القمص بطرس البراموسي
باحث في تاريخ الأقباط وعلم الليتورجيات 
إن تسبحة كيهك التي تُصلى ليالي الآحاد الكيهكية هي تسبحة كل أحد على مدار السنة.. لأنه هو يوم القيامة، الذي تحتفل فيه الكنيسة بهذه الذكرى أسبوعيًا، بسهرها حتى طلوع الفجر الذي قام فيه السيد المسيح.
 
وعند طلوع الفجر كانت البُشرى الملائكية بدحرجة الحجر، واعلان القيامة المجيدة
 
فبعد أن تُصلى صلوات مزامير نصف الليل بخدماتها الثلاثة.. يُقرأ في أول خدمة: إنجيل لقاء العريس مع العذارى اللواتي استعددن بإيقادهن مصابيحهن. (مت25: 1 – 13) 
 
 وفي الخدمة الثانية نصلي إنجيل التوبة "المرأة الخاطئة"، ولقاء المحبة مع السيد المسيح في بيت الفريسي، فنشتم رائحة طيب عطرة (هي أصلًا رائحة دموع المرأة الخاطئة وليست رائحة الطيب المسكوب).. فدموعها التي بللت بها قدمي المُخلّص هي أقصر قيمة وأريجًا من رائحة الطيب المسكوب. (لو7: 36 – 50) ونختم صلوات الخدمة الثالثة بوعد الراعي لقطيعه بعدم الخوف من أي شيء.. هذا القطيع ولو أنه صغير ومفروز من العالم، لكنه بإطاعته لراعيه أصبح الرب من نصيبه ومن حقه أن يرث الملكوت.(لو12: 32 – 40) 
 
وتبدأ التسبحة بلحن نُصليه يوميًا.. وهو لحن (تين ثينو Ten;ynou)، ومعناه: "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات".. وهنا نجد الكنيسة تحثنا على السهر، الذي هو تعبير عن الوقوف في نور السيد المسيح، لنسبح رب القوات، لأن بنوره نعاين النور.. وهنا ينطبق قول بولس الرسول: "جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ... فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ" (1تس5: 4 – 8) 
 
 وكلمة "اسهروا" نجدها من أكثر الكلمات التي تكررت في الأناجيل، لأنها هي متعة روحية تنعش الروح، وتجدد النفس، وتقوي العلاقة بين الإنسان والله.
 
فالسهر في تسبيح رب القوات خالق الكل هو:
- اشتراك في تمجيد مع القديسين والملائكة في تمجيد الرب.
- وتدريب على الوجود مع الله باستمرار.
- وأيضًا استعداد للقاء العريس السماوي.. فهو تصريح واضح لأصحاب المصابيح الموقدة للدخول مع العريس السماوي عندما يأتي الصوت الصارخ: "هوذا العَريسُ مُقبِلٌ، فاخرُجنَ للِقائهِ!" (مت 25: 6)
 ولاشك أن السهر في بدايته يكون عبئًا على الإنسان وشيئًا ثقيلًا عليه، ولكن مع جهاد الإنسان وتخطيه هذه المرحلة بالتغصب (يبدأ بالتغصب.. أي تغصب الذات على السهر، وينتهي بالحب).. تنتهي هذه المرحلة بالمحبة الغير محدودة، والانطلاقة الروحية التي لا يساويها شيء، وهي أن يقضي الإنسان ليلة في التسبيح والشكر وتقديم صلوات يشتمها ضابط الكل رائحة بخور عطرة، فيتحول السهر داخل الإنسان من شيء ثقيل إلى عادة شهية لذيذة، يتمتع بها، ولا يستطع فيما بعد أن يتخلى عنها أو يفضل النوم عنها.