بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
وعضو إتحاد كتاب مصر


تقع مدينة بيت لحم على بعد عشرة كيلومترات إلى الجنوب من مدينة القدس ، وهي ثاني أكبر مدن جنوب الضفة الغربية بعد مدينة الخليل التي تبعد عنها 28 كم إلى الجنوب . هناك  طريق رئيس يصل المدينتين بالقدس ويمتد إلى بئر السبع وصحراء النقب . ويقع على هذا الطريق ، طريق القدس – بيت لحم ، عدد من المواقع التاريخية المهمة التى تعكس الطابع التاريخي للمنطقة.

مارالياس :
يقع هذا الدير ذو القبة الفضية الجميلة على يسار طريق القدس – بيت لحم على سفح جبل يطل على المدينتين . تاريخ بناء هذا الدير غير معروف بدقة ، ولكن أعمال ترميم مهمة أدخلت عليه في العهد الصليبي . استوطنت قرب هذا الدير في هذه الفترة جماعة من الرهبان الذين قاموا بزراعة الأراضي المحيطة به بالزيتون والعنب ورفعوا بذلك من قيمة العمل اليدوي . يعد دير مار الياس اليوم أحد مواقع الجذب السياحي ، حيث يقصد السياح من كل انحاء العالم عند زيارة بيت لحم ، وهو المكان الذى يقف فيه موكب عيد الميلاد القادم من القدس قبل دخول مدينة بيت لحم ، حيث يستقبلهم وجهاء المنطقة ، وينضمون إليهم في مسيرتهم نحو كنيسة الميلاد ( المهد ) .

معهد الطنطور :
 بعد دير مار الياس بقليل ، مقابل جبل أبو غنيم ، وعلى الجهة اليمني من الشارع الداخل إلى بيت لحكم يقع معهد الطنطور لدراسات الكتاب المقدس . تأسس المعهد عام 1964 م لتطوير التفاهم بين الكنائس في الأراضي المقدسة ، ويضم مكتبة كبيرة . كان المعهد في الأصل منزلاً للمسافرين والفقراء ، بناه أحد فرسان مالطا وهو الكونت كابوجا عام 1876 م . أما القرية العربية المقابلة للمعهد من الشمال فهي قرية بيت صفافا . وبمحاذاة المعهد على الشارع الرئيسي ، عند مدخل بيت لحم يقوم حاجز عسكري إسرائيلي بمراقبة وتفتيش الفلسطينيين ومنعهم من دخول القدس إلا بتصريح خاصة صادرة عن السلطات العسكرية الإسرائيلية . تعد هذه النقطة واحدة من أسوأ نقاط التفتيش الإسرائيلية في الأراضى الفلسطينية المحتلة ، ربما بعد حاجز بيت حانون ( ايرز ) على مدخل قطاع غزة الشمالي .

قبر راحيل :
لدينا ثلاثة مقاطع كتابية تتحدث عن  موت راحيل ودفنها .

تك 35 : 16- فيما كان يعقوب عائدا من بلاد ما بين النهرين " وبينما هم على مسافة من إفراته ، ولدت راحيل وعسرت ولادتها ... وماتت راحيل ودفنت في طريق إفراتة وهي بيت لحم . ونصب يعقوب نصبا على قبرها ، وهو نصب قبر راحيل إلى اليوم " .

ذكر إرميا هذا القبر فيما بعد عند الحديث عن سبي اليهود إلى بابل .

إرميا 31 : 15 – " سمع صوت من الرامة ، ندب وبكاء مر ، راحيل تبكي على بنيها وقد أبت أن تتعزى عن بنيها لأنهم زالوا عن الوجود " .
وإلى هذه النبوءة أشار متى الإنجيلي عند حديثه عن فاجعة الأطفال ( متى 2 : 17 )
يقع المكان قرب بيت لحم عد مدخل المدينة . ووصف بعض الحجاج فى القرنين السادس والسابع المزار بأنه مبني على شكل هرم من اثني عشر حجرا ( إشارة إلى أسباط إسرائيل الإثني عشر ) .

يعود شكل القبر الحالي إلى نهاية القرن الثامن عشر . وقد أضاف المسلمون إليه في القرن الماضي دهليزا مع محراب ليصلي فيه المسلمون . البناء القائم حاليا شيده العثمانيون عام 1620 م ، ثم أعاد السير مونتفيوري بناء القبة عام 1841 م . على أرض المقام هناك مقبرة تعود لقبيلة التعامرة البدوية التى تقيم فى منطقة بيت لحم حتى اليوم . للمقام أهمية دينية للمسلمين والمسيحيين ولليهود أيضا . كان المكان حتى عام 1967 م تابعاً لإدارة الوقف الإسلامي ، وكان مفتوحاً أمام جميع الزوار سواء للزيارة أو للعبادة . اما اليوم فيخضع لرحاسة إسرائيلية مشددة جداً والدخول إليه صعب لغير اليهود . لقد شيد الإسرائيليون حول المقام سوراً ضخماً فصار المكان أشبه بقلعة يصعب على أتباع الديانات غير اليهودية اقتحامها . كشف المنقبون على الجهة المقابلة للمقام من الشارع آثار قناة رومانية ، وكان ذلك مصادفة أثناء عملية بناء فى العام 1904 م ، ويمكن رؤية بقايا هذه القناة التي كانت تحمل المياه من برك سليمان إلى القدس حتى اليوم . وبحسب التوناريخ المنقوشة على الصخر هناك فإن هذه الآثار تعود إلى العام 195 ميلادي . وقريباً من هذه القناة وجدت قناة أخرى أقدم تنسب إلى فترة بيلاطس الروماني . بعد قبة راحيل ببضعة امتار يتفرع عن طريق القدس – الخليل الرئيسي شارع يتجه نحو اليسار ويؤدي إلى وسط مدينة بيت لحم ، بينما يواصل الطريق الرئيسي إلى شمال المدينة وبلدة بيت جالا ومخيم الدهيشة ثم جنوباً نحو الخليل .