الاب رفيق جريش

بعد أن سقط بشار الأسد وسقوط حزب البعث السورى تفاءل الناس وعمت الفرحة ليس فقط فى سوريا ولكن فى العالم العربى والعالمى، فقد ابتهجوا لسقوط ديكتاتور جديد، ولكن هذا التفاؤل كان مصحوبًا بحذر شديد، وتساءل الناس: كيف سيكون اليوم الثانى؟، وحاولت فصائل المعارضة أن يطمئنوا الناس من خلال «نيولوك» لقادتهم وبث الشعور بالوطنية والمساواة والعدل، وما إلى ذلك ولكن بعد مرور ٣ أيام فقط بدأت تظهر مظاهر عرفناها فى مصر فى عام ٢٠١٢-٢٠١٣ ولكن الحالة السورية فى رأيى أكثر تعقيدًا لأن فصائل المعارضة متعددة وكلها مسلحة ونتساءل: على أى نمط سيتم إدارة الدولة والحفاظ على مؤسساتها؟ فهم أكثر من عشرين فصيلًا أغلبها أيديولوجيا سلفية جهادية.

 

مشهد آخر، الحاكم المجاهد الجديد عين محمد البشير كرئيس وزراء جديد لسوريا وذلك لفترة انتقالية حتى الأول من مارس ٢٠٢٥ لتسلم الملفات من الحكومة القديمة والمؤسسات، والبشير وهو مهندس ولكنه درس الشريعة فى جامعة إدلب ودَرسَها مدة سنتين ونصف وهو من المعجبين بحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ومفكرها الأيديولوجى سيد قطب وصاحب الفكر التكفيرى الجهادى ثم جاءت الوزارة بوزراء من لون واحد فقط لا غير رغم التعددية الدينية والإثنية والسياسية التى تغتنى بها سوريا ومصدر قوتها.

 

مشهد آخر أكثر صعوبة وهو أن المجاهدين يهتفون «للقدس رايحين» إشارة إلى تحريرها هى الأخرى وبينما يهتفون بذلك دمرت إسرائيل الأسطولين البحرى والجوى والقواعد العسكرية ومواقع الصواريخ والمصانع الكيميائية وغيرها ودخلت فى المنطقة العازلة بين الدولتين فى ارتفاعات الجولان واستولت عليها، كما استولت على جبل حرمون وهو أعلى جبل فى سوريا (تقريبًا ٣٠٠٠ متر علو) والعاصمة دمشق أصبحت فى مرمى المدفعية الإسرائيلية التى تبعد أقل من ٤٠ كم وذلك لتتحكم من أعلاه فى دمشق كما تتحكم فى منطقة طبرية من أعالى جبل الشيخ والجولان. فماذا هم فاعلون هؤلاء المجاهدون؟

 

 

إذن علينا أن نفهم تمامًا طبيعة الحكم القادم فى سوريا وهو سياسة التمكين فهم مجاهدون ولكنهم مجاهدون من أجل أفكارهم الأيديولوجية وأولاها إقصاء الآخر تحت مسميات مختلفة وسيظلون مجاهدين ضد الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان. ليكن الله فى عون المجتمع المدنى السورى والأقليات الدينية والإثنية وأحرارها الديمقراطيين.

نقلا عن المصرى اليوم