ديڤيد ويصا
من وقت للتاني بتطلع عقيدة الاختيار كموضوع للمناقشة ..
وأقصد بيها (كما هو شائع عنها) عقيدة الاختيار "الكالڤينيَّة" ..
واللي بتقول ان كل الناس خطاة وهالكين بالطبيعة ..
لكن الله في نعمته اتدخَّل وخلَّص وغيَّر "بعض" الناس ..
عشان يقدروا يقبلوه ويخلصوا، وهُمَّا دول "المختارين"!
وتبتدي بعدها الصِّراعات والخناقات على فيسبوك ..
العقيدة نفسها مش موضوعي خالص ..
لكن "أخلاقيَّات" الاختلاف هي الموضوع الأهم ..
يمكن واحد من أشهر الوُعَّاظ والمُبشِّرين في التاريخ ..
واللي ميختِلِفش على تقواه ومحبّته للرب، اتنين ..
هو رجل الله "چون ويسلي"!
في واحدة من عظاته الشَّهيرة، بعنوان "النِّعمة المجَّانيَّة" ..
قال عن عقيدة الاختيار "الكالڤينيَّة":
"العقيدة دي بتضرب بعرض الحائط الإعلان المسيحي ككُلّ ..
بإنها بتخلّيه يناقض نفسه ... العقيدة دي مليانة تجديف ..
تجديف لدرجة اني مرعوب وانا بجيب سيرتها."
وقال كمان:
"العقيدة دي بتدمَّر كل صفات الله بضربة واحدة ..
بتدمَّر عدله ورحمته وحقُّه ..
لأنها بتصوَّر الله القدُّوس بصورة أسوأ من إبليس ..
بصورة أكثر زيفًا وقسوة وظلم، من إبليس."
--
على الرغم من الكلام القاسي ده، نلاحظ حاجتين:
الحاجة الأولى:
إن ويسلي مشتَمش ولا أهان "أشخاص" ..
لكنه كان موضوعي لأنه ناقش "الموضوع"!
الحاجة التانية:
إن محدِّش كفَّر ويسلي ولا اتَّهمُه بالهرطقة أو الارتداد ..
ولا حَدّ يقدر يشكِّك في إيمانه وتقواه ومسيحيِّته!
اللي واجِعني دلوقتي هو الفجوة الرهيبة بين "الأخلاقيّات المسيحيّة" ..
وأخلاق بعض من ينتموا للمسيحيّة، دلوقتي!
--
ليه مش قادرين نفرَّق بين ..
"العقائد الأساسيَّة" واللي معاها تقوم المسيحيَّة أو تسقط ..
و "العقائد الأخرى" اللي ممكن نختلف فيها، بدون تكفير أو هرطقة؟
ليه مبقاش عندنا ذوق في النِّقاش، زي اللي طلبه داود من الله ..
لما صلَّى وقال له: "ذوقًا صالحًا.. علِّمني، لأني بوصاياك آمنت" (مز٦٦:١١٩)؟
ليه ممكن نهين بعض ونخسر بعض، فيما "نعتقد" إنه "حق"؟
وهل "الحق" موجود عشان نحارب بيه بعض؟ ولا نبني بيه نفسنا وبعض؟
أشكر الله إن العهد الجديد مفيهوش ولا آية بتتكلِّم عن ..
"سيف" رفعُه المسيحيِّين في وش بعض بحجّة "الحق" ..
لأن لو ده حصَل، كان زمان "مسيحيٍّين كتير دلوقتي ..
ماسكين سلاح وبيقتلوا بعض، وبيرهبوا الناس ..
وهما في منتهى الراحة والتَّصالح مع النَّفس، بحجّة "قال الكتاب"!
معنديش مشكلة شخصية معاك في أي عقيدة تؤمن بيها ..
بس من فضلك راجع نفسك هل العقيدة دي بتقرّبَك من شخصية المسيح؟
هل الحق بيغيَّرَك للأفضل وبيغيَّر بيك اللي حواليك للأفضل؟
هل الحق موجود عشان بس نؤمن بيه (في دماغنا)؟
ولا عشان بعد الإيمان، يشكِّل قلوبنا عشان يخلِّينا شبَه المسيح؟
بصلّي لنفسي ولكل مسيحي، إن الله يفتح عينينا عليه هو أوَّلًا ..
عشان تكون كلمته نور وشهادة لشخصه، مش حجّة للابتعاد عن شخصه!
آمين!
ديڤيد ويصا