب سد الذرائع أصدر الحزب منشورًا يقول: «يأمل الحزب أن تستقر سوريا بناء على خيارات شعبها، وتحقق نهضتها، وتضع نفسها كرافض للاحتلال الإسرائيلى»، المنشور لا يعالج قلقًا يعتور منسوبى الحزب، ولا يجيب على سؤال الحاضنة الشعبية فى لبنان، أخشى الحزب يختنق لبنانيًا، سوريا كانت بمثابة الرئة التى يتنفس منها، كونها تمثل القناة الأساسية التى يصل من خلالها الدعم الإيرانى.

 

‏التغيير الجذرى الحاد فى الوضع السورى سينعكس حتمًا على مستقبليات الحزب، سواء من حيث تأمين العتاد العسكرى أو على مستوى تأثيره السياسى داخل لبنان.

 

‏التوقعات لبنانيًا جد متشائمة، والأسئلة تنقر رؤوس قادة الحزب، هل يستمر حزب الله فى الاحتفاظ بسلاحه ذاتيًا بما يعزز حضوره السياسى، السلاح كان أداة الحزب للحفاظ على نفوذه فى القرارات المصيرية.

 

 

الأمين العام لحزب الله، الشيخ «نعيم قاسم»، سقط فى اختبار المصداقية فى الحالة السورية، قال إن «الحزب سيقف إلى جانب سوريا فى إحباط أهداف العدوان عليها بما نستطيع». لا وقف جانبها ولا أحبط عدوانًا، انسحب لا يلوى على شىء، وعليه الإجابة على سؤال مصير الحزب، وسلاح الحزب، وهل سيقبل بتنظيم السلاح تحت إشراف الجيش اللبنانى، وهل سيتم دمج مقاتلى الحزب ضمن قوات شبه عسكرية لبنانية، على غرار الحرس الوطنى الأمريكى أو الجيش السويسرى،، وهل قرار الحزب صار حصرًا بيد الدولة اللبنانية؟!

نقلا عن المصرى اليوم