Oliver كتبها
- فور تلقى البشارة لم تخبر العذراء أحداً.حملت الشال الأبيض و مضت نحو جبال يهوذا فى أورشليم.كانت أليصابات هناك تخفي نفسها عن الأنظار كالعهد القديم يخفي نفسه خجلاً قدام المسيح المتجسد.فالله لم ينزع فقط عار أليصابات كونها عقيمة بل جاء لينزع كل عار وعقم الماضى ..العهد القديم يفسح الطريق قدام العهد الجديد ,عهد ينقص لأجل عهد يزيد.و كان لابد أن المسيح يحضر هذا التوارى الخجول للعهد القديم لكي فى شخصه يكمل كل ما نقص.جاءت العذراء و فيها المسيح فالأحداث من الآن فصاعداً و لمدة تسعة أشهر يشترك فيها المسيح في كل ما تفعله العذراء.مع أنها مجد يفوق التصور لكنها أيضاً رهبة لا توصف أن تعيش كل دقائقك في حضور المسيح.  
 
- بين بتولية العذراء و زيجة أليصابات تندمج النفوس المحبة للمسيح ليختار كل إنسان وسيلة روحية تلائمه  إن كانت زيجة أو بتولية.حتى يكون للكل فرح تجسد المسيح.
 
- بين كهنوت زكريا الكاهن الذى كملت خدمته و أصابه السكوت و كهنوت المسيح الكلمة الذى يتهيأ في أحشاء العذراء ليعلن الخلاص كانت الزيارة حتمية.
 
- في الزيارة تعلمت الكنيسة من القديسة أليصابات أهم ألقاب العذراء (أم الرب) و منها إشتقت أغلب ألقاب العذراء التى سمعت  كيف سيناديها إبنها إذ نطق الروح القدس بفم أليصابات أنها أم الرب. إعلان أليصابات هذا يؤكد أن عمل الروح القدس في إنشاء الجسد الإلهي قد تم و أن أحشاء البتول الآن أحشاء أم مع أنها عذراء.
 
- في الزيارة تأكد صدق البشارة بفم الملاك . من طرف لم يكن حاضراً للبشارة.كان سلام العذراء قادم من المسيح الذى في أحشاءها لذلك تنبأت أليصابات و أدركت أن العذراء الآن ليست مجرد قريبتها التى كانت تعرفها.هى الآن أم الرب و العلاقة الروحية صارت أعظم من القرابة الجسدية.
- لذلك لما صاحت أحدى النسوة متعجبة من تعليم المسيح قائلة طوبي للبطن التي التى حملتك و الثديين اللذين رضعتهما (أي طوبي لمن جئت منها بالجسد) فأجاب (بل طوبي للذين يسمعون كلام الله و يحفظونه) أى أن التطويب للعذراء ليس فقط لعلاقته الجسدية بها بل أيضاً لخضوعها و طاعتها الروحية لكلام الملاك .هذا التطويب يشمل كل من له جياة الخضوع لله  و ليس فقط لمن جاء المسيح منهم بالجسد (شعب إسرائيل).
 
- كان لابد أن المسيح هو الذى يذهب لزكريا الكاهن القديم لأن العهد القديم كله عجز أن يأتى إلي المسيح أما هو فلأجل خاصته جاء.لذلك ذهب المسيح ليوحنا في البرية لأن يوحنا نطق بإسم العهد القديم قائلاً (و أنا لم أكن أعرفه) .مقدما جهالة إسرائيل ليقتني معرفة المسيح.هكذا في المسيح يسوع يجتمع العهدان.
- كان للزيارة شاهدان من الرجال.الأول حاضر صامت (زكريا الكاهن) و الثاني يرتكض بإبتهاج في البطن (يوحنا إبن زكريا). كما كانت شاهدتان من النساء .الأولي ناطقة بأواخر نبوات العهد القديم(القديسة أليصابات)  و الثانية ناطقة بأوائل بشائر العهد الجديد( العذراء القديسة مريم). في كل المواقف الهامة كان المسيح يجد لنفسه شهوداً و في النهاية جعل كل من يؤمن به شاهداً خاصاً له يعلن المسيح النور الحقيقي
 
- كانت الزيارة نموذجاً للقاء القديسين.و لكل لقاء روحي.زيارة فيها شركة التسبيح و التأمل.شركة الصلاة و الفرح الروحي.عبارات الزيارة دسمة.واحدة تبدأ الكلام الدسم و الآخري تكمل .تصلح هذه الزيارة أن تكون نموذجاً للإعتكاف .للخلوة.لجلسات الإعتراف.للرحلات الروحية,لإجتماعات الصلاة و درس الكتاب.لنضع هذه الزيارة نموذجاً لكل  لقاء نحضره لإسم و مجد المسيح.
 
-هذه الزيارة تعلمنا بعضاً عن العذراء.لنتأمل كيف أنها بمجرد أن صارت أم الله أسرعت للخدمة.لأن العذراء فى طبيعتها قبل البشارة كانت شخصية خاضعة وديعة خادمة مريحة حتى أن الملاك ناداها بأنها ممتلئة نعمة (قبل أن تنال البشارة) لكي نعرف أن إختيار الرب للعذراء له ما يبرره.كما أيضا نعرف ما رأى الثالوث القدوس في العذراء.حتى يبطل ألسنة كل من لا يطوبها.
 
- كما أن فرح العذراء بالبشارة تبلور في خدمتها لأليصابات.البشارة قادتها للخدمة لنتعلم كيف أن الفرح الروحي يقودنا لفضائل روحية .فالفضيلة تجلب فضيلة.
 
- بقاء المسيح في بيت زكريا الكاهن ثلاثة أشهر كانت إعدادا روحيا ليوحنا.فالذى يهييء للرب شعبا مستعدا لابد أن يكون هو مستعداً.إنه درس لأى رتبة عن ضرورة الإستعداد للخدمة.لولا إعداد الله ليوحنا ما صار أعظم من نبي.أى خدمة بدون تهيئة ستكون تعب ضائع بلا ثمر لأن القلب لم يتجهز لها كما ينبغي.لابد أن نفسح وقتاً نبقي فيه مع المسيح في بيتنا(فى القلب)  قبل أن نذهب خارجاً إلى برية هذا العالم لنشهد للمسيح.
 
- حديث أليصابات المباركة عن إمتلاء حشاها بالروح و إرتكاض الجنين بإبتهاج يعلمنا كيف أن التناول الدائم للأم الحامل له تأثير روحي على الجنين.و أن حياة الصلاة و الخشوع الروحي تنعكس بالسلام في فترة الحمل.فكلما إمتلأت الأم بما للروح القدس تغذى الجنين على نفس الروح.
 
-أن تصبح هذه الزيارة جزءاً من الوحي الإلهي في الإنجيل فهذا يعني أنها صارت تعليماً سمائياً.حدثاً مقدساً.عملاً تم بإرشاد الروح القدس.درساً مثمراً لا ينبغي أن يخفي عن البشرية.فلنتأمل كيف أن هذه الزيارة صارت مسجلة في السفر الأبدي لأنها منقادة بالروح القدس من أولها لآخرها.
 
- فى الكتاب المقدس كانت هناك مواقف إجتماعية قليلة تحولت بحضور المسيح إلى عمل خلاصى.منها كما فعل بزيارة العذراء لأليصابات و فى عرس قانا الجليل الذى صار بداءة الآيات التى صنعها يسوع.لكى نأخذ درساً أن الله يستخدم المناسبات الإجتماعية أيضا لمجد إسمه .فلنكن منتبهين أن المسيح حاضر معنا في أفراحنا و حفلاتنا و أعيادنا و زياراتنا و رحلاتنا و مكالماتنا  لتصبح لغة هذا اللقاء المقدس بين القديسين هي لغة كل لقاء لأولاد الله.لكي يستخدم كل شيء لخلاصنا و إعلان شخصه المبارك.فلا نشابه العالم عالمين أن كل الأحداث بالمسيح تصير لمجد كما قال المسيح للذين يزورون المحبوسين و المرضى و المحتاجين.بحضور الله  فيهم.
 
زيارة العذراء لأليصابات فيها الدروس النافعة الكثيرة.لأن خبايا عمل النعمة في العهد الجديد أعمق مما يأتي على فكرنا .فلنتعلم إذن كلمة الله بعمق طالبين منه دروس النعمة التى لا تتوقف حتى تأتي بثمر كثير.