16 ديسمبر 2024
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلمانيون ملف معلق وملتبس
بقلم كمال زاخر موسى
نشر فى الخميس 7 يناير 2010
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبر حديث ممتد مع قداسة البابا شنودة الثالث على شاشة الفضائية المصرية الأولى ـ الثلاثاء 5 يناير2010 ـ تعرض الحوار لوضعية العلمانيين، فذكر قداسته أن العلمانيين هم كل قبطى من غير رجال الدين، سيدات ورجال، وعليه فليس من حق مجموعة لا تتجاوز 6 أفراد أن تقول بأنها تمثل " كل " العلمانيين، وأضاف قداسته أننا (لا يهمنا الفضائيات أو الصحف أو النت إنما يهمنا الحق).
ونحن كتيار علمانى نوافقه تماماً فى كل ما ذهب إليه بل لعل القارئ يذكر أننا ونحن نقدم انفسنا منذ المؤتمر الأول،14نوفمبر 2006، حرصنا على تأكيد كل هذا؛ فلم نزعم أننا "كل" العلمانيون ، أو لدينا وكالة منهم، بل أكدنا على أننا مجموعة "من" العلمانيين، نقدم رؤية فى الإشكاليات الكنسية عبر أوراق وأبحاث لها مرجعيتها، تقرأ الواقع فى ضوء الكتاب المقدس والتقليد الكنسى وعينها على المستقبل من أجل دعم الكنيسة فى اداء رسالتها للأجيال الواعدة والقادمة، وأن مؤسسة بحجم وعراقة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بحاجة الى هذا العمل لتنقية مسيرتها بشكل متواتر وموضوعى يتجاوز الأشخاص، وحرصنا على تأكيد أننا لسنا فى صراع مع أحد ولا نعمل لحساب أحد داخل أو خارج الكنيسة، وكانت مؤتمراتنا معلنة ومفتوحة وأوراقنا متاحة للحضور ولمن يطلبها، وحرصنا مع كل مؤتمر أن نرسل أوراقنا وتوصيات المؤتمر الى المسئولين بالكنيسة؛ سكرتارية قداسة البابا والمجمع المقدس والمجلس الملى، يداً بيد، فى إيمان مستقر بأننا ابناء الكنيسة وأعضاء فاعلين فيها.
وعندما كان السؤال عن غلق قنوات الاتصال بين العلمانيين والكنيسة، علق قداسة البابا بأن الطبيعى أن يذهب من لديه رؤية الى الكنيسة ويخبرنا بما لديه فنتحاور معه ، لا أن يعقدوا اجتماعاتهم ثم يفرضوا علينا رؤيتهم، وهو كلام صحيح تماماً نوافق قداسته عليه، شريطة أن تكون أمكانية اللقاء ميسرة وممكنة ولعل قداسته يراجع فى هذا سكرتارية المقر الباباوى وبعض الأساقفة العموميين لصيقى الصلة بقداسته، عن محاولاتنا قبل طرح رؤيتنا عبر المؤتمرات، لتحديد لقاء مع قداسته، بل لعله يتذكر يوم التقيته على هامش مؤتمر مستقبل الفكر العربى، بأحد فنادق العاصمة، وموافقة قداسته على تحديد موعد خاص للقاء مفصل واحال تحديد الموعد الى سكرتيره الأسقف، وبشهادة اسقف لإيبارشية متاخمة للقاهرة ـ كان قبلاً سكرتراً لقداسته ـ ماطل الاب السكرتير فى تحديد الموعد، بل ورفض ان يكون هناك موعداً بالأساس!!، حتى بعد تأكيد البابا على طلبه فى لقاء لاحق على هامش اجتماع لليونز القاهرة، ومع ذلك عندما دعونا لمؤتمرنا الأول ـ وهو ما تكرر فى مؤتمراتنا اللاحقة ـ كانت الدعوة الأولى لكل القيادات الكنسية وتسلم أيضاً يداً بيد.
وعندما تكرر السؤال عن موانع اللقاء قال قداسته أنهم (التيار العلمانى) دأبوا على مهاجمة العقيدة (!!) وفى ظنى أن هذه الإجابة تكشف عن عدم أمانة كاتبو التقارير المقدمة لقداسته، عندما خلطوا عمداً بين اوراق واطروحات التيار العلمانى ، والحوارات التى تدور فى فعاليات جلسات المؤتمرات واجتزاء بعضها والبناء عليها، ولم يقولو فى تقاريرهم أن التيار العلمانى بادر عقب هذه المداخلات إلى استبعاد أحد اعضائه عندما خرج على الإلتزام برؤية التيار الملتزمة بكل اساسيات الايمان والعقيدة، ومن المضحكات المبكيات أنهم هللوا لخروج هذا العضو واعتبروه انقساماً داخل التيار يكشف هشاشته وضعفه بينما هو فى الحقيقة يكشف زيف كاتبوا التقارير وعدم امانتهم، وفى كل الأحوال تبقى اوراقنا شاهدة علينا وشاهدة لنا.
وتعرض قداسته فى حواره لقضية القرعة الهيكلية وأعاد طرح رؤيته الجديدة بشأن تعديل اللائحة، والمناقضة لما وثقه بقلمه فى مجلة مدارس الأحد (1947ـ 1954) ويبدو أن هناك من تطوع لتبرير ذلك بالقول بأن رؤيته الأولى كتبت وهو بعد شاباً بينما الأخيرة طرحت من موقع المسئولية، وهو تحليل يكشف عن ضحالة وفقر معلوماتى، فالمرجعية التى استند اليها عبر صفحات المجلة، وهى ذات المرجعية التى يستند اليها المطالبون بالتعديلات، هى القوانين الكنسية التى تقررت فى مجمع نيقية 325م.، ومع هذا لم يقتنع المدافعون فراحوا يشككون فى نسبة القوانين المتعلقة باختيار البابا البطريرك الى مجمع نيقية، فى جسارة لا يمكن ان تغفر لهم لما لها من اثار مدمرة على مصداقية ما يترتب عليها.
وفى تبرير الإصرار على القرعة الهيكلية ذكر بأنها اجراء ينقل الاختيار من البشر الى الله، لأنه فى حال مجئ البطريرك باختيار البشر سيبقى خاضعا لمطالبهم ورؤيتهم وخاضعاً لسلطانهم لا لسلطان الله، فيما يَعرف من يقرأ تاريخ البطاركة أن الإختيار فى غالبية الأحوال كان يتم من خلال تشكيل مجموعات استكشافية من اراخنة الأقباط ومعهم ممثلين للإكليروس تكون مهمتها عمل زيارات للأديرة والتجمعات الرهبانية والبحث عن الشخصيات المستنيرة والمتميزة من رهبانها والجلوس معهم للوقوف على قاماتهم الروحية والفكرية والتدبيرية وسلامة معتقدهم اللاهوتى، ويعودون الى كنيسة البطريركية ويطرحون الأسماء التى استقروا عليها ويجتمعون على ثلاثة أو خمسة أو ما يقرب من هذا العدد ويفاضلون بينهم ثم يختارون من بينهم من يرونه الأصلح ويطرحونه على الشعب الذى يعلن رأيه وموافقته، وقد تم اختيار نحو 60 % من البطاركة وفقاً لهذه القاعدة ، فهل كان كل هؤلاء منساقون وخاضعون لمن اختارهم؟!.
اتمنى ان يشهد عام 2010 انفراجة موضوعية فى الملفات العالقة بين التيار العلمانى والكنيسة، تكون مدخلاً لقراءة موضوعية سعياً لحلها ووصولاً الى كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية، مؤسسة على المحبة والأبوة والشفافية فى ضمير صالح.