بقلم- ماجد سوس
أيام قليلة ونستقبل عاماً جديداً، وكما تعودنا لسنوات ان نقف امام انفسنا وقفة جادة لنقدم كشف حساب عن سنة مضت وكلما تقدم بنا العمر يكشف لنا الله عن طريق خلاصنا اكثر. وأيام الإنسان على الأرض معدودة وبعدها يصير ذكرى. وبين الذكرى والسمعة علاقة طردية، فكلما كانت سيرتك حسنة ذكراك تطول.

الأشياء التي كنا نعمل لها ألف حساب في شبابنا لم نعد نلتف لها الآن. الأمور التي كنا نتمسك بها في الماضي اكتشفنا أنها لم تكن بهذه الدرجة من الأهمية.

الذين يتشدقون بشكليات العبادة والمصطلحات الإيمانية ويتناحرون حول المصطلحات اللاهوتية سيكتشفون في النهاية أنهم حادوا عن طوق نجاتهم ودفة حياتهم وهو القلب ومكانه ومن يسكن فيه . وكم من سنوات هذا عددها سمعت اذانهم أين هي قلوبكم أو ارفعوا قلوبكم وكانوا يصرخون كذبا هي عند الرب وقلوبهم في الارض منشغلة بالتعالي وبهرطقة الآخر وتكفيره.

لم تعد تبهرني تلك الممارسات والطقوس الشكلية و الأصوام المَعِدية التي لم نحيها لحساب المسيح، بل لحساب الضمير. فصوما بلا انقطاع مربوطا بصلاة قلبية مع إشباع الفقراء، لا يحسب صوما وإن طالت أيامه.

لم أعد أحتمل نفسي أولا، بتكاسلها وتسويفها للعمر باطلا. بتأجيل تكريس القلب والنفس والجسد لله بالكامل دون تردد. نفسي التي مازالت تنشغل بأمور العالم الفاني وشهوات سائر الأشياء. نفسي التي مزقها الخوف والقلق على مستقبل ذاتي وأولادي. رغم أن خبرات الماضي والحاضر مع الرب مذهلة وحمايته أكثر مما اطلب او افتكر.

 لم أعد أحتمل عصبية الراعي أو الخادم لزملائه أو شعبه ومخدوميه من أجل أي شيء وكل شيء ولاسيما الإيمان، أو العقيدة أو الممارسات الكنسية، حين لا أرى اتضاعه ووداعته وحبه الشديد وحرصه على ستر الآخر. بل صار التشهير بالآخر وهرطقته أمرا مألوفا ومحمودا عند زبانيته. متناسيا أن الحب والاتضاع والقدوة هما ثالوث النجاة لي وله.

لم اعد أرى سوى أن الرب قريب، سيأتي حتماً وسريعا وسيجمع قلوبا أحبته من اركان الأرض الأربعة دون أن يلتفت للمتشددين، المتطرفين الذين أفقدوا الدنيا سلامها. سيجمعهم من كل الأمم والقبائل والشعوب والطوائف وسيتحقق وعد الرب يسوع المسيح حين قال له يوحنا: «يا معلم، رأينا واحدا يخرج الشياطين باسمك فمنعناه، لأنه ليس يتبع معنا».

فقال له يسوع: «لا تمنعوه، لأن من ليس علينا فهو معنا». (لوقا٩) فللرب يسوع اتباع في كل مكان شئت ام أبيت من كل كنائس الارض.

لم يعد يبهرني طول الصلاة، بل عمقها، كما حذرنا الرب يسوع، بل صرت أحرص أن أسال أبنتي باستمرار، هل جلستِ مع المسيح اليوم وتكلمتِ معه من قلبِك. هل قرأتِ الإنجيل ماذا وجدتِ فيه وما هي الرسالة التي أرسلها لكِ روح الله. صرت اطلب من زملائي الشمامسة أن يكثروا من التسبيح بالإنجليزي حتى تلمس الكلمات قلوب أولادنا. لم يعد يبهرني، كما من قبل، أن يصلوا بالعربي او القبطي دون فهم.

اما الذي يبهرني حقا هو انه وسط هذه الأشياء تجد حب الله ثابت لا يتوقف على أفعالك وأفعالي ومراحمه وطول اناته وحنانه يزداد وستره الذي يحيط به عليك لا يتوقف، لا يعايرك بضعف ولا يهددك بطردك من بيته بل يذكرك دائما ان اسمك منقوش على كفه.

احبائي اجلس معه ولا تلتفت لاحد سواه. ماران آثا. الرب قريب